سقط قناع الاستقلال الذى كانا يرتد المستشاران أحمد ومحمود مكى بعد أن وصلا إلى السلطة وظهر الوجه الحقيقى لهما الذى لا يختلف كثيرا عن قضاة مبارك والنظام السابق وهما الآن من قضاة الرئيس مرسى الذين يأتمرون بأمره ويسيرون فى ركابه ويطيعون أوامره حتى لو خالفت ما بداخلهم من قناعات فالسلطة لها ألف وجه بينما المعارضة لها وجه واحد فقط. فى عام 2006 برز اسم المستشار أحمد مكى وشقيقه المستشار محمود مكى على سطح القضاء بعدما قادا المظاهرات بالأوشحة فى شارع عبدالخالق ثروت احتجاجا على تزوير إرادة الناخبين فى انتخابات مجلس الشعب عام 2005 وكانت النتيجة ان أحال الرئيس المخلوع القاضى محمود مكى الى الصلاحية ولكن بعد ما يقرب من 6 سنوات من النضال سقط القناع الذى يرتديه الشقيقان بعدما وصلا إلى السلطة وشاركا الرئيس مرسى فى مذبحة القضاء الذى يديرها الآن لينفرد بالحكم دون أى مقاومة حتى لو بالقانون. محمود مكى الرجل الذى ناضل مع تيار الاستقلال منذ الثمانينات مع القاضى يحيى الرفاعى، وشهدت جلسة محاكمته مع المستشار هشام البسطويسى مظاهرات ضخمة من كل القوى السياسية وسافر بعدها الى الكويت فى إعارة إجبارية للهروب من مضايقات نظام مبارك. وبعد ثورة 25 يناير درست جماعة الإخوان ترشيحه رئيسا للجمهورية قبل أن تقرر الدفع بأحد أعضائها فى الانتخابات ثم عادت لترشحه كنائب لرئيس الجمهورية وهو المنصب الذى ينتهى وجوده رسميا بمجرد إقرار الدستور الجديد الذى يلغى منصب نائب الرئيس. ليس أمام محمود مكى الان عائق ليساند القضاة فى موقفهم فبعد اقل من 10 أيام سيغادر قصر الرئاسة فى حالة الموافقة على مسودة الدستور ولم تعد سياسة التبرير لقرارات الرئيس تصلح لمكى الذى لم ينتفض لما يفعله الرئيس مع القضاء، بل يخرج ليؤكد أن الرئيس يريد أن يطمئن القضاء وأنه لن يمس استقلالهم رغم أن الإعلان الدستورى شق صفوف القضاء ووجه ضربة عنيفة إلى مؤسسة القضاة التى مازالت شامخة فى وجه الرئيس وعائق امام اغتصاب جماعته لكل السلطات ووضعها فى يد الرئيس. لو أن «مكى» اعترض على ما يفعله الرئيس فى حق القضاء لتغيرت المواقف ولأجبر مرسى على التراجع عن إعلانه الدستورى ووقف حربة المشتعلة الآن ضد القضاة الذى وجه إليهم اتهامات فى خطاباته وخاصة قضاة الدستورية ولكن نائب الرئيس الذى كان يحمى استقلال القضاء هو الذى يهدمه الآن. أما المستشار احمد مكى وزير العدل الحالى فقد كان أبرز من دافع عن استقلال القضاء، وأصبح الجسر الذى استخدمه الرئيس مرسى ليهدم استقلال القضاء ويضرب بالقانون عرض الحائط من أجل مصالح جماعته ولم يقاوم مكى محاولات الرئيس بل حاول تبرير مواقفه وأعطى مسكنات للقضاة حتى لا يشعروا بالوجع من ضربات الرئيس لهم وهو ما أدى الى ارتفاع حدة الغضب والاستياء بين جموع القضاة من سياساته. الغريب ان زوجة المستشار أحمد مكى إحدي أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير وهى السيدة كريمة عبد الجبار وشاركت فى كل فعاليات التظاهر فى ثورة 25 يناير وما بعدها ولكن الرجل الذى نشأ فى بيئة قانونية تدرك أهمية القانون وتقدسه انقلب على أفكاره بمجرد ان أصبح وزيرا للعدل وهو المنصب الذى لم تضح به الجماعة ومنحته الى أحد المقربين منها. الأغرب أن أحمد مكى عندما كان يجلس على دكة المعارضة دافع عن حرية الإعلام والصحافة التى كانت تشيد به وبمواقفه مع تيار الاستقلال ولكنه عندما دخل الى ملعب السلطة لم يتحمل النقد وكأنه يريد أن لا يرصد اخطاءه احد وانتقد الصحفيين وقال: «الإعلام يلعب دورا تخريبيا ولديه شهوة تضر أكثر مما تنفع». مواقف وزير العدل الحالى أثبتت انه أكثر ميلاً إلى السلطة عن الرأى العام وانه يريد جاهدا أن يرضى الرئيس مرسى ويدعم سياساته والدليل تبنيه لقانون الطوارئ الذى عارضه بشدة فى الماضى وتصريحه الخطير باللجوء الى الأحكام القضائية لحل أزمة المظاهرات الفئوية، بالإضافة إلى التأييد المستمر لكل قرارات الرئيس حتى لو كانت مخالفة للدستور والقانون والأهم عنده هو رضا الرئيس وجماعته اللذين أتو به من منزله إلى وزاره العدل. الشقيقان مكى يطوعان القانون ويسخرانه للرئيس، وهذا أخطر ما يواجه مصر حاليا فلو نجح مرسى فى ضرب القضاء وهدمه لن تقوم قائمه للدولة الآن وعليهما ان ينحازا الى قناعتهما الشخصية وأفكارهما أكثر من قناعتها بالسلطة فالكراسى زائلة ولن يبقى سوى التاريخ فقط ليحكم على كل من يدمر مصر.