فى أعقاب توليه رئاسة مسرح الطليعة منذ اثنى عشر عاماً، قال لى ماهر سليم: القضية ليست تطوير مسرح الطليعة، إنها قضية مصر التى تنتظر ثورة شاملة إن لم تقم فلا أمل فى أى شيء. كان الفنان ماهر سليم يعرف أنه لابد أن تشهد مصر الثورة المرتقبة بعد أن هد الفساد مصر ووصل المواطن المصرى إلى مرحلة الخطر.. كان يترقب ماهر سليم بحاسته الفنية انهيار دولة الفساد اليوم أزوره فى مكتبه كرئيس للبيت الفنى للمسرح بعد زوال الأزمات التى كادت أن تفقد كيان مصر.. يتحدث ماهر سليم فى هذا الحوار عن خطة إنقاذ البيت الفنى للمسرح وعن المسرح القومى وعن قضايا الفن الجماهيرى. قلت لماهر سليم: ما خطة إنقاذ البيت الفنى للمسرح؟ - بما أنى لست غريباً عن البيت الفنى للمسرح وبالأمس كنت مديراً لفرقة مسرح الطليعة. وكنت داخل المطبخ المسرحى - إن جاز التعبير - ومن قبل كنت مخرجاً أعانى الأمرين عند إخراج مسرحية من مسرحياتى التى تجاوزت ال 25 مسرحية، فكل مسرحية بمعركة، وذلك بسبب سوء التخطيط. بسبب عدم وجود سيستم أو (نظام) يقوم عليه البيت الفنى للمسرح وبالتبعية الفرق المسرحية المختلفة وبملاحظة أن هناك عيوباً كثيرة وترهلاً فى الإدارة وهذا الترهل يدمر أى نجاح، فقد بدأت بإعادة هيكلة بعض الوظائف داخل البيت لمحاولة إيجاد وسيلة تطويرية تدفع بالمضى قدماً بالمشاريع الفنية المحتملة فى الفترة القادمة. وأنا دائماً أحب أن أعمل على أرض الواقع دون أحلام وردية. نحن نمر بظرف صعب ولم نخرج من عنق الزجاجة بعد نظراً للأحداث التى مرت بها البلاد وكانت أحداثاً جسيمة مفيدة ثائرة ولابد أن نثور معها، والثورة تبدأ من داخلنا بمعنى أن نثور على أنفسنا فنغير من أنفسنا، ونعد أنفسنا ليوم جديد، لعصر جديد، لمستقبل جديد، يعتمد على الأداء الجيد حتى نستطيع أن نترك هذه البلاد لأجيال الشباب وهى واقفة على أرض صلبة من الديمقراطية الحقيقية وحرية الإبداع وحرية الرأى ونضع عنواناً أساسياً للعيش فوق أرض هذا الوطن، وهو البطاقة الجديدة التى تحمل اسم «أنا مصرى» هذا هو عنوانى كإنسان يعيش فى هذا البلد يعبر بحرية كاملة، يبدع بحرية كاملة ينطلق بهذا البلد إلى الأمام، كل فى موقعه دون النظر إلى أى نوع من المصالح الشخصية أو المطالب الشخصية لأن تحقيق الهدف العام يصل إلى خصوصية العدل العام يصل إلى الخصوصية، الحرية العامة تصل إلى الخصوصية، ومن هنا بدأنا نعيد صياغة الآلية المسرحية وذلك بحماس شديد من لجنة المسرح المشكلة بقيادة الدكتور سامح مهران وعضوية نخبة من أساتذة المسرح ورواد المسرح، والتى استقرت فى جلستها الأخيرة بشكل متحمس على دعم الحركة المسرحية بآلية جديدة تنهض بالحركة المسرحية وتعيد الجمهور مرة أخرى بالثقة نحو المسرح المصرى الذى ازدهر كثيراً فى فترة الستينيات بما كان يحمله من أفكار ثورية تخدم أهداف الثورة. وكان تشكيل المكتب الفنى الكبير الذى يضم أيضاً نخبة من رواد المسرح وأساتذة الفن خطوة ممتازة من قبل وزير الثقافة الذى يبذل جهداً كبيراً من أجل تطوير الثقافة المصرية فى شتى المناحى، بأن يصبح هذا المكتب فعال فى التعاون مع لجنة الثقافة لاختيار الموضوعات المهمة التى تقدم، ودراسة الاستراتيجية العامة من قبل لجنة المسرح وآلية تنفيذها من قبل المكتب الفنى الحقيقى الذى يرسم الطريق التنفيذى لهذه الخطة التى نأمل تحقيقها مع السادة مديرى الفرق، وذلك اعتباراً من 1 - 7 القادم، حتى يتم اختيار النصوص الجديدة والتأمين على الميزانيات المطلوبة لهذه الخطة ووضع خطة تسويقية وخطة إعلانية بآلية حديثة تناسب تكنولوجيا العصر وهناك بروتوكول بين البيت الفنى للمسرح ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات واستخدام أحدث الآليات لإنشاء موقع إلكترونى دولى للبيت الفنى للمسرح توضع عليه خريطة البيت الفنى للمسرح طوال العام ويوضع عليه السيرة الذاتية لفنانى البيت الفنى للمسرح وأعمالهم وتاريخهم وأرشيف البيت الفنى للمسرح وعرضه كسلعة يمكن أن تعرض للبيع واستغلال المبالغ فى إنشاء مشروعات جديدة وتطوير البيت ودور العروض وصيانة الأجهزة وتطويرها، كل هذا يدخل فى إنشاء العديد من المحاور المختلفة لوضع أسس تسير عليها الأجيال من بعدنا بشكل أسهل وأكثر إنجازاً وأكثر سرعة، حيث سيتم إنشاء شبكة إلكترونية تربط جميع الفرق بالوزارة مع البيت الفنى للمسرح مع قطاع الإنتاج بشكل واحد حتى تتمكن من الحصول على أى بيان يخص البيت الفنى للمسرح فى لحظات سريعة. البحث فى أرشيف أو بين أوراق مكدسة فى الأدراج والأرفف تستطيع أن تحدد المهرجانات الدولية وأن تختار ما يناسب عروضنا المسرحية والمشاركة فى المهرجانات المهمة، هناك أيضاً بروتوكول مع دولة اليمن الشقيقة لإرسال بعثة مصرية لتدريب بعض الفنانين اليمنيين على فن العرائس وإنشاء شعبة للعرائس بالمسرح اليمني. * كيف ستتغلب على الأزمات المالية وأمامك كم هائل من هياكل مسرحية تحتاج إلى إعادة بناء؟ - نأمل أن تنفرج الأزمة المالية وتنطلق ولن نتوقف حتى فى أصعب الظروف، سننتج مسرحاً فقيراً. الحقيقة فى كل هذه الظروف الصعبة وهذا العبء الثقيل مازلت متفائلاً.. إيماناً منى بأهمية دور الفنان ودور الفن فى تحقيق برنامج النهضة المنشودة لهذا البلد. * فى ظل هذه الأزمة المالية كيف ينعم مسرح الدولة بالنجوم؟ - فى كل ليلة، وأنا مستغرق فى النوم من التعب أحلم بأنه اتصل بى نجم من النجوم اللامعين وقال لي: أنا متبرع بأجرى لتقديم أحد العروض المسرحية بمسرح الدولة مساهمة منى فى رفع مستوى الفن وتقديم مواهب البيت الفنى للمسرح للوقوف بجانب هذا النجم المتبرع فى أى وقت وسط برنامجه دون أن يعطله لأننا نعرف الحالة الاقتصادية والضغوط العملية على النجوم. هذا الحلم يراودنى لأننا لا نملك أن ندفع أجوراً للنجوم الآن.. ولكن هذا الإحساس لا يتركنى لحظة وطوال الوقت أحلم بأن الأمل يقترب. وأن الاتصال سيحدث وأن هذا العرض المتبرع فيه النجم سيكون قريباً ولكنى لا أعرف من الذى سيبدأ.. من صاحب المبادرة وإلى أن يتم هذا الحلم ويتحقق سنقدم تجاربنا بنجوم البيت الفنى وسنحقق أيضاً نجاحاً ملحوظاً بتعاون أبناء البيت على إنارة مسارحنا بعد أن نخرج من مرحلة الصيانة والترميم والإنشاء. * المسرح القومى لايزال ركاماً ولا نعرف أين الوعود ومتى نرى واجهة مسرح مصر فى قامتها الحقيقية؟ - وزير الثقافة الدكتور صابر عرب يبذل جهداً كبيراً ويتابع بشكل يكاد يكون يومياً حركة تطهير المسرح القومى الذى ننتظره جميعاً ويسعى جاهداً إلى توفير الموارد المتبقية لخروج المسرح القومى هذا الصرح العظيم إلى حيز النور والمشاركة بالفرقة الأصيلة التى انتظرت مسرحها كثيراً. ندعو أبناءنا من الشباب إلى التعود على الذهاب إلى المسرح، المسرح فيه متعة وثقافة وفكر وهو مقياس حضارة الدول المتقدمة، خصصوا جزءا من وقتكم للراحة وجزءا للذهاب إلى المسرح. املأوا مسارح مصر وشاركوا زملاءكم من الفنانين الشباب ونحن نقوم بعمل تخفيض خاص جداً للطلبة والمجموعات. مشروع النهضة جماعى وليس فرديا، لا تنتظروا أن يضع لكم أحد مستقبلكم. اصنعوا مستقبلكم بأيديكم، ابدأوا بأحلامكم وحققوها. أتمنى أن يساعدنى الجميع من زملائى داخل الوسط الفنى ومن هم خارجه.. أتمنى أن يساعدنى زملائى أصحاب المشروعات المختلفة كل فى تخصصه للنهوض وتحقيق هذه الأفكار التى لا تتركنى لحظة. * هل تنوى تغيير رؤساء ومديرى مسرح الدولة؟ - مديرو الفرق باقون فى أماكنهم، حيث إنهم جاءوا بالانتخاب وفكرة الانتخابات هذه قد تستمر فى العام القادم وقد لا تستمر وفق اتجاه الوزارة فى الفترة القادمة ووفق التوجه العام داخل الوزارة.