يعرف قراء تاريخ تلك الحرب الأهلية المدمرة التي نشبت بين جنوب وشمال الولاياتالمتحدة، اسم «ابراهام لينكولن» الرئيس الأمريكي السادس عشر، الذي ما إن انتخب رئيسا (1860) حتي أعلنت عشر ولايات جنوبية انفصالها عن الاتحاد، الأمر الذي أدي الي اندلاع نيران الحرب بينها وبين ولايات الشمال تحت قيادة «لينكولن» الرئيس المنتخب. أما لماذا بادرت الولايات العشر الي إعلان العصيان علي هذا النحو الذي شطر الجمهورية الغنية الي نصفين، فذلك لأنه كان مما يعرف عن الرئيس المنتخب أنه معاد لنظام العبيد، القائم أساسا عليه اقتصاد الولايات الرافعة لراية العصيان، وفعلا ما كان يخشاه ملاك العبيد في الجنوب من «لينكولن» وقد أصبح رئيسا سرعان ما تحقق أثناء الحرب الأهلية، وتحديدا في الأول من يناير لعام 1863. ففي ذلك اليوم الفاصل في تاريخ الشعب الأمريكي أعلن «لينكولن» من البيت الأبيض تحرير جميع العبيد المقيمين علي أرض الولاياتالمتحدة ولأنه بإعلانه هذا رفع شأن بلاده ووطد مكانتها فضلا عن تحقيق النصر النهائي علي الجنوب، مما أعاد الي الأمة الأمريكية الوليدة وحدتها فقد ازدادت شعبيته علي نحو كان لابد وأن يؤدي الي إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية (1864) إلا أنه لم تمض سوي بضعة أشهر علي ذلك الفوز المبين، إلا وكان قد اغتيل (15 ابريل 1865) برصاصات انطلقت من غدارة قاتل مسكون بالمقت الشديد، لمن دحر الجنوب وحرر العبيد، ولم تكن ذكري مرور مائة وخمسين عاما علي بشائر انتصار الشمال علي الجنوب، وما صاحبها من إلغاء نظام العبيد لتمضي دون الاحتفال بها بطول وعرض الولاياتالمتحدة. وتعهد بأنه بادر مصنع الأحلام في هوليوود بوضع أجندة لأفلام تحكي بلغة السينما سيرة «لينكولن» محرر العبيد وكيف وجد نفسه مضطرا الي شن الحرب علي الجنوب. وكيف أنه بفضل صلابته وعبقريته السياسية، حقق النصر للشمال، منقذا بذلك الولاياتالمتحدة من تمزقها الي دويلات وكيف أنه توج حياته بإلغاء نظام العبيد. ذلك النظام الذي كان وصمة عار في جبين أمة مهدت بثورتها ضد الاستبداد ومن أجل الاستقلال، الطريق للثورة الفرنسية، ولثورات ربيع الشعوب في أوروبا. وكيف أن إلغاءه لذلك النظام البغيض كان مسك الختام لسيرة رجل بذل حياته من أجل أن يعيش الإنسان رافع الرأس، لا عبدا لأخيه الإنسان، ومن بين الأفلام التي أنتجها مصنع الأحلام، لهذه المناسبة لم أر سوي فيلمين أولهما «المتآمرة» لصاحبه الممثل والمخرج «روبرت ردفورد» والثاني «ابراهام لينكولن.. صائد مصاصي الدماء» لصاحبه المخرج «تينيو بيكمامبتون» وثمة فيلم ثالث أرنو الي مشاهدته، عندما يطرح في دور السينما بدءا من العاشر من نوفمبر القادم والفيلم اسمه «ابراهام لينكولن» للمخرج ذائع الصيت «ستيفن سبيلبرج» الذي اختار لتقمص شخصيته محرر العبيد النجم «داني داي لويس» الفائز بجائزة أوسكار أفضل ممثل رئيسي مرتين إحداهما عن أدائه في فيلم «قدمي اليسري» والأخري عن أدائه في فيلم «ستسفك الدماء» كما وقع اختياره علي النجمة «سالي فيلد» لأداء دور زوجة «لينكولن» وهي الأخري سبق لها الفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثلة رئيسية مرتين، الأولي عن أدائها في فيلم «نورما راي» والثانية عن أدائها في فيلم «أماكن في القلب»، وأرجح الظن أن يرشح الفيلم في مستهل يناير القادم لأكثر من جائزة أوسكار، والمرجو ألا تتعثر خطي «ابراهام لينكولن» الفيلم في دهاليز رقابتنا المعادية لكل ما هو جاد في دنيا صناعة الأفلام!!