شهدت الساعات الماضية حلقة جديدة من مسلسل التخبط فى مؤسسة الرئاسة واستمرار صدور القرارات الجمهورية والغائها. فبعد ساعات قليلة من نشر القرارات الجمهورية الجديدة بزيادة اسعار حوالى 50 سلعة وضريبة فى الجريدة الرسمية لتصبح سارية المفعول اعتبارا من امس , تراجعت مؤسسة الرئاسة فى الفجر وأعلنت وقف سريان القرارات الجمهورية وتكليف الحكومة بإجراء حوار مجتمعى حولها لكن جاء ذلك بعد أن «نفذ السهم» بالفعل وقام التجار بزيادة السلع، ولن يتراجعوا عن الزيادة حتي بعد تراجع الرئيس.! كانت القرارات الجمهورية - التى لها قوة القانون – بزيادة الاسعار قد صدرت فى 6 ديسمبر الحالى استجابة لضغوط صندوق النقد الدولي وشروطه لمنح الحكومة قرض ال4.8 مليار دولار، وتم نشرها فى الجريدة الرسمية امس الاول. واثارت قرارات زيادة الاسعار حالة واسعة من الغضب الشعبى وصلت الى داخل حزب الحرية والعدالة الذى ينتمى اليه رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى. وحاول الصحفيون فى رئاسة الجمهورية الاستفسار عن هذه القرارات الجمهورية الجديدة وفوجئوا بنفى واسع لها رغم نشرها فى الصحيفة الرسمية لتصبح سارية المفعول اعتبارا من امس. واستمرت حالة الغليان فى الشارع وقام العديد من الناشطين بترديد الهتافات ضد قرارات زيادة الاسعار فى المسيرات الليلية مساء امس الاول المعارضة لمشروع الدستور الجديد التى توجهت الى قصر الاتحادية. ونفى العديد من قادة حزب الحرية والعدالة رفع الاسعار وصدور قرارات جمهورية بهذا الشأن! وبعد ساعات قليلة اعلن حزب الحرية والعدالة فى بيان رسمى رفضه لقرارات مرسى الجمهورية بزيادة الاسعار. وطالب الحزب، في بيانه بعد منتصف ليل الأحد، الدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة بوقف هذه القرارات، لحين عرضه على مجلس النواب بعد انتخابه . واكد بيان حزب الحرية والعدالة إنه فوجئ بما تداولته وسائل الإعلام عن قرارات تضمنت رفع الضرائب علي بعض السلع والخدمات، وكذلك بعض شرائح ضرائب الدخل والعقارات. وفى الساعات الاولى من فجر امس اصدرت رئاسة الجمهورية بيانا مقتضباحيث اعلن قرار رئيس الجمهورية وقف سريان قرارات زيادة الاسعار التى جاءت قبل 5 ايام فقط من اجراء الاستفتاء على مشروع الدستور الذى يلاقى رفضا شعبيا واسعا مما يهدد محاولات مرسى لاقناع الشعب بالتصويت بنعم على الدستور. وقال البيان الذى نشرته الصفحة الرسمية للرئيس محمد مرسى على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك فى الساعه الثانية والنصف فجرا : «إن رئيس الجمهورية وهو يستشعر نبض الشارع المصري ويدرك مدي ما يتحمله المواطن المصري المكافح من أعباء في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة، قد تابع ما ترتب على اصدار قرارات تتضمن رفع الضرائب على بعض السلع والخدمات من ردود فعل ناشئة عن التخوف من أن يؤدي تطبيق هذه القرارات إلى ارتفاع في الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة على المواطنين ولما كان السيد الرئيس لا يقبل أن يتحمل المواطن المصري أي عبء إضافي إلا باختياره ورضاه، فقد قرر سيادته وقف سريان هذه القرارات وكلف الحكومة بأن تجري حولها نقاشا مجتمعيا علنيا يتولاه الخبراء المتخصصون حتى يتضح مدي تمتعه بقبول الرأي العام ، وسيبقى الشعب دائما هو صاحب الصوت الأعلى والقرار الاخير». وأرجعت مصادر داخل جماعة الاخوان صدور قرار التراجع عن زيادة الاسعار بعد تلقى تقارير من مختلف المحافظات بحالة الغليان الشعبى التى ستزيد من نسب رفض مشروع الدستور الجديد وتهدد فرص مرشحى الجماعة فى انتخابات مجلس الشعب القادمة. اكدت المصادر قيام قيادات رفيعة بالاتصال بمرسى وابلاغه بضرورة سحب قرارات زيادة الاسعار. وتم اجراء مشاورات سريعة مع بعض المقربين من الرئيس انتهت بإعلان البيان الرئاسى فجرا لتهدئة الشارع لحين انتهاء الاستفتاء على الدستور وانتخابات مجلس الشعب. واشارت المصادر الى ان القرار الرئاسى بوقف سريان قرارات الزيادة لايعنى إلغاءها. واشارت مصادر قانونية الى أن القرارات الجمهورية هى قوانين بمراسيم، ولا يجوز الغاء قانون صدر بالفعل إلا بقانون وليس بيانا. كان الرئيس قد أقر بصفته ممثلا للسلطة التشريعية تعديلات على قانون ضرائب الدخل والمبيعات والدمغة والعقارات والضرائب النوعية، وقالت مصادر حكومية إنها تأتي ضمن التزامات حكومية ببرنامج إصلاحي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي لاقتراض 4.8 مليار دولار. ونشرت الجريدة الرسمية، الأحد، القانون رقم 102 لسنة 2012، الخاص بتعديل القانون رقم 11 لسنة 91، بشأن تعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات. وحذر الدكتور جابر نصار أستاذ القانون الدستوري ،فى تصريحات صحفية من أن الرئيس مرسي يخدع الجميع، مشيرا إلى أن قرارات زيادة الاسعار صدرت بتاريخ قديم، يوم 6 ديسمبر، وقبل إلغاء الإعلان الدستوري بيومين.واضاف: «القرارات لا يجوز الطعن عليها أمام أي جهة قضائية، لأنه صدر أثناء العمل بالإعلان الدستوري السابق، الذي يحصن قرارات الرئيس من الطعن عليها طبقا للمادة الأخيرة منه، إضافة إلى أن الإعلان الدستوري الجديد، اشترط عدم تعديل أي قرار ترتب على الإعلان الدستوري الذي سبقه».