كانت الأحداث الأخيرة في مصر مؤسفة ومحزنة ومؤلمة جداً تلك التي جرت مؤخراً وتحديداً بعد الإعلان الدستوري المؤقت للرئيس المصري "المنتخب" محمد مرسي والتي كتب عنها الكثيرون وتحدث فيها الكثيرون بل وتقاتل من أجلها المصريون ممن لا يريدون لمصر خيراً أبداً عندما رأوا في مصر "الجديدة" بعد اندلاع الثورة الشعبية المباركة فيها على الطغاة وعلى الظلم والفساد..رأوا فيها زوال مصالحهم التي كانوا يسرقونها وينهبونها من ثروات وخير مصر ومن جيب الشعب المصري "المسلم الأصيل"..بل ورأى فيها أعداؤها كذلك بداية انتفاضة إسلامية ونهضة حضارية تقودها مصر الجديدة التي انتخبت رئيساً شرعياً "لأول مرة" دون أن يتنازل هو أو شعبه عن دينهم ومبادئهم وقيمهم ودون أن يتبرأوا من إخوانهم في فلسطين ودون أن يطأطئ رأسه لليهود ويكون ذراعهم الممتدة على أبناء الأمة الإسلامية ودون أن يكون معول هدم يستخدمه الأمريكان لتنفيذ مخططاتهم ومؤامراتهم على الوطن العربي والعالم الإسلامي. لقد نزل "الغوغائيون" و "الظلاميون" و "الفوضويون" و "الهمجيون" و "المخرّبون" إلى شوارع مصر الجديدة كلياً بعد الثورة برئيسها الذي افتخر واستبشر به العالم الإسلامي بأكمله وبشعبها الثائر على الظلم والفساد والراغب في العودة إلى أمته والتمسك بدينه من جديد، نزلوا فعاثوا فيها فساداً وتخريباً وإزهاقاً لمزيد من أرواح الأبرياء من المصريين، خرجوا لا ليعلنوا عن رفضهم لقرارات الرئيس أو لإعلانه الدستوري وإنما لحاجة خبيثة في نفوسهم الدنيئة التي لا تريد للإسلام ولا للإسلاميين أن يحكموا مصر فيعيدوها إلى أمتها وإلى نصرة قضاياها العادلة في فلسطين وغيرها من قضايا المسلمين، نزلوا لا ليرفضوا قرارات الرئيس المصري بل ليرفضوا الرئيس المنتخب شخصياً ولسان حالهم يقول يريدون الإعلان الدستوري وغيره من قرارات الرئيس محمد مرسي ذريعة و "مسمار جحا" ليعاودوا الذهاب والمجيء والصيد في الماء العكر على كل صغيرة وكبيرة يقوم بها الرئيس أو جماعة الإخوان المسلمين، ولقد سألت أحد المصريين مؤخراً ممن خُدعوا بهذه الفوضى والمظاهرات الأخيرة على الرئيس محمد مرسي، وقلت له بصراحة: هل تتوقع بأنه لو لم يصدر الرئيس قراره الدستوري الأخير..هل تتوقع بأن أعداء مصر في الداخل والخارج سيدعونه وشأنه أم أنهم سيبحثون عن مبررات وأسباب أخرى لمعارضته؟ فأجابني بصدق: "لا..لن يدعوه وشأنه"، وهذا شأن كل من اختار طريق الإسلام نهجاً للحكم، ولنا في تجربة الإسلاميين في الجزائر وتركيا وغزة تجارب واضحة تؤكد محاربة أعداء الأمة لكل من يقترب من نظام الحكم ويرغب في تغيير الواقع المرير الذي تعيشه أمتنا أو يرغب بإحداث نهضة وتنمية في وطنه أو يرغب في إحداث ثورة على الظلم والفساد فإن "أدعياء الديمقراطية" سينقلبون عليه كما انقلبوا على الديمقراطية نفسها عندما أوصلت الإسلاميين للحكم. ولا نزعم طبعاً بأن كل من تظاهر في مصر مؤخراً هم من أولئك الذين وصفناهم سلفاً بتلك الأوصاف لأنه كان من بينهم جزء بسيط من الشعب المصري من المخدوعين بتلك الافتراءات فهي ليست ب"حق أريد به باطل" وإنما "باطلٌ أريد به باطلٌ أكبر منه" فهؤلاء قد خدعهم زعماء "التخريب والفساد" واستغلوا حب المصريين لمصر ووطنيتهم لها وطيبة أهلها فصدّقوا تلك الاتهامات وانساقوا وراءها، تماماً كما فعل النظام السابق عندما أخذ يشوّه في صورة المتديّنين والملتزمين وأظهرهم في أبشع وأقبح صورة كما صوّرهم عادل إمام وأمثاله في معظم أفلامهم بأن الإسلاميين "مرتشون وكاذبون وإرهابيون ومتعطشون للدماء ويلهثون وراء النساء!!" بينما الواقع يثبت بأن أهل الفن والعفن الذي يمثلهم عادل إمام و "أشكاله" هم الذين يتصفون بذلك كلّه، لذلك فلا عجب أن ينزل إلى الشارع ضدّ الرئيس محمد مرسي بعض الفنانات جنباً إلى جنب "أدعياء الوطنية" الزائفون لأن كلا الطرفين يزعم بأنه "شريف عفيف"!! تجمّع محمد البرادعي وعمرو موسى مع حمدين صبّاحي وأيمن نور وغيرهم من زعماء التخريب بعد أن أوعزت أمريكا للأول وإسرائيل للثاني بالتحرّك لنصرتهما لا للدفاع عن الدستور "ولاهم يحزنون" وفضح الله أمر هذين الاثنين بالكثير من الشكوك التي تؤكد تورّطهما باتصالات خارجية مع أمريكا وإسرائيل اللتين لم تصدقا أن مصر قد ضاعت من يديهما بعد أن كانت "حمامة سلام" في عهد المستسلمين المنهزمين من أمثال حسني مبارك وأنور السادات وغيرهم، وبعد أن انتفضت مصر الحرّة المسلمة في وجه كل اتفاقيات الغاز والسلام مع إسرائيل أو اتفاقيات المساعدات والمعونات الأمريكية المهينة لكرامة مصر العزيزة التي أعزّها الله من بين الدول وذكر اسمها في كتابه الكريم. لقد هزّت مصر في فترة حكم محمد مرسي القصيرة حتى الآن والتي لم تتجاوز العام.. هزّت وزلزلت عرش إسرائيل الجاثمة فوق أرض فلسطين عندما وقفت وساندت إخوتها في غزّة ونصرتهم بشكل لم يسبق له مثيل فأصدر الرئيس محمد مرسي قراراته بفتح معبر رفح بشكل دائم ومتواصل، إن هذه الوقفة البسيطة من مصر جعلت أهل غزّة يشعرون بالأمن والاعتزاز فاستمدّت حركة حماس من تلك الروح الجديدة حماساً فوق حماسها وعزيمة على تحقيق النصر، فكيف إذا فعلت مصر أكثر من ذلك؟ وكيف إذا تحرّك الجيش المصري لنصرة ودعم إخوته في فلسطين؟، لاشك إن هذا المشهد المرعب قد تخيّله الإسرائيليون مباشرة بعد هدنة النصر مع حماس بل واستحضر حاخاماتهم صورة شجر الغرقد الذي يحتمي خلفه اليهود خوفاً من قتل المسلمين لهم، فهم يدركون حقيقة ذلك جيّداً لأنهم عرفوا الحق ولم يتبعوه استكباراً وغرورا. ينبغي على المصريين الذين انخدعوا بتلك الزعامات المفسدة أن يدركوا أن هدف أولئك هو عودة مصر إلى سابق عهدها في الفساد والقهر والاستبداد وسابق عهدها في الذلّ والهوان مع أعداء الأمة، فعليهم أن يعرفوا حقيقة محمد البرادعي وعمرو موسى وغيرهما من زعماء الخيانة والتواطؤ والهزيمة، وأن يتحاكموا إلى شرع الله وسنة رسوله قبل أن يتحاكموا إلى العقل، لأن في حكم الله وهدي رسوله تمام العقل وكماله، فوالله الذي لا إله إلا هو إن هؤلاء لايريدون إلا "الإفساد" ما استطاعوا، ووالله الذي لا إله إلا هو إنهم سيخرجون عليكم في كل مرّة بأسباب وأعذار أخرى تستهدف الفوضى لاغير، فعلى المصريين أن ينظروا في أفعال الرئيس محمد مرسي وإنجازاته التنموية والنهضوية في هذه الفترة الوجيزة، وأن يمدوا له يد التعاون والحب والإخاء وأن يثبطوا كل جهد يفسد تجربتهم وثورتهم العظيمة.. ولا نملك إلا أن ندعو لهم في ظهر الغيب (رب اجعل مصر بلداً آمنا وسائر بلاد المسلمين) ولا نملك إلا أن نقول لهم كما قال يوسف عليه السلام لأبويه وإخوته: أيها المصريون..(ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)..في ظل حكم الرئيس محمد مرسي وإخوانه من رجال مصر المؤمنين..والله خير الحافظين. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية