التغيير من أجل التغيير يعود بنا إلى الوراء , فالعودة لنظام المجلس الواحد لن يكون ترشيداً للنفقات بقدر كونها ردة عن التطور البرلمانى الطبيعى الذى تأخذ به معظم دول العالم عامة ومصر خاصة فكانت تأخذ بنظام المجلسين منذ عهد الخديوى إسماعيل فكان لدينا مجلسى الشيوخ والنواب واستمر المجلسين حتى قيام ثوره 23 يوليو وأصبح مجلس واحد وشهدت الحياة البرلمانية ترديا واضحا فكثرت القوانين المعيبة, وحكمت المحكمة الدستورية بعدم دستورية الكثير من القوانين بخلاف ما شهدته الساحة البرلمانية من قوانين سيئة السمعة وقوانين منتصف الليل مما جعل الرئيس السادات يقرر العودة لنظام المجلسين ولكن مجلس الشعب وقتها عمل على تقليص صلاحيات مجلس الشورى لأسباب لا يعلمها غير الله ورغم هذا التقليص فى صلاحيات مجلس الشورى فقد قام بعمله على خير وجه ولم نسمع عن اى قوانين حكم عليها بعدم الدستورية غير قانون واحد هو قانون الجمعيات والسبب فى عدم الدستورية انه لم يعرض على مجلس الشورى . إن نظام المجلسين تطبقه الكثير من دول العالم حيث يتميز التكوين الثنائى للسلطه التشريعية بإحداث نوع من التوازن والاستقرار فى الحياة النيابية إذ يسمح هذا النظام بالمشاركة الشعبية فى الشئون التشريعية كما يسمح بتفاعل كافة الآراء والاتجاهات من خلال تمثيل كافة الطبقات والمصالح المختلفة فى الدوله تمثيلا حقيقيا داخل البرلمان . ويؤدى نظام المجلسين الى رفع مستوى الكفاءة داخل البرلمان عن طريق وجود مجلس نيابى منتخب بالكامل ووجود مجلس آخر يمكن تعيين بعض او كل أعضائه من ذوى الكفاءات واصحاب الخبرة التى قد يفتقر إليها المجلس المنتخب مما يؤدى الى رفع مستوى أداء البرلمان وسد النقص فى الكفاءات داخله وبالتالى إثراء المجالس النيابيه ورفع مستوى كفاءتها 0 وثمة ميزة اخرى لهذا النظام تتلافى عيبا مهما فى غيره من الأنظمة وتتمثل فى إمكان استيعاب ممثلى فئات ومصالح مهمه فى المجتمع قد تنأى بنفسها لأسباب عدة عن خوض غمار التنافس الحزبى والمعارك الانتخابية على رغم من قدرتها على المشاركة الايجابية فى الحياة العامة وعلى الرغم من حاجة المجتمع لمساهماتها الفكرية والعملية فى صنع السياسات والقوانين .ويؤدى نظام المجلسين إلى تخفيف النزاع بين البرلمان والحكومة للمصلحة العامة ويمكن لهذا النظام القيام بدور الحكم والوسيط بين الحكومة والمجلس الأخر , أما إذا اتفق المجلسان فى الرأى فى مواجهة السلطة التنفيذية فان ذلك يعد قرينه على صواب رأى البرلمان الأمر الذى يحمل السلطة التنفيذية على الاستجابة لرأى البرلمان فى النهاية 0 ويلعب نظام المجلسين دورا هاما فى رفع مستوي كفاءه المجالس النيابيه,و منع الخطأ والتسرع فى التشريع وإصدار القوانين وذلك عن طريق تلافى خطأ احد المجلسين فى حالة حدوثه فى تشريع معين وذلك عند عرضه على المجلس الآخر وبالتالى تسمح هذة الميزه باستقرار القوانين وعدم الحاجة فى التعديل المتسرع للقوانين بعد فترة وجيزة من صدورها ,كما يعمل نظام المجلسين علي تخفيف حده النزاع بين البرلمان والحكومه واستقرار التشريع, ويحد نظام المجلسين من ديكتاتوريه البرلمان خاصه في نظم الجمهوريات البرلمانيه. لقد ظل دور مجلس الشورى استشارياً منذ إنشائه وحتى عام 2007 ورغم ذلك فقد قام بدور كبير فى إعداد تقارير كتنمية سيناء فى التسعينيات من القرن الماضى ثم طور ذات التقرير ليصبح أمن وتنمية سيناء 2004 ، تنمية الساحل الشمالى وإزالة الألغام منه ، علاقات مصر العربية ، صناعة الغزل والنسيج ، الصناعات الصغيرة ، السياسة الزراعية لمصر والبرنامج النووى المصرى والعلاقات المصرية الافريقيه.. الخ فهل تم الأخذ باقتراحات المجلس الواردة فى هذه التقارير ! . ويكفى مجلس الشورى انه الذى انهى الى الأبد ضريبة التركات تلك الضريبة التي تمت الموافقة عليها في غيبة مجلس الشوري و رغم الضغوط التي وقعت علي المجلس الموافقة عليها الا ان رئيس المجلس و اعضاؤه رفضوا هذه الضغوط و قرروا عدم الموافقة علي هذه الضريبة لمخالفتها الشريعة الاسلامية فقد كانت تفرض ان يتم التحصل عليها من تركة المتوفى قبل أن يحصل الورثه على ميراثهم. من المعلوم أن الديمقراطية تستند إلى مبدأ الفصل المرن بين السلطات الثلاث وأن أياً من هذه السلطات لا تستأثر بالسلطة بمفردها . وفى ضوء ذلك فإن فلسفة وجود مجلسين تستند إلى " المشاركة فى اتخاذ القرار التشريعى " بحسبان أن هذه المشاركة تمثل عملية ديموقراطية تفضى لصدور قوانين جيدة فلا يستأثر مجلس واحد بهذه السلطة بل يتقاسمها المجلسان وفق دور واختصاصات كل منهم .تكشف مضابط مجلس الشورى حول مناقشة موازنة المجلس أن ميزانيته السنوية حتى عام 2007 هي41 مليون جنية وليس كما كتب فى بعض الصحف أنها 400 مليون, وهذا المبلغ اقل من ثمن اى مسلسل تليفزيونى او ثمن لاعب كرة . لابد أن تفضى الاطروحات الداعية لإلغاء الشورى لإجابة حول ما إذا كان ذلك سيؤدى بالتبعية لزيادة عدد أعضاء مجلس الشعب ( 444+ 60 كوته) عن 518 ليتم تمثيل سكان مصر حالياً ومستقبلاً وربما تصل عضوية الشعب فى حالة وجودة بمفرده لما يتجاوز ال 800 عضو فهل يتيح هذا العدد من العضوية ممارسة تشريعية سريعة وفعالة وتصدر قوانين بشكل متأنى ودقيق وسريع فى نفس الوقت وليس سلقاً للقوانين كما كان يحدث قبل عرضها على مجلس الشورى مما كان يؤدى إلى عدم الدستورية فى كثير من القوانين التى تمت الموافقة عليها ! ناهيك أنه إذا ما كان هناك مجلس واحد فإن سيطرة فصيل سياسى عليه بأغلبية كبيرة يتيح له فرض وجهة نظره من خلال القوانين والتشريعات الصادرة فى حين أنه إذا ما كان هناك مجلسان فإنه يمكن عملياً الحد ديموقراطياً ومؤسسياً من سيطرة فصيل أو حزب أو اتجاه على العملية التشريعية فقد تتمخض الانتخابات عن تيارات متعددة فى أحد المجلسين تحد من السيطرة على أى من المجلسين . فمجلس الشورى بتكوينه بانتخاب ثلثى المجلس وتعيين الثلث الآخر من الرموز الوطنية وأصحاب الكفاءات ورؤساء الجامعات والنقابات والعلماء فى شتى التخصصات يجعل المناقشات اسمى وأعمق المهم ان نعطى هذة المجالس اختصاصاتها كى تقود عجلة التشريع باحترافية ونزاهة فزيادة نسبة الحاصلين على الدكتوراه والماجستير فى التخصصات المختلفة يجعل للمناقشات فى هذا المجلس بعدا آخر. وأخيرا ندعو الزملاء دعاة الإلغاء ان يتقوا الله فى مصر ويحكموا مصلحة مصر العليا والصالح العام ليكون فوق كل اعتبار وليس لتصفية حسابات اللهم بلغت اللهم فأشهد