لا يشعر بنعمة الأمن إلا من فقدها يوماً وساءه ما جري من رعب وفزع للآمنين.. ولا شك في أن الشرطة هي خط الدفاع الأول عن مصالح المواطنين ولا يمكن الاستغناء عنها في خدمة المجتمع وحماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، فهي بالنسبة للمواطن كالماء والهواء وهي تمثل الأمن والأمان في أبهي صوره ومعانيه، وإنني اليوم بعد 25 يناير لا أريد أن أدافع أو أهاجم رجال الشرطة، بل أقول كلمة حق، فالكلمة أمانة والقلم مسئولية وعلينا أن نتقي الله فيما نكتب، فرجل الشرطة أياً كان موقعه فهو في الأساس واحد من الشعب وهو أولاً وأخيراً بشر وليس ملاكاً، ولا هو بالشيطان الرجيم، والشرطة بها ضباط وضباط شأنها شأن باقي الأجهزة والقطاعات، فإذا كانت هناك تجاوزات وانحرافات للبعض من رجال الشرطة في عهد النظام السابق فكانت هناك أيضاً نجاحات وتضحيات للعديد من رجال الشرطة الذين عرضوا حياتهم للخطر من أجل مصر.. وإذا كانت هناك قبل 25 يناير قلة من الضباط استغلت الزي الشرطي في التعالي علي خلق الله والقيام ببعض التصرفات غير الإنسانية التي شوهت الشرطة ووضعت ضباطها موضع الاتهام، وتخيل لها أنها تمتلك سلطات بلا حدود تخول لها أن تفعل ما تريد وقتما تشاء وكيفما تحب، فهناك أيضاً نماذج من رجال الشرطة وما أكثرهم عندما تتعامل معهم تقف لهم احتراماً وتقديراً علي عطائهم وتواضعهم وتعاملهم الرائع. إذن رجال الشرطة بينهم الصالح والطالح كغيرهم من البشر، فإذا أخطأ البعض فلا يجب أن يكون الحساب علي الجميع، كما أن التركيز علي العنصر الفاسد فقط يصبح أمراً طبيعياً بعد ذلك يتم تشويه صورة رجال الشرطة كذلك عندما تتجاهل وسائل الإعلام الإيجابيات والتضحيات لرجال الشرطة وتركز علي السلبيات والتجاوزات في هذا التوقيت بالذات، فهي بذلك تخلق نوعاً من الرأي العام السلبي تجاههم، وقد لا أكون منحازاً إذا قلت إن رجال الشرطة بطبيعتهم ليسوا آلات قهر وتعذيب منزوعة الرحمة والإنسانية كما يصورهم البعض لكنهم كانوا يضطرون في بعض الأحيان للتجاوزات تنفيذاً للأوامر بدعاوي حفظ الأمن وهيبة النظام، كما لا أكون متجنياً إذا قلت إن جهاز أمن الدولة عفواً جهاز خراب الدولة هو السبب الرئيسي في توتر العلاقة بين الشرطة والشعب وفي مشاعر الكراهية التي لدي قطاع كبير من المواطنين تجاه رجال الشرطة بعد أن أساء النظام السابق استخدام هذا الجهاز وجعل منه وسيلة لقمع المواطنين وإرهاب الشعب والتدخل في كل صغيرة وكبيرة من أجل أمن النظام، والآن بعد أن تم حل هذا الجهاز علينا جميعاً أن نطوي صفحة الماضي بحلوها ومرها ونفتح صفحة جديدة مع الشرطة.. فكم كنا نحن في أمس الحاجة لعودة الشرطة إلي جميع مجالات حياتنا ليعود معها إحساس المواطن بالطمأنينة والأمن ويعود الأمن والاستقرار للشارع المصري، وقد عادت الشرطة بالفعل والشعب يرحب بعودتها ولكن ينبغي أن يشعر المواطن بعودتها ويكون شعار »الشرطة في خدمة الشعب« فعلاً وقولاً وتعود العلاقة الحقيقية بين الشعب والشرطة باعتبار أن رجال الشرطة هم من الشعب ومهمتهم حماية الشعب وأمنه، وأن أمنهم هم يتوقف علي الشعب نفسه وتكون المعاملة الإنسانية للشعب المصري مع الأمن هي الأساس والمعاملة القانونية لرجال الأمن مع الناس هي الأصل، وحتي يتحقق هذا ويحدث التلاحم بين الشعب والشرطة من جديد يجب أن يفهم كل طرف واجبه وحقه، وهذا هو الأهم لأن كما للأفراد من الشعب حقوقهم فعليهم واجبات وهو نفس الأمر لرجل الشرطة، فلكل واحد منا حقوق وعليه واجبات، وعلينا أن نعرف واجبنا لنطالب بحقوقنا وعلي المواطن الملتزم أن يحترم كرامة الضابط أو فرد الأمن حتي يأخذ حقه باحترام والتزام وأن يحترم جهاز الشرطة كرمز للاستقرار والأمن إيماناً منه بأنه قائم لخدمته وبالتالي يقوم بالتعاون معه بقدر ما يستطيع، كما يجب علي المواطن والضابط أن يعلما جيداً أن هناك قانوناً يحكم العلاقة بينهما ويجب احترامه من الطرفين وإلا سوف تسود الفوضي وعدم الأمان داخل المجتمع. وحمد لله علي سلامة الشرطة. [email protected]