أسفر فحص مشروع شرق العوينات من قبل خبراء الجهاز المركزي للمحاسبات عن أطنان من المخالفات والملاحظات التي لا يعرف مصيرها حتي الآن، والخوف أن تكون قد ألقيت في سراديب الوزارات والأجهزة الحكومية بعدما تم تقليم أظافر جهاز المحاسبات بنقل تبعيته من مجلس الشعب إلي رئاسة الجمهورية، فاختلط الحابل بالنابل، وأصبح يهتم بالبطالة والفقر بدلا من التركيز علي السرقة والنهب فانتشر الفساد في البر والبحر. نعم تعددت تقارير الجهاز حتي بلغت 1000 تقرير في الأونة الأخيرة ولكن من يحاسب من فالجهاز تابع للرئاسة والفساد يحتمي بالنظام وأراضي الشعب تباع قطاعي وجملة بلا حسيب ولا رقيب، وما يجري في شرق العوينات »المنسية« لا يقل بشاعة عما حدث في توشكي ليجد ثوار التحرير أنفسهم مجددا أمام تركة ثقيلة تتطلب اجراءات ثورية لتصحيح مسار جهاز التصرف في أراضي الدولة، واستقلال وتحصين جهاز »ديوان المحاسبة«. تكفيك إلقاء نظرة سريعة علي تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات بحوض مشروع شرق العوينات لتكتشف حجم الفوضي العارمة في توزيع أراضي الدولة، حيث عج التقرير بالملاحظات التالية: * بلغت صافي المساحة المسلمة للمستثمرين نحو 220 ألف فدان في حين لم يتم استصلاح سوي مساحة 49 ألف فدان بنسبة 22٪ فقط من المساحة المسلمة، علي الرغم من أن عقود البيع الابتدائية قد حددت فترة زمنية أقصاها ثلاث سنوات للانتهاء من استصلاح المساحات المتعاقد عليها. * لم تظهر الدفاتر المالية »حساب العملاء« رصيد للمديونيات المستحقة علي الشركات المباع لها الأراضي بمنطقة شرق العوينات، والأرقام المالية الواردة بالتقرير تعتمد علي ما ورد بملفات البيع. * لم يقدم لنا ما يفيد موقف القطعة رقم 19 والبالغ مساحتها نحو 10 آلاف فدان والجهة التي تم تخصيصها لها. * تم بيع القطعة رقم 9 بمساحة 10000 فدان بقيمة اجمالية قدرها 552500 جنيه للشركة المصرية الامريكية للتنمية الزراعية والعمرانية بعقد ابتدائي بتاريخ 1999/5/5، كما بيعت القطعة رقم 14 بمساحة 10000 فدان لشركة شرق العوينات للتنمية الزراعية بعقد بيع ابتدائي في 1999/4/20، وقد تبين قيام الشركتين بالتصرف في القطع المخصصة لهما لشخص سعودي الجنسية وذلك طبقا لتقرير المرور الذي تم للمساحات المخصصة للمستثمرين وأوضحه كتاب الإدارة المركزية لشئون المناطق بالهيئة من واقع مذكرة مقدمة من السيد المهندس رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف في 2005/4/13، كما تبين عدم التزام الشركتين بالانتهاء من استصلاح كامل المساحة المباعة لهما خلال الفترة الزمنية المقررة بالمخالفة للبند رقم 5 من عقد البيع الابتدائي، بالاضافة الي ان شركة شرق العوينات لم تقدم بسداد كامل قيمة المساحة المباعة حيث تبلغ اجمالي الأقساط المستحقة ولم تسدد نحو 427500 جنيه، وقد أفادت الهيئة بردها بأنه يتم التعامل مع الشركتين ولم يرد للهيئة ما يفيد التنازل والتفتت الهيئة عن تقرير المرور المشار إليه والذي تم بمعرفة المسئولين بالهيئة. * بيع القطعة رقم 11 بمساحة 10000 فدان لشركة الشمس لاستصلاح الأراضي بعقد بيع ابتدائي في تاريخ 1999/5/15، وقد تبين بالفحص عدم قيام الشركة المذكورة بسداد القسطين الثاني والثالث والمستحقين حتي 2001/6/18 بمبلغ إجمالي 285 ألف جنيه بخلاف غرامات التأخير، وعدم التزامها باستصلاح أية مساحة خلال الفترة الزمنية المقررة طبقا للبند الخامس من شروط عقد البيع الابتدائي. الأوقاف وسباق الفوضي * طالما باتت الفوضي وعدم الجدية هما شعار النظام السابق فما الذي يجعل هيئة الأوقاف المصرية ان تلتزم، وما جدوي هذا الالتزام في عهد فوضوي؟ هذا ما تنطق به حروف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يكشف عن أن القطعتين 8 و12 بمساحة 20 ألف فدان بيعتا لهيئة الأوقاف المصرية بموافقة السيد المهندس نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة واستصلاح الأراضي في 1998/6/30 وقد تبين الآتي: - ان مجلس الوزراء في تاريخ 1997/5/12 قرر أن يخصص للمستثمر أحد المربعات بالخريطة والبالغ مساحتها 24 ألف فدان ويباع له عشرة آلاف فدان والباقي يمثل صمام أمان لطاقة الخزان الجوفي، في حين تبين تسليم هيئة الأوقاف مساحة 20 ألف فدان. - لم يتم تحرير عقد بيع ابتدائي مع هيئة الأوقاف المصرية. - تم سداد 250 ألف جنيه بالشيك رقم 1103195 في 1998/7/11 يمثل 25٪ من قيمة الأرض فقط دون سداد باقي قيمة المساحة والتي تبلغ نحو 750 ألف جنيه حتي تاريخه »قيمة الأرض لا تتضمن فائدة التقسيط«. مال سايب لم يكن حظ القطعة رقم 4 بمساحة 10000 فدان والتي بيعت لشركة »ريجوا الخريف للاستثمار الزراعي« »رخاء« بعقد بيع ابتدائي في 1999/4/20 أفضل حظاً من باقي أراضي المنطقة ومصر، حيث تبين للجهاز المركزي للمحاسبات انه علي الرغم من قرار مجلس الوزراء في 1997/9/21 بأن يكون التصرف للشركات التي يقل نسبة مساهمة المصريين فيها عن 51٪ بالتأجير علي أن تتولي الدولة توفير البنية القومية والمتمثلة في المصدر الرئيسي لمياه الري ومصدر الطاقة والطرق العمومية.. إلا أنه تبين بيع مساحة 10 آلاف فدان لشركة ريجوا الخريف للاستثمار الزراعي رغم ان نسبة مساهمة المصريين فيها تبلغ 30٪ فقط والباقي مناصفة بين شركة الخريف »سعودي« وشركة فارم تك »سويسري«. هذا بخلاف عدم التزام الشركة بسداد القسط الثالث والمستحق في 2002/4/21 بمبلغ 142500 جنيه، كما ان الشركة لم تقم باستصلاح سوي مساحة 600 فدان فقط طبقا لتقرير المنطقة في 2006/4/30 بالمخالفة للبند رقم 5 من عقد البيع الابتدائي. مخالفات جملة وقطاعي نظرا لتعدد المخالفات وكثرة الملاحظات التي أرهقت خبراء الجهاز المركزي للمحاسبات اقتصروا علي مطالبة يائسة من الحكومة بموافاتهم بالاجراءات القانونية المتخذة ضد كل من: - شركة قطا لاستصلاح واستزراع الأراضي والمباع لها القطعة رقم 16 بمساحة 10 آلاف فدان بموجب عقد ابتدائي في 2001/9/24 لعدم التزام الشركة بسداد الأقساط المستحقة وآخرها القسط الثالث المستحق في 2001/10/17 والبالغ قيمتها نحو 285 ألف جنيه، وكذا عدم التزامها باستصلاح أية مساحة خلال الفترة الزمنية المقررة طبقا للبند الخامس من شروط عقد البيع الابتدائي. - شركة أبناء الواحة للاستصلاح واستزراع الأراضي والمخصص لها القطعة رقم 20 بمساحة تبلغ 10000 فدان والتي تبين عدم التزامها بسداد جميع الأقساط المستحقة وآخرها »القسط الثالث المستحق في 2004/2/1« والبالغ قيمتها 427500 جنيه، وعدم التزامها بالانتهاء من استصلاح كامل المساحة المباعة لها خلال الفترة الزمنية المقررة، حيث انه لم يتم استصلاح سوي مساحة 240 فدانا من اجمالي المساحة المباعة والبالغة 10 آلاف فدان. - الشركة المصرية لإنتاج وتسويق وتصدير الحاصلات الزراعية »البورصة الزراعية« شركة مساهمة مصرية »اميباك« التي حصلت علي 40 ألف فدان وقد تبين الآتي: - تم تخصيص القطع أرقام 1 و2و 3 بموجب عقد بيع ابتدائي في 1999/4/19 وكذا القطعة رقم 10 بموجب عقد بيع ابتدائي في 1999/6/8 للشركة بصافي مساحة تبلغ 40 ألف فدان باجمالي قيمة بيعية تبلغ 2.210 مليون جنيه بالمخالفة لما قرره مجلس الوزراء في تاريخ 1997/5/12 بتخصيص مساحة 24 ألف فدان لكل مستثمر يباع له عشرة آلاف فدان منها والباقي يمثل صمام أمان لطاقة الخزان الجوفي. - قامت الشركة المذكورة بسداد مبلغ 1.500 مليون جنيه حتي 2001/6/25 في حين تبلغ قيمة الاقساط المستحقة ولم يتم سدادها نحو 710 آلاف جنيه بخلاف قيمة غرامات التأخير، ووافق الدكتور نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق في 2003/9/28 علي ان تحل وحدة الخدمات البستانية في القطع أرقام 1 و2و 3والبالغ صافي مساحتها 30 ألف فدان علي ان تقوم وحدة الخدمات البستانية بسداد كل ما علي الشركة المذكورة من التزامات. وحيث انه تم إلغاء وحدة الخدمات البستانية بمركز البحوث الزراعية وزير الزراعة رقم 2400 لسنة 2004 والذي تضمن بمادته الأولي »إلغاء وحدة الخدمات الببستانية الصادر بشأنها القرار الوزاري رقم 1621 لسنة 1991 المشار إليه وإلغاء جميع القرارات الوزارية بنقل تبعية بعض الجهات أو الأصول الإنتاجية إلي الوحدة المذكورة وتعاد تبعيتها إلي الجهات التي كانت تتبعها أصلا، لم تقم الشركة باستصلاح سوي مساحة 10460 فدانا تم زراعة 7570 فدانا فقط بالمخالفة للبند الخامس من عقد البيع الابتدائي والذي يلزم المشتري بالانتهاء من أعمال الاستصلاح لجميع المساحات المباعة له. لغز القطعة 18 تم تسليم القطعة رقم 18 والبالغ صافي مساحتها 10 آلاف فدان للشركة المصرية الأمريكية لاستصلاح الأراضي بالساحل الشمالي بمحضر تسليم في 1998/10/1 وقد تبين للجهاز المركزي للمحاسبات الآتي: - عدم استصلاح الشركة لأية مساحة بالمخالفة للبند الخامس من شروط عقد البيع الابتدائي والذي يقضي بتعهد المشتري بالانتهاء من أعمال الاستصلاح لكافة المساحة المباعة له خلال فترة زمنية مدتها ثلاث سنوات أو يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه. - قامت الهيئة بإلغاء تخصيص القطعة رقم 18 وسحبها بتاريخ 2000/5/26، كما وافقت اللجنة الوزارية للمشروعات القومية الكبري في اجتماعها المنعقد في 2000/9/30 علي تسليم المساحة لشركة انترناشيونال، في حين جاء برد الهيئة بأنه تم تخصيص القطعة 18 لشركة السنيورة. لم يقف الأمر عند هذا التخبط والارتجالية في التخصيص، فاللجنة الوزارية تخصص القطعة لمن تشاء والهيئة تخصص نفس القطعة لمن تريد، والنتيجة أن الجهاز المركزي للمحاسبات لم يعرف مصير هذه القطعة حتي كتابة تقريره الذي لا يعرف أحد نصيبه هو الآخر من التنفيذ، حيث ذيل الجهاز تقريره بعبارة »لم يقدم لنا ما يفيد تنفيذ هذه القرارات ويتعين بحث أسباب ذلك والإفادة«.