لم يفلح جهاز الموساد الإسرائيلي في إرباك الدولة المصرية أو فك شفرة اسباب الانسجام الوطني للشعب المصرى كى تحوله الي فرق متصارعة أو تجهيل الإنسان المصري عبر سنوات الصراع الطويلة بين العرب وإسرائيل .. قدر فلاح الفضائيات المصرية بمذيعيها في إنجاز تلك المهمة خلال الفترة القصيرة الماضية مستعينة بعدد شبه ثابت ممن نسميهم النخبة السياسية ومجموعة من الشباب الذى اعتبر نفسه يمثل الثوار والذي ولد وتربي في اجواء حديثة لم يتعلم فيها ادب الحوار ولا قيم المثل العليا، وانشغلوا جميعهم عن القضية الام وهي بناء مصر بقضية فرعية وهي التنافس في هدم الرئس المنتخب والهجوم علي جماعة الاخوان بلا ادنى حد من اخلاق أو ضمير..اذ ان ابسط مظاهر الخلق السياسي والضمير الوطني هو ان انتقد بقدر ماتقتضي الحاجة وان ابحث عن وسيلة اخلاقية للمعارضة من خلال تعميق قيم الديمقراطية واستخدام الادوات المعروفة عالميا في التثقيف الديمقراطي وكسب الجمهور من خلال الاقناع واثبات احقيتي بالحكم كمعارض وتدعيم ذلك بعرض ما أخفق فيه الرئيس الحالي ومدي قدرتي علي تحويل ذلك الاخفاق الي نجاح , ذلك في اطار دعمي له في بناء الدولة المصرية حتي يحين موعد الانتخابات القادمة التي اسعي من خلالها الي الفوز عبر صندوق الانتخابات, اما ان نستبدل ذلك الطريق باسلوب التحدى والهجوم والاستخفاف والتسفيه والشتائم والبلطجة واشاعة الفوضي والتحريض والدفاع عن مظاهر الفوضي, فهذا هو دور يمكن ان تقوم به اجهزة مخابرات معادية لمصر وليس اعلاماً وقوي وطنية مصرية. تلعب غالبية القنوات الفضائية المصرية أدواراً تثير التساؤلات في تلك السلسلة الشيطانية التي تعطل مسيرة الوطن وتقود الي هدم الدولة المصرية وهذا لاقدر الله سيكون الاهدار الحقيقي لدم الشهداء الذين ضحوا بارواحهم من اجل بناء دولة مصرية حديثه عادلة وليس من اجل الحصول علي تعويضات ماديه جعلها مذيعو تلك الفضائيات قميص عثمان الذي به يتاجرون وعندما لبس بعض هؤلاء المذيعون رداء الثورة وارادوا ان يغتسلوا من ذنوب إسهاماتهم في تكريس الفساد وتسمين أباطرته إبان الحكم السابق بما أفضى إلى حتمية دخول أي رئيس قادم بعد الثورة في مهمة انتحارية لمواجهة ذلك الفساد الذي لغم مفاصل الدولة وشوه الهوية المصرية بما لا يجعلها قادرة على تمييز الخبيث من الطيب. عندما لبس هؤلاء المذيعون مسوح الرهبان تمشياً مع الروح الجديدة التي دبت داخل الجسد المصري مع ظهيرة 25 يناير .. لم يكن ذلك رغبة منهم في تغيير الأوضاع الشائنة في بلدهم قدر ما هو طمعاً في الحفاظ على مراكزهم داخل الملعب لتحقيق الاهداف الشخصية دون النظر إلى نتيجة المباراة. ويوضح ذلك أي استعراض لبرامجهم منذ قيام الثورة وحتى الآن, كيف انهم حرصوا علي تكريس روح الهدم واليأس والفزع والفوضي.. ذلك على شاكلة ما رأيته بعيني (كشاهد عيان) صبيحة يوم الأربعاء الموافق 21/11/2012 في شارع محمد محمود ومحيط ميدان التحرير من تصرفات من قبل المتظاهرين يشيب لها الولدان .. معظمها إن لم يكن كلها يجافي أخلاق الثورة وضمير الوطنية .. ما رأيته من حرق وقذف للحجارة وقذف بالألفاظ .. ما رأيته من شرر وعنف في عيون المتظاهرين ..مارأيته من بلطجة.. لا يمكن أن يبني وطنا ولا يكمل مسار ثورة كانت نموذجاً في الزمن الحديث .. كما لا يجوز بأي حال أن تدافع عنه القنوات الفضائية بمذيعيها الذين جلست أمامهم في تلك الليلة وظنت أنهم رأوا ما رأيت وفاقوا من غيبوبتهم .. حتى يدافعوا أخيراً عما يمليه عليهم ضميرهم الوطني .. وإذا بي أرى كالعادة مذيعين يدافعون عن الهدم .. وفضائيات تقتات على الفوضى ..صحيح يشارك تلك الفضائيات كثير من الاحزاب والجرائد والكتاب الصحفيين نفس المنهج اللااخلاقي الا ان الفضائيات هي اخطر تلك السلسلة الشيطانية.. ثم تأتيهم فرصة ذهبية جديدة من خلال تبوء الرئيس محمد مرسي والاخوان المسلمين صدارة الحراك السياسى لتمكنهم من ضخ مزيد من الارباك داخل الدولة المصرية,التي ولدوا وتربوا في كنفها لمجرد كراهيتهم لهذا الفصيل من المصريين حتى تحول المشهد الإعلامي العام إلى عنصرية مجردة لم يعرفها الشعب المصري في تاريخه .. عنصرية تفوقت على عنصرية النازيين في ألمانيا .. إذ تحولت القضية المصرية في قنواتهم من قضية وطنية إلى قضية إخوانية يتم فيها التمييز علي اساس العقيدة .. وصارت مواد برامجهم توجه وتبني على اساس عنصري وليس أساسا وطنيا .. مواجهة الاخوان واهانة رئيس الدولة عبر أوكازيون الاهانات الفضائية أصبحت هي القضية الأكثر إلحاحاً من بناء مصر .. عبر فضائياتهم دخلت الشتائم إلى البيوت المصرية من ضيوف يعلمون سلفاً أنهم شتامون وتحيط بهم علامات الاستفهام أو نخب سياسية وغيرها تصرفت بشكل عنصري وليس وطنيا.. اذن الاهم هو هدم مرسى اما مصر فلها رب يبنيها. ذلك التمييز العنصري ظهر جليا في انتقاء ضيوف بعينها يسكبون الزيت في النار ويعزفون معهم علي وتر مشترك مادام النقاش يطال محمد مرسي والاخوان المسلمين .. وبعد ذلك هم يعيشون في وهم كبير يعتقدون من خلاله أنهم يؤدون دوراً مهنيا ووطنياً .. وهم في الحقيقة لايهدمون الدولة المصرية فحسب ويؤخرون نهضتها بل هم يكرسون الشقاق بين ابناء الشعب الواحد والمدهش انهم يحصلون بسبب ذلك علي مرتبات هائلة تمكنهم من العيش في عالم وهمي ليس له علاقة بواقع الانسان أو احتياجاته أو حكمه علي تلك القضايا التي يستضيفون دائما عددا محدودا من الناس للحكم عليها فى مشهد يبدو انهم اتفقوا عليه سلفا..لذا لزم من باب الحرص علي بناء الدولة المصرية التنبيه إلي مواقف تلك القنوات لعلها تعيد النظر في سياساتها بما يجعلنا نسترجع روح الثورة في أيامها الأولى .. تلك الأيام التي ثار فيها مصريون حملوا أرواحاً من السماء وأخلاقاً للبناء لوثها ودنسها تدخل الفضائيات بضعفها البشري ونزواتها المادية واهدافها الخاصة في ذلك المشهد السماوي..