قامت ثورة 25 يناير.. وجاء الحق وزهق الباطل.. وجفت الأقلام وطويت الصحف، وهل يوم الوعيد ببشارة مستقبل جديد، فأعلن المتحولون من الشماشرجية والخدم في بلاط صاحبة الجلالة والإعلام عن أنفسهم خدماً للنظام الجديد بإجادة المشي علي الحبل ووجوه لا تعرف الخجل، وأقلام اعتادت علي دق الطبل والأكل علي كل الموائد ولبس الأقنعة التي تبكي وتهرج وتخفي ما في الصدور. بل ذهب خيال بعضهم أنهم مفجرو الثرة ليهيلوا التراب علي عصرهم الغابر متبرئين من كل فعل غادر، رافعين شعارات براقة عن النضال والشرف، مع أنهم بالأمس القريب كانوا يكيلون عبارات المديح والثناء ل «مبارك» ونظامه، وأسبغوا عليه صفات الذكاء والزعامة والحكمة والبطولة، وبعضهم قد عاينتهم العيون وشاهدهم الشهود معتصمين في ميدان «مصطفي محمود» وما أدراك ما ميدان «محمود» طبعاً الفلول والحمير والبغال والجمال ولكنهم اعتادوا علي تحريف الكلم عن مواضعه. بأقلام ما أنزل الله بها من سلطان وأحبار تتلون بكل الألوان لأنها من نوعية: قلم مالوش طعم، قلم حبره سم، قلم يشاورلك بالوسطي، قلم يكتب بالواسطة، قلم يسرق أفكارك ويشفي مقالاتك ويمصمص فقراتك ويقولك: أعلي ما في خيلك اركبه ده أنا مسنود وفي الحيطة أفوت وبشرب عصير التوت، وقلم يشعللها ولو حاول يطفيها يغرقها، قلم مبرراتي وقلم مشهلاتي، أقلام تنافق وأقلام ترافق، أقلام جايه وأقلام رايحة، وأقلام ريحتها فاحت، أقلام تثير الغرائز وأقلام تثير الفتن، وأقلام تسيل اللعاب وترميه في وشها، قلم يقبل الفتات وقلم زمنه عدي وفات، قلم مالوش ملامح وفي خلق الله طايح، أقلام تهتف وأقلام تعوي وأقلام تنعق كالغربان، أقلام تغير جلدها، وأقلام تدهن وشها، أقلام للهمبكة وأقلام متشعبطة، أقلام اختفت في الأزمة، وأقلام كتبت بالجزمة، أقلام تركب الموجة، وأقلام تسرق الموجة، وأقلام تتسلق وأقلام تتشدق وأقلام تحزق وأقلام تسعل، وأقلام تهر، وأقلام تهبش وأقلام تخربش، وأقلام تعض، وأقلام تدادي، وأقلام تطاطي، وأقلام سقفها واطي. قلم بلا هيبة، وقلم عليه الوكسة والخيبة، أقلام شاخت وأقلام باخت، وأقلام بضاعتها بارت، أقلام لا تهش ولا تنش وصوتها فرقعة من الهنش، أقلام لا بتشعر ولا بتحس ووقت الجد تخاف وتكش، أقلام لا تحل ولا تربط وأقلام تضبط وتربط «من تحت لتحت» وأقلام خافت وهربت، وأقلام توارت وارتعشت، أقلام بجحة، وأقلام كالحة، أقلام متايسة، وأقلام مهنجة، أقلام تبزنس، وأقلام تهلس، وأقلام تعس، وأقلام تهيؤات، وأقلام تخصصات، وأقلام تخصص بيزنس، وأقلام تخصص جنس، وأقلام تخصص نفط، وأقلام تخصص زقت، وأقلام تخصص فتنة، وأقلام تخصص فتة، وأقلام تخصص ثورة، وأقلام تخصص عورة، وأقلام متصهينة وأقلام متأمركة، وأقلام جاهزة للفبركة، وأقلام تتبع الدولار، وأقلام تتبع الدينار، أقلام مفلسة من الأفكار، وأقلام مصابة بالسعار، أقلام تتسك علي القفا، وأقلام تغدر لو حست بالدفا، وأقلام تتاجر بالشرف مع أنها مهتوكة الشرف وتصيب من يقرأ لها بالقرف، ولابد أن تتوضأ بعدما تقرأ لها. وبالطبع هذه الأقلام لم ولن تحلق في الفضاء، ولكن ننتظر لها حكم القضاء.