يمر على العالم في الوقت الحالي واحده من أصعب الفترات، خاصة مع الانتشار الكبير لفيروس كورونا، ولكن في ظل هذه الأزمة العالمية ظهرت عدة مؤشرات ذات طبيعة إيجابية افتقدها العالم منذ التوغل الكبير في عالم الصناعة والنقل البحري والجوي، ولعل أهم هذه المؤشرات هو التحسن الملحوظ في الفترة الأخيرة منذ ظهور فيروس كورونا وما تبعه من فرض لعمليات الحظر الصحي في كافة الدول ووصولا لتوقف جميع الرحلات الجوية والملاحة البحرية والمصانع وهو ما أدى إلى تقليل التلوث البيئي الصادر من المصانع وغيرها. وذكرت بعض الأبحاث أن ظهور الفيروسات مرتبط بالتغيرات المناخية، حيث أن هناك العديد من الفيروسات لها القدرة على التكيف مع الظروف البيئية منها من يتأقلم مع درجات الحرارة ومنها من يتأقلم مع البرودة، حيث أن البعوض والقراد والذباب، ذات طبيعة باردة، مما يجعل حدوث الأمراض المعدية يعتمد بشدة على درجات الحرارة المحيطة التي يمكن أن تسبب تغييرات في مواقع تكاثر ناقلات الأمراض، والتوزيع، ومعدلات العض في دورة حياتها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر درجة الحرارة على البشر من خلال التغير في طريقة الحركة وزيادة التعرض للعدوى عن طريق التغيير في مناعة الجسم المضيف. وعلى جانب آخر تسعي العديد من دول العالم للتوصل لعلاج ضد فيروس كوفيد 19 المعروف باسم "كورونا"، ولكن ما نستعرضه هو مدى تأثير انتشار هذا الفيروس على تغير المناخ، خاصة مع انخفاض معدلات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. بداية لا بد وأن ذكر أن فيروس كورونا، كان سببا في اهتمام العديد من المواطنين بالنظافة الشخصية والتعقيم المستمر والذي انعكس بشكل إيجابي على البيئة، ونظرا للزحام الكبير في العديد من المدن على مستوى العالم فقد حذر العديد من العلماء من ظاهرة الاحتباس الحراري ومدي تأثيرها على البيئة، خاصة وأن تغير المناخ أحد أخطر الأزمات العالمية، حيث لها تأثير على كافة الجوانب الحياتية، بالإضافة إلى أن هذا التغير يساعد على انتشار الأمراض المعدية. ومن هذا المنطلق نشير إلى أن العوامل البيئية تساعد في انتقال الأمراض الفيروسية متمثلة في درجة الحرارة والرطوبة، حيث أن درجة حرارة المناخ تعطي تأثيراً لعدد من الفيروسات تساعدها على الانتشار من خلال إنتاج بيئة تكيفية لبعض الفيروسات. وبالنظر لمصدر الانبعاثات في العالم نرى أن الصين تتربع على عرش أكبر مصدر لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتي تقدر بحوالي 30% من حجم الغازات في العالم، حيث أن العاصمة بكين هي أكثر المدن التي تحمل تلوث بسبب الغازات، ولكن مع الازمة العالمية؛ بسبب فيروس كورونا وفرض حظر التجوال سجلت الصين انخفاضاً في انبعاثات الكربون، بسبب انقطاعها عن العالم في فترة الحجر الصحي وتوقف المصانع وتراجع استهلاك الطاقة المنتجة في معامل الفحم، حيث سجلت العاصمة بكين تحسن في جودة الهواء بنسبة 21.5% بعد انتشار فيروس كورونا وفرض حظر التجوال. وبالذهاب لحركة الطيران فقد انخفضت تأثيرها على المناخ بعد فترة توقفها العالمي، والتي تساهم بنسبة 2٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم. ونتيجة هذا التوقف بسبب كوفيد 19، سجلت الصين انخفاض الطلب على الكهرباء والإنتاج الصناعي، فقد انخفض استهلاك الفحم في محطات الطاقة بنسبة 36%، وانخفضت معدلات تشغيل منتجات الصلب الرئيسية بأكثر من 15%، انخفض إنتاج الفحم بنسبة 29%، انخفض استخدام فحم الكوك بنسبة 23%، كما انخفضت مستويات غاز ثاني أكسيد النيتروجين بحوالي 30%.