قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن أمَّهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ عايشن عصر نزول القرآن، واستمعن إلى آياته من زوجهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعايشنه، وشهدن سِرَّه وعلانيته، ورأين نقاء سريرته، وطُهر قلبه، وقوة صلته بالله سبحانه. وأضاف المركز، عبر موقعه ارسمي، أنه كانت لهذه المُعايشة عظيم الأثر في علاقتهن بالله سبحانه وتعالى؛ حيث كنَّ ذاكرات، قانتات، عابدات، مُتصدقات، متدبرات لآياته سبحانه، رضوان الله تعالى عليهن. وأوضح أن الأمثلة من السُّنة على ذلك كثيرة، منها: ما ورد عن أنس رضي الله عنه قال: دَخَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقالَ: «ما هذا الحَبْلُ؟» قالوا: هذا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ (أي بنت جحش) فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا؛ حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ» [أخرجه البخاري]. وما رواه ابن أبي الدنيا بإسناده عن القاسم بن محمد بن أبي بكر أنه قال: «كنت إذا غدوت بدأت ببيت عائشة أسلِّم عليها، فغدوت يومًا فإذا هي قائمة تُسبِّح (أي تُصلِّي) وتقرأ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:27]، وتدعو، وتبكي، وترددها، فانتظرت حتى مللت الانتظار، فذهبت إلى السُّوق لحاجتي، ثم رجعت فإذا هي قائمة كما هي، تُصلّي وتبكي». وجاء في وصف جبريل عليه السلام لأمِّ المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما أنها: «صوَّامة قوَّامة» [مستدرك الحاكم]، وهما كلمتان تدلان على المُبالغة، بمعنى أنها كانت كثيرة الصيام كثيرة القيام رضي الله عنها. وعَنْ أمّ المُؤمِنينَ جُوَيْرِيَةَ بِنت الحَارِث رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا (أي موضع صلاتها) ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: «مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» [أخرجه مسلم]. وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: قُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، ألَا نَغْزُو ونُجَاهِدُ معكُمْ؟ فَقالَ: «لَكنَّ أحْسَنَ الجِهَادِ وأَجْمَلَهُ: الحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ». فَقالَتْ عَائِشَةُ: فلا أدَعُ الحَجَّ بَعْدَ إذْ سَمِعْتُ هذا مِن رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [أخرجه البخاري] وعن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. [متفق عليه] فرضي الله عن أمَّهاتنا أمَّهات المؤمنين، وصلَّى وسلَّم وباركَ على سيِّدنا ومولانا مُحمَّد، والحمد لله ربِّ العالمين.