الكثرة العددية اللافتة للنظر التى جرى حشدها وتنظيمها على وجه السرعة كانت هى الجمهور الذى التأم شمله من جماعات الإخوان المسلمين والسلفيين وأشياعهم لتأييد الرئيس محمد مرسى فيما أقدم عليه من قرارات فى «إعلانه الدستورى» المشئوم!، فوقف الرئيس أمام مقره يخطب بتنويعته الغريبة التى كان مفادها أنه قد أصبح «الحاكم الأوحد» ولا أحد سواه حتى يستقيم عود هذه الأمة «المنفلتة» التى لم يعد فيها أو لها كبير!، وبدا الرئيس مرسى سعيداً معجباً بكثرة الأنصار، نافياً بهذا أنه يعنى بالجموع التى رفضت «إعلانه الدستوري» فلم يشأ الحديث لغير الأنصار الخلصاء!، على أن ينظر فيما بعد فى أمر المعارضين الرافضين!، وهى المهمة التى عكف الرئيس على مشاوراتها مع فريقه الرئاسى الاستشارى وما كان يظن أن الرفض العارم لما أعلنه سيكون نصيبه من غير الأنصار!، بل كان راضياً كل الرضا عن التأييد الزاعق ممن جرى حشدهم وتنظيمهم بهذه السرعة الفائقة، وهذا الرضا لا يستنكره أحد منه فهو فى هذا مثل كل من يبحث عن نصير فما البال بحشد ضخم مناصر!، ولكن الرئيس مرسى يعرف أن هذه الكثرة المؤيدة الجاهزة «فتنة»!، خاصة للذين يغترون بها فلا يبالون بالغير ممن بلغ بهم الغضب مداه من قرارات الرئيس وليسوا جميعاً - كما يزين بعض المستشارين! - من الدهماء!، وستكون هذه الكثرة الجاهزة لتأييد دولة الإخوان بزعامة الرئيس مرسى محك الاختبار المفضل عند الإخوان والسلاح المدخر دائماً عند «التضاغط» مع القوى المعارضة المناوئة لهذه الرغبة الإخوانية العارمة فى الإمساك بكل شيء فى حوزتها!، حتى لو كان هذا الاستحواذ يشمل آراء الرافضين من عقلاء ومفكرين ثقات لا يزعمون لأنفسهم أن الله سبحانه وتعالى قد اختصهم وحدهم بما فيه خير الأمة وصلاحها! وقد قرأت بمناسبة تأمل الحشد الإخوانى أمام الرئيس مرسى الذى يؤيده فى كل ما ذهب إليه من الاستبداد بالسلطة!، بعض الكلمات التى أطلقها القطب الإخوانى المهندس «خيرت الشاطر» الذى انتشى بالقدرة الإخوانية على الحشد الجماهيرى الكاسح فقال هازئاً من غير الأنصار المؤيدين: «اللى عايز يعمل مليونيات يورينا شطارته، إحنا على استعداد تام لحشد مليونية لم يسبق لها مثيل لتأييد مرسى، وكل الشعب المصرى يعلم تماماً قدرة الإخوان المسلمين على الحشد، والميدان هو الفيصل»!، ومعنى هذا أن الإعجاب بالنفس والامتلاء لحد الشبع بالقدرة المفرطة قد بلغ شأواً خطيراً!، فهو يتيه على الناس المصريين جميعاً إذا ما كان لهم موقف رافض لممارسات الإخوان ودولتهم وفكروا فى حشد وتنظيم أنفسهم لإعلان رفضهم، فهيهات عند «الشاطر» من ذلك الذى لا يفيد ولا يغير مادامت الأرصدة البشرية الإخوانية جاهزة لمليونيات التأييد التى لو دعيت لما كان لها مثيل لشعبنا من قبل!، ويعلم المهندس خيرت الشاطر بالطبع أن الحشود مهما كان حجمها لا تعنى أن ما تخرج من أجله هو الصواب!، وأن هذا الصواب الذى تتوهم أنه موقوف عليها وحدها إنما هو من قبيل الادعاء الذى لا يلزم الآخرين بقبوله!، حتى لو كانت الأمة لا تملك غير عقلائها ومفكريها الذين تصدر أصواتهم رافضة إذا آن أوان الرفض!، ولقد كانت للإخوان المسلمين تجاربهم التاريخية «التى لم يحصدوا منها غير الخسران»!، واستطاع الاستبداد - إلى حين - أن يخرس أصواتهم ويقمعهم إلى حد كتم كل صوت فيهم!، لكنهم اليوم - وقد أعجبتهم قوتهم - ينسون عمداً كل ذلك!