لم يتغير شيء في مصر بصورة جذرية حتي الآن، المشكلات المتراكمة منذ سنوات طويلة مازالت كما هي، لم يتحرك النظام الجديد برئاسة الدكتور محمد مرسي لاتخاذ خطوات جريئة، يشعر من خلالها المواطنون أن هناك شيئاً إيجابياً في حياتهم الاجتماعية. الخطر يحيط بالمواطنين من كل جانب، والشعب يعاني في جميع محافظات الجمهورية، ولم يفعل المحافظون الجدد شيئاً لرفع العبء عن المواطنين، كل شيء ثابت في مكانه، وكأنه لا أحد يسعي إلي وضع بصمة تحسب له في محافظته، وفي هذا التحقيق نلقي الضوء علي كارثة تعاني منها السويس منذ سنوات طويلة دون أي يجرؤ مسئول علي حل المشكلة. قنبلة خطيرة في ميناء الأدبية بالسويس تهدد مدينة السويس وخليج السويس والبحر الأحمر وقناة السويس، بسبب وجود 3 آلاف طن مواد كيماوية خطيرة مسرطنة مكدسة في 10 حاويات منذ 14 عاماً. عجزت حكومات النظام المخلوع والمجلس العسكري والإخوان المسلمين المتعاقبة علي التوالي عن احتواء الكارثة وإعدام الشحنة، وتهدد عوامل التعرية بحدوث تسرب كيميائي وتهديد صحة وحياة آلاف المواطنين.. وعدم وجود مدفن صحي بالسويس لإعدام الشحنة وصعوبة تأمين نقلها إلي مدافن صحية بعيدة، دفع المسئولين المتعاقبين إلي تجاهل تنفيذ قرارات النيابة والقضاء الصادر منذ 14 عاماً بإعدام الشحنة. عشرات الأطنان من مفرقعات الألعاب النارية المحظور استيرادها لخطورتها يتم تكديسها في الموانئ لمدة 5 سنوات عقب إحباط تهريبها، وذلك قبل نقلها وإعدامها لعدم وجود مدافن أمنية وصحية بالسويس. وفي مكان متطرف في ساحة حاويات ميناء الأدبية بالسويس، اعتاد العاملون في الميناء وقباطنة السفن المواظبين علي زيارة الميناء طوال 14 عاماً حتي الآن علي مشاهدة 10 حاويات موضوعة جانباً في مكان متطرف من ساحة حاويات الميناء مغلقة علي الدوام، ولا أحد يقترب منها علي الإطلاق نتيجة وجود حوالي 3 آلاف طن مبيدات حشرية مسرطنة مهلكة بداخلها تهدد من يقترب منها بالموت، بعد أن عجز المسئولون المعنيون المتعاقبون منذ عهد حكومات النظام المخلوع، مروراً بحكومات المجلس العسكري المتعاقبة، وحتي حكومة الإخوان المسلمين، وكلهم وقفوا عاجزين عن إيجاد وسيلة لنقل الشحنة بطريقة آمنة من ميناء الأدبية بالسويس إلي الإسكندرية لإعدامها في مدفن صحي في مكان مخصص لذلك في منطقة جبلية محظورة متطرفة غير متوفر مثلها في السويس، أو حتي إيجاد مكان آخر لإعدامها في مدفن صحي ملائم قريب.. كما عجز المسئولون عن إلزام أصحاب الشركة المستوردة للشحنة بإعادة تصديرها إلي البلد المصدر منه، خاصة بعد تفكك الشركة المستوردة عقب ضبط شحنة المبيدات الحشرية بفترة قصيرة، وإعلان إفلاسها وإغلاق أبوابها وفض الشركاء الثلاثة شركتهم وتفرقهم وسط زحام الملايين. وتحولت الحاويات العشر الموجودة علي رصيف ميناء الأدبية بالسويس إلي أعجوبة جديدة من غرائب الدنيا ومنارة مصرية إشعاعية من نوع خطير طوال 14 عاماً، وصار قباطنة السفن يسترشدون بها عند دخولهم غاطس ميناء الأدبية ليتأكدوا أنهم بالفعل في ميناء الأدبية، وصار لزاماً علي المواطنين بالسويس وربابنة وقباطنة السفن أن يتقبلوا الحقيقة الواقعة علي أرض الواقع، والمتمثلة في استمرار بقاء فنار المبيدات الحشرية علي رصيف ميناء الأدبية بالسويس إلي الأبد. ترجع أحداث الواقعة الغريبة إلي بداية عام 1998 عندما تمكنت جمارك السويس بالتنسيق مع هيئة الرقابة الإدارية والرقابة علي الصادرات والواردات ومصلحة الموانئ من إحباط عملية تمرير شحنة مبيدات حشرية مسرطنة مستوردة عبر ميناء الأدبية بالسويس تزن حوالي 3 آلاف طن موجودة داخل 10 حاويات في عبوات كبيرة بداخلها مواد كيميائية خام كان من المفترض أن يتم تركيبها في مصر مع مواد كيميائية محلية عن طريق الشركة المستوردة، ثم بيعها للمواطنين في صورة مبيدات حشرية منزلية، وأخري مبيدات حشرية للحقول.. وتم إحباط عملية تمرير الشحنة من ميناء الأدبية بعد أن تبين للأجهزة المعنية التي شاركت في ضبطها أن شحنة المبيدات الحشرية مسرطنة وتوجد خطورة هائلة علي صحة المواطنين في حالة استخدامها بأي صورة من الصور، سواء كمبيدات حشرية منزلية أو كمبيدات حشرية في الحقول. وتبين للمختصين وجود مخاطر مروعة تهدد بإصابة المواطنين بالأمراض الخطيرة في حالة تناولهم أي فواكه أو خضراوات يتم استخدام المبيدات الحشرية المستوردة في زراعتها، كما توجد مخاطر أخري مروعة تهدد بإصابة المواطنين بالأمراض الخطيرة عند استخدامهم المبيدات الحشرية المستوردة كمبيدات حشرية في المنازل، وتم إخطار النيابة العامة التي اكتشفت خلال التحقيق في الواقعة أن شحنة المبيدات الحشرية المستوردة كانت متجهة أصلاً إلي بورسودان قادمة من إحدي دول شرق آسيا وتم إنزالها ترانزيت في ميناء الأدبية بالسويس، وقام أصحاب الشركة المستوردة بتغيير اتجاه الشحنة وحاولوا تمريرها داخل مصر وفشلت مساعيهم بعد اكتشاف المختصين سرطنة الشحنة. وأكد تقرير لجنة فنية ثلاثية قامت النيابة بتشكيلها سرطنة شحنة المبيدات الحشرية ووجود خطورة كبيرة علي صحة المواطنين في حالة استخدامها بأي صورة من الصور.. وأمرت النيابة بتحريك دعوي قضائية ضد مسئولي الشركة المستوردة وإلزامهم بإعادتها إلي البلد المصدر منه، وبرغم تداول الدعوي ضد أصحاب الشركة في المحاكم وصدور أحكام غيابية ضدهم بالغرامة، وإلزامهم بإعادة الشحنة إلي البلد المصدر منه، إلا أن حكومة وأجهزة النظام المخلوع لم تتمكن بسبب الفساد المستشري من إلزام مسئولي الشركة المستوردة بتنفيذ قرارات النيابة وقرارات المحكمة وتعللوا بحجة قيام أصحاب الشركة المستوردة المتهمين بفض الشركة القائمة بينهم وإغلاقها واختفائهم. وظل الوضع مجمداً لسنوات حتي خرج اللواء محمد سيف الدين جلال محافظ السويس الأسبق علي الناس فجأة وأعلن في جلسة المجلس المحلي لمحافظة السويس المنعقدة بتاريخ 26 أبريل عام 2010 عن موافقة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف علي إعدام المبيدات الحشرية المسرطنة الموجودة، واهتزت قاعة المجلس المحلي لمحافظة السويس بتصفيق الأعضاء وعجز المحافظ ورئيس المجلس المحلي عن أن يديرا الجلسة، لما أصاب الأعضاء من حماسة لإلقاء الخطب الرنانة للإشادة بحكمة النظام المخلوع، وبالطبع كان إعلان محافظ السويس الأسبق في المجلس المحلي للاستهلاك المحلي ولإعطاء صحف الطبل والزمر مساحة كافية للتهليل شهوراً للنظام المخلوع دون أن يحدث أي شيء علي أرض الواقع، ولم تشرع أي لجنة أو مسئول لاتخاذ الإجراءات الصحية والبيئية والتأمينية اللازمة التي تكفل سلامة نقل حوالي 3 آلاف طن من أخطر المواد الكيميائية سواء إلي المدفن الصحي بالإسكندرية أو أي مدفن صحي آخر ملائم وقريب، وظل الوضع المأساوي العجيب في ميناء الأدبية بالسويس كما هو عليه. وعندما قامت الثورة المصرية في 25 يناير 2011 تنفس آلاف المواطنين بالسويس الصعداء لأن الوقت حان لإزالة آثار نظام القمع والإرهاب والفساد المخلوع، ورغم انشغال حكومات المجلس العسكري المتعاقبة في بداية الفترة الانتقالية بأحداث سياسية عديدة في مصر عن شحنة المبيدات المسرطنة لم يتردد المواطنون بالسويس عن انتقاد تجاهل المجلس العسكري وحكوماته المتعاقبة ومحافظ السويس الكارثة والقنبلة الزمنية الكيميائية القائمة في ميناء الأدبية، التي تهدد أخطارها صحة وحياة الشعب المصري بأخطار تفوق أي أخطار أخري داخلية تهدد مسيرة الديمقراطية. وبعد تولي حكومة الإخوان انتظر المواطنون بالسويس ما يمكن أن تفعله الحكومة الجديدة ومحافظها الجديد لحل هذه الكارثة، وفوجئ المواطنون بالسويس بانشغال نواب الأحزاب الدينية منذ أن تم انتخابهم حتي حل مجلس الشعب بأمور أخري مع قيادات أحزابهم. وفوجئ المواطنون بالسويس أيضاً بخلو برنامج محمد مرسي رئيس الجمهورية الذي تم تسويقه تحت شعار «برنامج ال 100 يوم» من أي إشارة للوضع المأساوي العجيب في ميناء الأدبية بالسويس، وبعد فترة تولي اللواء سمير عجلان منصب محافظ السويس، ويري المواطنون أنه ينحاز خلال عمله للتوجه الإخواني، وتجددت شكاوي المواطنين بالسويس من عجز حكومة الإخوان عن حل مشكلة المبيدات الحشرية المسرطنة، وانفجرت مراجل سخط وغضب المواطنين بالسويس وانتشرت الشكوي في كل مكان. وأكد المواطنون أن شعارات النفاق والرياء التي تتمسح في الدين لإثارة عطف وشفقة المواطنين لن تخدع الشعب المصري مجدداً، وناشدوا المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام بالتدخل لتنفيذ قرارات النيابة العامة وأحكام المحاكم المختصة، وطالبوا بإلزام المختصين باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين نقل شحنة المبيدات الحشرية من ميناء الأدبية إلي مكان إعدامها في المدفن الصحي المحدد خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر، ومحاسبة ومحاكمة كبار المسئولين المختصين في حالة استمرار عجزهم في التعامل مع شحنة المبيدات الحشرية. وأكد مصدر مسئول في هيئة موانئ البحر الأحمر تضرر الهيئة بصورة كبيرة من عزل منطقة شاسعة من ميناء الأدبية لحاويات المبيدات الحشرية المسرطنة وتعطيل هذه المساحة طوال 14 عاماً، بالإضافة إلي ما يسببه وجود هذه المواد الكيميائية الخطيرة مكدسة داخل الميناء من توتر العاملين في الميناء وربابنة السفن المترددين بسفنهم علي الميناء والزوار من أصحاب الشركات المستوردة والمصدرة والمستخلصين وجمهور المتعاملين مع الميناء. وأعربت مصادر مسئولة في مصلحة أمن الموانئ بالسويس عن مخاوفها من حدوث تسرب كيميائي من حاويات المبيدات الحشرية المسرطنة في حالة تأثر الحاويات بعوامل التعرية المختلفة وتقادم السنين، مما يشكل خطورة بالغة علي صحة وحياة المواطنين، بالإضافة للأضرار التي سوف تصيب البيئة في البحر الأحمر وخليج السويس وقناة السويس. ووصفت المصادر شحنة المبيدات الحشرية المسرطنة بقنبلة كيميائية زمنية خطيرة تهدد بالانفجار بين لحظة وأخري.. والغريب أن كارثة شحنة المبيدات الحشرية المسرطنة ليست الكارثة الوحيدة التي تهدد موانئ السويس بسبب عجز الحكومات المتعاقبة، بل امتدت لتشمل كافة مضبوطات قضايا تهريب المفرقعات الخطيرة التي يتم ضبطها أثناء محاولات تهريبها من موانئ السويس لحساب العديد من شركات الاستيراد والتصدير تحت دعاوي لعب الأطفال. وأكد مصدر أمني مسئول في مصلحة أمن الموانئ أن قرار النيابة العامة المعتاد صدوره من النيابة العامة في أمثال هذه القضايا بغض النظر عن المحاكمة والغرامات يتمثل في إعدام المضبوطات، ونتيجة عدم وجود المدافن الصحية الآمنة الملائمة لتدمير المفرقعات في السويس يتم تشميع المضبوطات في الحاويات الخاصة بها وتخزينها في أماكن ضبطها بالموانئ لمدد تصل إلي حوالي 5 سنوات من أجل تكديس أكبر قدر ممكن من مئات أطنان المفرقعات التي يتم ضبطها داخل الموانئ بما فيها من مفرقعات وصواريخ وشماريخ وبارشوتات حتي يتم نقلها مرة واحدة من الموانئ في قافلة أمنية إلي مكان إعدامها. وبرغم تعاظم شكوي المواطنين بالسويس من خطورة استمرار وجود حوالي 3 آلاف طن من المواد الكيميائية الخطيرة في قلب ميناء الأدبية بالسويس وعلي حافة مياه البحر الأحمر وخليج السويس وقناة السويس علي الأمن القومي المصري وعلي الشعب المصري في حالة وقوع اعتداء غادر من عدو متحفز أو وقوع اعتداء غاشم من إرهابي كامن، أو حدوث خطأ بشري عارض، بالإضافة إلي خطورة عدم تدمير مضبوطات مفرقعات الألعاب النارية المحظور استيرادها في موانئ السويس المختلفة أولاً بأول وتكديسها في مخازن الموانئ بعشرات الأطنان حتي شكلت خطورة هائلة علي الموانئ وحياة المواطنين والأمن القومي المصري، تحت دعاوي تؤكد تقصير وإهمال المسئولين ولا تعبر عن المسئولية. وإلي أن يستجيب النائب العام لاستغاثات المواطنين بالسويس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان ووقوع كوارث مدمرة، فقد ظلت حوالي 3 آلاف طن من المبيدات الحشرية المسرطنة قائمة في ميناء الأدبية علي حافة مياه البحر الأحمر وخليج السويس طوال 14 عاماً، كما ظلت مئات الأطنان من مفرقعات الألعاب النارية المحظور استيرادها لخطورتها مكدسة في موانئ العين السخنة والأدبية وبورتوفيق بالسويس حتي يتم إعدامها مرة واحدة كل 5 سنوات، وظلت بالتالي حياة مئات آلاف المواطنين علي كف حكومة الإخوان المسلمين بعد أن تقاعست هي الأخري وعجزت عن الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين.