الحكومة والدولة تسعى حثيثا لتشجيع الاستثمار ورجال الأعمال.. وعودة ثقة رأس المال الخاص فى بناء اقتصاد مصرى قوى. ثم لهم كل الحق فى مطالبة الدولة بتسهيل سبل استثمار أموالهم من منح أراض بأسعار مخفضة وتوصيل الخدمات وتسهيلات فى الدفع وإعفائهم من الضرائب لعدة سنوات وغيرها.. فهذه حقوقهم تجاه الحكومة فأين واجباتهم تجاه المجتمع والدولة.. ومجتمعنا يعانى من تحديات كبرى خاصة بعد الدمار الشامل لغالبية مؤسسات الدولة بسبب تفشى الفساد وتجريفها من اقتصادياتها وعلى رأس تلك التحديات البطالة والفقر وتضخم العشوائيات. والمرحلة القادمة تفرض على الجميع من القطاعين العام والخاص أن يقوما بدورهما ويتضافر جهدهما للقضاء عليهما.. وتحديد خطة واضحة المعالم تكون بمثابة تعاقد بين رجال الأعمال والحكومة ولكل مستثمر يلتزم بتلك المواثيق الاجتماعية. وفى هذا السياق قامت منظمة الأيزو بتشكيل مجموعة استشارية استراتيجية فى عام 2003 لتختص بالمسئولية الاجتماعية.. وحددت مواصفات قياسية خاصة بها لمنحها شهادة الأيزو لمنتجات مشروعات رجال الأعمال. وفى الغرب هناك شركات عملاقة لها دور اجتماعى بارز فى كل المشروعات الاجتماعية والبنية التحتية.. ونحن فى مصر لم نعرف مصطلح «رجال الأعمال» إلا مع الانفتاح الاقتصادى فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات ثم ظهرت جمعيات رجال الأعمال وانتشرت على مستوى الجمهورية إلى أن صار لهم ثقل فى المجتمع وتواجد فى البرلمان والحكومة.. وهنا نتساءل: هل فى العهد البائد شاركوا فى تحمل المسئولية الاجتماعية؟.. لكن الخبراء أكدوا أنها كانت مشاركة محدودة لأن منهم من شاركوا فى هذه المشروعات بشرط منحهم العطايا والمزايا مما يعنى أن «ما أعطوه باليمين أخذوا أضعافه بالشمال». أما هذه المرحلة فتحتاج إلى وقفة جادة وصارمة.. والأولويات المنوط بها من رجال الأعمال مساعدة الدولة فى بناء المدارس ولو فى البداية فى محيط شركاتهم أو تطوير العشوائيات المجاورة لمدنهم الصناعية وتنمية البيئة من إقامة حدائق وتشجير الطرق الرئيسية ودعم أيضا الصناديق الاجتماعية والمشروعات الصغيرة وتدريب العمالة بمصانعهم بصفة مستمرة على التقنية الحديثة وعلى الأسلوب الإدارى المتطور.. بالإضافة إلى تقديم أفكار غير تقليدية ومشروعات غير مسبوقة.. وأتصور مثلا أنه يقام مجموعة مشروعات صغيرة مكملة بجانب مشروعاتهم الكبرى أو بمعنى آخر عندما ينشأ مجمع صناعى للملابس الجاهزة يقام بجواره ورش أو مصانع صغيرة لمستلزماته مثل أكياس بلاستيكية للتغليف طبقا للمواصفات وهكذا. إذا فلابد من تواصل الجهود المشتركة لجذب قطاع صغار الصناع والأسر المنتجة.. بالإضافة إلى بناء مدارس داخلية على مستوى عالمى لاستيعاب أطفال الشوارع والأيتام لإعادة تأهيلهم ليتفاعلوا مع المجتمع بشكل إيجابى من خلال مناهج حديثة للتربية والتعليم لأمثال هؤلاء. وقبل أن تفرض الدولة عليهم المسئولية الاجتماعية لابد من دعمهم بصفة مستمرة والقضاء على عقبات الاستثمار وتجديد أيضا قوانين الاستثمار وتنقيتها من الشوائب وتفعيل دور المراقبة المجتمعية حتى لا يختلط الحابل بالنابل ونفاجأ بحيتان عصر ما قبل 25 يناير. وأقول تحقيق تلك الطموحات الكبرى لمجتمع ظلم كثيرا وعاش حرمان أبجديات الحياة الإنسانية من مياه نظيفة وغذاء صحى وتعليم متقدم لأبنائه ورعاية صحية متوافرة لجميع أفراده واجب شرعى وقانونى مثلما فعل أغنياء الصحابة لمجتمعهم وفى مقدمتهم عثمان بن عفان المتبرع بقافلة فى عام الرمادة وفى العصر الحديث.. وطلعت حرب. *** **قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله