قالت مجلة "تايم "الامريكية إنه فى الوقت الذى تعترف فيه واشنطن بالمعارضة السورية كممثل للشعب السورى، تضع تنظيم "جبهة النصرة" التابع للقاعدة فى سوريا على قائمة المنظمات الإرهابية. وأوضحت المجلة أن هذه الخطوة من جانب الادارة الامريكية تعتبر تطورا مهما سينعكس على الوضع الميدانى فى سوريا ويربك الاوضاع . فهذا التنظيم يقاتل بشراسة ضد قوات الرئيس السورى "بشار الاسد" خصوصا فى حلب. ورغم أنهم أقلية داخل صفوف المقاتلين المتمردين الذين يمثلون العديد من الطوائف والجماعات الاسلامية المتنوعة. إلا ان عناصر جبهة النصرة يتفانون فى القتال ودائما لديهم الرغبة فى الاضطلاع بدور قيادي في حالات القتال الصعب. ويهدف قرار الولاياتالمتحدة لعزل المتطرفين بعيدا عن عناصر التمرد الأخرى فى محاولة خنق الدعم الخارجي، والبعض منه قد يكون قادما من الدول الحليفة مع واشنطن، مثل قطر والمملكة العربية السعودية، كما ان وجود جبهة النصرة يمنع العديد من الدول الغربية من تقديم الدعم لجماعات التمرد الاخرى، كما أن قادة المتمردين الآخرين على الأرض يوجهون انتقادات لهؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم اسم "الجهاديين"، ومع ذلك، أثبت هؤلاء وجودهم ليكونوا شركاء في القتال على الرغم من اعتناقهم لفكر يرفضه معظم السوريين، كما وقف هذا التنظيم حائل أمام رغبة الولاياتالمتحدة فى تسليح المعارضة السورية. والواقع أن قادة حتى من المعارضة المعتدلة المدعومة من الولاياتالمتحدة، حثوا واشنطن على تأجيل قرارها بوضع جبهة النصرة على قائمة المنظمات الارهابية، بحجة تم تأمين المواقع التى تحتلها "الجبهة" حاليا وكذلك ما لديها من قدرات مالية وعسكرية والعمل على وضع تدابير لمواجهة نفوذها من خلال توفير مصادر بديلة للتمويل والأسلحة للمواجهات التى تدور على أرض الواقع. وقالت المجلة إن قادة المتمردين اجتمعوا في نهاية الأسبوع الماضي في تركيا، مع مسؤولين غربيين وعرب، لتشكيل هيكل قيادة عسكرية موحدة ترتبط مع الائتلاف الوطني المدعوم من الغرب والذى تم تشكيله في قطر في اكتوبر الماضى، واكد هؤلاء القادة خلال الاجتماع انهم لا يؤيدون قرار امريكا تجاه "جبهة النصرة"، وحاول بعض الحاضرين في الاجتماع التأكيد على أن انهم يتوقعون ان يكون توحيد قرارهم تحت رعاية التحالف سببا لقيام المجتمع الدولى بإمدادهم بشحنات مضادة للدبابات والأسلحة المضادة للطائرات ,واشارت المجلة الى ان جبهة النصرة لم تدع الى هذا الاجتماع. ونسبت المجلة الى "عبد الجبار العقيدى" احد القادة العسكريين البارزين فى المعارضة قوله : " أن جبهة النصرة لديهم قادتهم وبنيتهم الخاصة، التي تحارب جنبا الى جنب مع الجيش السوري الحر"، واضاف :" لقد رأينا منهم الأشياء الجيدة فقط، كما أنهم مقاتلون جيدون,." واوضحت المجلة ان تحرك واشنطن ضد تنظيم القاعدة هو خط استراتيجى ، ولكنه لا يعنى بأي حال من الأحوال سوى الميليشيات المتطرفة فقط في التمرد السوري. وتسعى واشنطن وحلفائها الى تشكيل قيادة مقبولة وقادرة على التنوع وتضم مجموعة من القيادات المحلية ولجان التنسيق المدنية التي تشكل التمرد، ولهذا الغرض، أشرفت الحكومات الغربية والعربية في على تشكيل التحالف المعارض فى قطر في أكتوبر الماضى ، والذي اعترف به عدد من دول اوروبا والخليج العربي بأنه "الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري" ، وباعتباره حكومة انتقالية يمكن أن توجد إطارا لتقديم الدعم الاقتصادي والدبلوماسي وحتى العسكري. وتأخرت الولاياتالمتحدة، التي كانت أكثر حذرا، فى الاعتراف بهذا التحالف حتى يوم الاثنين الماضى، كما عقد ما يسمى "أصدقاء سوريا" اجتماعا فى مراكش بالمغرب أمس لبحث سبل تقديم مزيد من الدعم للمعارضة ، وعلى الرغم من أن إدارة "أوباما" لم توفر حتى الآن الدعم العسكري الكاف للتمرد، إلا ان حلفائها العرب قدموا أسلحة عادية واموال ، وتدرس فرنسا وبريطانيا رفع حظر الأسلحة على سوريا، للسماح لهم بتقديم مساعدات عسكرية للمتمردين. ويسعى الغرب الى تمكين الائتلاف الوطني السوري من بسط سلطته على أرض الواقع من خلال جعله عنوان وحيد للشؤون الخارجية والمساعدات العسكرية والاقتصادية، ويقول قادة التحالف :" ليس هناك حاجة للتدخل الغربي لإنشاء منطقة حظر جوي، بل يمكن أن نفعل ذلك بأنفسنا إذا قام الداعمون الأجانب بتزويد المعارضة بصواريخ ارض -جو ". وراهن الغرب وحلفائه العرب على اضعاف قوة الجيش السورى من خلال تزويد المعارضة بالسلاح ، إلا أن التحدى الاكبر يتمثل في إقناع هذه الميليشيات المعارضة بقبول القيادة السياسية للتحالف الذى اسس فى الدوحة والمدعوم من الغرب . "والحقيقة هي أن هؤلاء المنشقين في المنفى لهم تأثير طفيف جدا على الانتفاضةفى الداخل "، وكتب "آرون لوند"، المحلل المختص بشئون سوريا في المعهد السويدي للشؤون الدولية والذي درس انتشار الجماعات الإسلامية في هذا الصراع: " " أنه مع انزلاق سوريا الى حالة الحرب الأهلية منذ عام تقريبا، جنحت قيادة المعارضة المقاتلة بعيدا عن السياسيين والدبلوماسيين، واصبح زعماء العصابات هم الذين يتحكمون فى المشهد ، وانزلق طابع الانتفاضة الى الطائفية المتزايد يوما بعد يوم ، في حين قد يكون هناك تمثيل رمزي للمسيحيين والعلويين والدروز في صفوف المعارضة في المنفى ، وتسيطر الاغلبية السنية على المعارضة. ويسعى الغرب الى توجيه التمرد بعيدا عن الميول الطائفية والمتطرفة ، ولذلك تعمل امريكا على عزل منظمات مثل جبهة النصرة وغيرها من الجماعات المتطرفة الاخرى والتحكم فى امدادات السلاح ، وغيرها من المساعدات لتأمين مرحلة ما بعد رحيل النظام . ولكن هناك تحديات كثيرة تواجه احلام الغرب فى سوريا ، ومع ذلك فإن الكل يبحث عن الخيار الأقل سوءا.