إن هيئة قضايا الدولة هى صاحبة السبق فى إرساء قواعد العدل والمساواة وحماية الحقوق والحريات منذ إنشائها في عام 1875 هذا فضلا عن دورها في التصدي لحماية الحق والمال العام ومحاربة الفساد، وهذه الهيئة العظيمة صاحبة التاريخ الطويل، والتي كان قديمًا يطلق على أعضائها المستشارون الملكيون ثم المستشارون الجمهوريون، تخرج منها شيوخ القضاة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر المستشار الدكتور: عوض المر، رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، الذي قاد هذه المحكمة نحو إرساء مبادئ العدل والمساواة وحماية الحقوق والحريات في مهمة لا يمكن أن توصف في هذا التوقيت إلا بالانتحارية في ظل نظام كثر مَن كان ينشد رضاه ....!! والمستشار عبد الحميد باشا بدوى، رئيس هيئة قضايا الدولة السابق وأول قاضٍ مصري وعربي بمحكمة العدل الدولية، الذي قاتل من أجل استقلال مجلس الدولة المصري.. ونجح في ذلك .. بعد أن نقل إليه من هيئة قضايا الدولة إدارة الفتوى والتشريع بمستشاريها..! والدكتور المستشار عبدالرزاق السنهوري باشا فقيه الأمة العربية. ثم بعد ذلك تطل علينا من مسودة مشروع الدستور الصادرة بتاريخ 21/10/2012 المادة 180 منه التي تعد بمثابة الفاجعة عندما قررت بأن يختص مجلس الدولة بالإفتاء للحكومة والتشريع لها هذا فضلا عن اختصاصه المعروف بصياغة عقود الحكومة ومراجعتها، فضلا عن انتشار أعضائه ندباً بالجهات الإدارية.. أيها القائمون على إعداد دستور الثورة مهلاً وصبراً وتحري الدقة حيث إن مثل هذا النص من صميم عمل هيئة قضايا الدولة فأعضاؤها هم دائمًا وأبدا مستشارو الدولة قديماً وحالياً، ويجب أن يتفرغ القضاة للفصل في القضايا المكدسة داخل أروقة المحاكم.. ومما يثير في النفس ألمًا أننا لم نسمع ثمة اعتراضًا على هذا النص.. في حين قامت الدنيا ولم تقعد عند القول بإسناد النيابة المدنية لأعضاء هيئة قضايا الدولة، رغم أن ذلك يحقق العدالة الناجزة ويقضي علي بطء التقاضي.. يا سيادة رئيس الجمعية هل يوجد بمسودة الدستور ما يبعث الطمأنينة لدى المواطنين في حالة اللجوء للقضاء من حصولهم على حقوقهم في وقت مناسب لا يتجاوز العامين كما هو المعمول به بالمحكمة الأوروبية لمكافحة الجرائم.. علمًا بأن العدالة الناجزة لن تتحقق بالفكر الإقصائي ولا بأسلوب إحصائي للأحكام التي تصدر فصلاً في شكل النزاع تاركة الحق معلقاً بين طرفيه يتنازعونه حتى الممات، بل إنها تتحقق بالفصل في النزاع موضوعاً عادلاً يوصل الحق لمستحقيه.. لطفاً يا حسام بيه إذا كنت تطالب بالبقاء على الهيئة كما هي فيجب إعطاؤها كامل اختصاصاتها ولا يجوز إسناد بعض اختصاصاتها لهيئة قضائية أخرى، ومن الفجيعة أن يرد النص على ذلك في الدستور وإلا فلا تعترضوا على لجنة نظام الحكم إذ أسندت لهيئة قضايا الدولة القيام بدور النيابة المدنية.. وأخيرًا ليعلم أعضاء الجمعية التأسيسية أن استقلال السلطة القضائية يختلف عن الاستقلال بالسلطة القضائية.