أتوجه بمقالى هذا إلى السادة أعضاء الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، فبمناسبة كتابة دستور مصر بعد الثورة أتمنى أن أرى عنوان هذا المقال بالفصل الخاص بالسلطة القضائية فى مادة منفصلة وتكون كالآتى: «يحظر ندب القضاة» وهذا الاقتراح قد يغضب السادة القضاة ولكن غضبهم سوف يكون على غير أساس مقنع للشعب وعلى غير أساس المصلحة الوطنية المباشرة، حيث إنه من غير المقبول عقلاً ومنطقاً أن نرى بعد الثورة قضاة منتدبين فى المصالح الحكومية المختلفة للعمل كمستشارين لرؤساء تلك المصالح، فنجد مثلاً قاضياً يعمل مستشاراً قانونياً بمحافظة كذا، وقاضياً يعمل مستشاراً قانونياً لوزارة كذا وقاضياً يعمل مستشاراً قانونياً للهيئة الفلانية أو المؤسسة العلانية وهكذا، أولاً ماذا يفعل هذا القاضى فى حالة نظره لقضية يكون أحد خصومها هو المحافظ أو الوزير الذى يعمل مستشاراً له، بالقطع سيكون هناك تعارض وهذا واقع عملى نعيشه جميعاً، وخاصة قضاة مجلس الدولة الذى تناقضت بعض أحكامه بعد الثورة عن أحكامه قبل الثورة، ولدينا أحكام تثبت ذلك «اقرأ مقالى بجريدة الوفد بعنوان تناقض أحكام مجلس الدولة قبل الثورة وبعد الثورة».. هذه من ناحية الحيادية والمفترض أن يكون القاضى أبعد ما يكون عن الشبهة. أما مدى تأثر العدالة بذلك فلاشك أن ندب القضاة بالقطع يؤثر على حسن سير العدالة، ويؤدى الى تراكم القضايا، وذلك نظراً لانتداب السادة القضاة للعمل فى المصالح المختلفة فمتى يتفرغ القاضى ليحكم فى القضايا التى أمامه، حيث انه يعمل ثلاثة أيام فى المحكمة التى يعمل بها وباقى الأسبوع يكون فى المصلحة المنتدب فيها فمتى يحكم فى القضايا وينهى مصالح المواطنين؟ هذا بالقطع يؤدى الى بطء إجراءات التقاضى الذى يعانى منه الشعب المصرى، فهناك قضايا متداولة لأكثر من عشر سنوات ولأسباب تافهة، ولدينا الأدلة وتشهد على ذلك أجندات الجلسات، فلو نظرنا إلى عدد القضايا سنجده حوالى عشرين مليون قضية تقريباً متداولة، وأن عدد السادة القضاة حوالى اثنى عشر ألف قاض وهذا بالقطع عدد غير كاف للفصل فى القضايا، ولكن قد يسأل سائل ماذا تفعل تلك المصالح فهى محتاجة فعلاً لمستشارين لمساعدة الوزراء والمحافظين ورؤساء باقى المصالح والمؤسسات الحكومية للبت فى المسائل القانونية والاستشارات القانونية وصياغة القرارات، فلماذا لا يلجأ هؤلاء الى السادة المحامين، حيث إن عدد المحامين تجاوز خمسمائة ألفى محامٍ، هل من العقل أن ننتدب مستشارين من القضاة الذين لا يتجاوز عددهم اثنى عشر ألف قاضى أم ننتدب مستشارين من المحامين الذين تجاوز عددهم خمسمائة ألف محامٍ؟ بالقطع هذا ليس تحمساً لكونى محامياً ولكن أريد أن يراجعنى أحد بالمنطق. يا أعضاء التأسيسية لا تخافوا إلا الله.. مصلحة الوطن هى الباقية.