الشفاعة هى التوسط لنيل مرغوب أو دفع مكروه، وهي مأخوذة من الشفع وهو الزوج فى العدد، ومنه الشفيع، لأنه يصير مع صاحب الحاجة شفعا. ويقال: ناقة شفيع إذا اجتمع بها حمل وولد يتبعها ، والشفيع من الناس من يتوسط لغيره ، والشفيع من العمل ما يوصل إلى المطلوب ، والمستشفع - بكسر الفاء-هو الطالب للشيء عن طريق الشفيع ، والمستشفع لديه هو من يملك تحقيق المطلوب ، والمشفع - بفتح الفاء-من قبلت شفاعته ووساطته . وقال الشيخ عطية صقر رحمه الله ان الإنسان قد يتشفع بعمله الصالح إلى الشخص ليحقق له غرضه المشروع، ولا مانع من ذلك فى الطلب والإجابة ، ففى الحديث "من أتى إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافيتموه " رواه أبو داود والنسائى واللفظ له ، وفى رواية للطبرانى "من اصطنع إليكم معروفا فجازوه ، فإن عجزتم عن مجازاته فادعوا له حتى تعلموا أن قد شكرتم فإن الله شاكر يحب الشاكرين " ومنه قوله تعالى فى بر الوالدين {وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا} الإسراء: 24 . وقد يتشفع بعمله الصالح إلى الله تعالى ، وهو فى الفرائض واجب ، وفى المندوب سنة ، ومنه قوله تعالى{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا فى سبيله لعلكم تفلحون } المائدة :35، وفى الحديث الصحيح دعاء الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار أن يكشف الله عنهم بالأعمال الصالحة التى قبلها منهم وهى : بر الوالدين والعفة عن الفاحشة وعدم أكل حق الغير . وقد يتشفع بإنسان له منزلة عند من يملك تحقيق غرضه ولا مانع من ذلك ما دام الغرض مشروعا ، بل قيام الشفيع بذلك مندوب إليه ، فهو من باب التعاون على البر والتقوى ، والنصوص فى ذلك كثيرة ، منها قوله تعالى{من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها}النساء: 85وقوله صلى الله عليه و سلم "ومن كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته "رواه البخارى ومسلم ، وقوله : "اشفعوا تؤجروا ويقضى الله على لسان نبيه ما أحب ، أو ما شاء" رواه البخارى ومسلم ، ومن النهى عن الشفاعة غير المشروعية عدم قبول الرسول صلى الله عليه و سلم شفاعة أسامة بن زيد فى عدم إقامة حد السرقة على المرأة المخزومية كما رواه البخارى ومسلم ، يقول الحسن البصرى فى تفسير الآية السابقة : الحسنة ما يجوز فى الدين ، والسيئة ما لا يجوز فيه ، ومما جاء فى ثواب الشفاعة الحسنة قوله صلى الله عليه و سلم "من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به : آمين ولك بمثل " رواه مسلم . والكفل يستعمل فى النصيب من الخير والشر، قال تعالى {يؤتكم كفلين من رحمته } الحديد : 28،والشافع يؤجر فيما يجوز وإن لم يشفع -يعنى لم تقبل شفاعته -لأن الله قال {من يشفع } ولم يقل : يشفع . هذه هى الشفاعة فى الدنيا ، أما الشفاعة فى الآخرة فهى ثابتة بالقرآن والسنة والإجماع وقبولها تكريم لمن قام بها ، ولا يقوم بها أحد إلا بإذنه سبحانه ، قال تعالى {من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه } البقرة :255، وقال تعالى : {يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا} طه : 109 ،وقال فى شأن الملائكة {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } الأنبياء : 28،والأحاديث فى ذلك كثيرة سيأتى بعضها .