خشيت أن يرسل الدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى، توصية إلى الرئيس محمد مرسى، لتعيين الأستاذ جمال عبدالرحيم رئيس تحرير الجمهورية، سفيراً لمصر فى الموقع الشاغر بالفاتيكان، ولكنه اكتفى بوقفه عن العمل، وأحاله للتحقيق أمام المجلس الأعلى للصحافة، وقام بتعيين آخر للقيام بأعمال رئيس التحرير!! كنت أعرف حتى أمس أن الصحافة سلطة رابعة، ليس ذلك من قبيل التمسح بالسلطات الأخرى التنفيذية والقضائية والتشريعية، ولكن كان حقاً منصوصاً عليه فى دستور «71» الذى صدر فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات وخصص باباً مستقلاً للصحافة جاء فيه أن الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها على الوجه المبين فى الدستور والقانون، ولكن عندما قرأت مسودة الدستور الجديد، اكتشفت أن الصحافة تحولت من سلطة بضم السين إلى سلطة بفتح السين، وتفرقت موادها بين المواد الأخرى، وأدركت بعدها لماذا يصر المستشار أحمد مكى وزير العدل على مقولته إن الإعلام يحكمه الهوى عندما يسأل عن رأيه فى إلغاء حبس الصحفيين فى قضايا النشر! ويبدو أن التيارات التى ركبت ثورات الربيع العربى، تحاول تغطية فشلها فى إقناع الشعوب بحكمها عن طريق السيطرة على الإعلام، وتكميم الأفواه، ومصادرة حرية الرأى والتعبير. فى تونس أضرب 1200 صحفى وإعلامى بنقابة الصحفيين التونسيين عن العمل، احتجاجاً على محاولة الحكومة السيطرة على الإعلام لتحسين صورتها أمام الشعب. وفى مصر تخوض نقابة الصحفيين معركة ضد السلطة الحاكمة، بعد المعركة التى انتصر فيها القضاة لمنع تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ويحاول الصحفيون صد الاعتداء على سيادة نقابة الصحفيين فى الدفاع عن حقوق أعضائها ومحاسبة المخطئين منهم أمام مجلس تأديب نقابى. لقد وقعت جريدة الجمهورية فى خطأ مهني، قام محرر بنشر خبر ثبت عدم صحته عن منع المشير طنطاوى والفريق عنان من السفر على ذمة قضية كسب غير مشروع، وتصرف الأستاذ جمال عبدالرحيم رئيس تحرير الجريدة بطريقة مهنية سليمة وأصدر قراراً بوقف المحرر وإحالته إلى التحقيق، وفوجئ رئيس التحرير بالدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى يصدر قراراً بإيقافه عن رئاسة التحرير، وتعيين الأستاذ السيد البابلي قائماً بأعمال رئيس تحرير الجريدة، وكلف «فهمى» المجلس الأعلى للصحافة بالتحقيق مع «عبدالرحيم» كما أحال الخبر المنشور في الجمهورية إلى لجنة شئون المهنة، بالمجلس الأعلى ولجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى. ما أقدم عليه رئيس مجلس الشورى الذى ينتمى إلى جماعة الإخوان سابقة خطيرة لم تحدث فى تاريخ الصحافة ولا فى عهد النظام السابق ولم يجرؤ صفوت الشريف بجبروته على ارتكابها، ولم يحدث فى أى بلد محترم أن يتم وقف رئيس تحرير عن العمل بسبب نشر خبر خاطئ، كما أن سلطة مجلس الشورى فى تعيين رؤساء التحرير لا تعطى الحق لرئيسه فى محاسبتهم، المؤسسات الصحفية ليست عزبا يديرها النظار، ولكنها قلاع للكلمة الحرة، هذا القرار يجب التراجع عنه فوراً لأنه يسئ إلى سمعة الصحافة المصرية، وسمعة مجلس الشورى الذى جددت فيه لجنة إعداد الدستور الثقة لاستمراره بعد أن كان مرشحاً للإلغاء. إن هذا القرار مقدمة لقصف الأقلام الصحفية الحرة وتحويل الصحف إلى أبواق تسبح بحمد النظام الحاكم، نقابة الصحفيين مطالبة باتخاذ موقف للدفاع عن أعضائها وكرامة المهنة، إن جمال عبدالرحيم ليس هو المقصود بذاته بهذا القرار، إن حرية الصحافة هى المستهدفة مشكلة جمال أنه يريد أن يكون رئيس تحرير كما ينبغى مهنياً وليس على طريقة مجلس الشورى أو على الخط الذى رسمه لهم الإخوان.