طرحت منذ يومين مشكلة استيراد اللحوم الحية والمجمدة من السودان الشقيق، وأشرت إلى العراقيل التي تضعها الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الزراعة أمام المستوردين، حيث يفرض على المستورد تحمل نفقات لجنة من البيطريين والإداريين لمعاينة الكمية التي يستوردها من السودان، عليه كذلك أن يخضع الشحنة للحجر الصحى في القاهرة بعد شحنها، ومصروفات اللجنة تشمل السفر والإعاشة والإقامة والتنقل، وقيل إن اللجنة تتكون من أربعة أفراد على الأقل، مهمة اللجنة فحص العجول الحية والمذبوحة وكتابة تقرير يفيد صلاحيتها وخلوها من الأمراض، وقد اشتكى المستوردون ارتفاع تكلفة هذه اللجنة، واشتكوا كذلك من تداخل الاختصاصات بين الزراعة والصحة، وأكدوا أن تكلفة اللجان يتحملها المستهلك المصري، كما أنها تشكل صعوبة أمام المستوردين الصغار يتحمل نفقاتها فقط المستوردين الكبار الذين يحتكرون السوق، كما أنها تفتح الباب للفساد وإفساد بعض أعضاء اللجان. وقد اقترحنا في المقال على الحكومة إلغاء هذه اللجان وتعيين بعثة مستديمة من البيطريين في السودان والبلدان التي يتم استيراد اللحوم الحية والمبردة والمصنعة والمجمدة منها على غرار بعثة الري المستديمة في السودان وجوبا، كما اقترحنا إنشاء معامل حديثة على المنافذ المصرية، وان تفرض رسوم بسيطة على الشحنات المستوردة، تنفق حصيلتها على مرتبات بعثة البيطريين وعلى صيانة المعامل، وذلك لكي نسهل ونبسط ونيسر على المستوردين الصغار والكبار. بعد نشر المقال تلقيت عدة مكالمات من مستوردين ومن بيطريين، رحبوا بشدة خلال المكالمات باقتراح بعثة البيطريين المستديمة، كما رحبوا بفكرة المعامل المتقدمة على المنافذ، وطرح المستوردون بعض الأسئلة، منها: هل الشحنة سوف تخضع لفحص بعثة البيطريين المصريين المستديمة في السودان، كما تخضع للفحص والتحليل في المعامل المقترحة على المنافذ البرية والجوية والبحرية؟، هل شحنة المواشي الحية أو المبردة ستخضع للفحص مرتين في السودان والقاهرة؟، وهل المعامل المقترحة ستتبع الحجر البيطري بوزارة الزراعة أم ستتبع الحجر الصحي في وزارة الصحة؟، وهل المستورد سوف يسدد رسوم الفحص مرتين في السودان وفى القاهرة؟، وقيل إن المشكلة الحقيقية في عمليات الاستيراد من السودان والصومال وغيرها من البلدان هو تعدد عمليات الفحص والتكلفة المرتفعة لهذه الفحوص، وضربوا مثلا بشحنة اللحوم الاسترالية التي تتناولها وسائل الإعلام هذه الأيام. كما رحب بعض البيطريين بفكرة البعثة، لكنهم أشاروا إلى نقطة على قدر كبير من الأهمية، وهى أن أفراد البعثة يصاحبون الشحنة من موقع فحصها بالسودان وحتى وصولها إلى القاهرة، وهذا لكي يتأكدوا أن الشحنة التي قاموا بفحصها هي نفسها التي تصل القاهرة ولم يتم تبديلها خلال الطريق بأخرى مريضة أو غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وتساءلوا: هل ستلغى عملية مصاحبة الشحنة بعد الأخذ بفكرة البعثة المستديمة أم سيتم تكليف أحد أعضائها بمصاحبة الشحنة إذا كان تصديرها سيتم عن طريق البر أو حتى شحنها في الطائرة أو الباخرة في دولة المصدر؟. أظن ان الأسئلة المطروحة من المستوردين أو الأطباء البيطريين لها وجاهتها وأهميتها في حل مشكلة استيراد اللحوم، وقد حاولت خلال المكالمات التوصل إلى حلول نضمن معها سلامة اللحوم(الحية أو المبردة أو المصنعة أو المجمدة) التي تدخل البلاد وتطرح على المواطنين، كما تضمن تبسيط إجراءات الاستيراد وخفض التكلفة والرسوم بما يشجع صغار المستثمرين على استيراد اللحوم، واتفقنا على أن أهمية البعثة البيطرية في أنها تساعد المستورد على شراء لحوم نظيفة، وعدم وقوعه فى شراك من ينصبون عليه، واتفقنا أيضا على أهمية عملية الفحص المعملي في المنافذ للحوم التي تم استيرادها من بلد ليس لمصر بها بعثة بيطرية، واقترحوا جميعا أن تكون المعامل تتبع الحجر البيطري، وان تأخذ العينات من جميع اللحوم المستوردة ويتم فحصها خلال ساعة على الأكثر، كما اقترحوا تسديد رسوم تصل إلى ألف جنيه أو أكثر حسب حجم الشحنة في المنافذ بعد الفحص والإفراج عنها، واتفقوا كذلك على تغليظ عقوبة استيراد لحوم مريضة أو فاسدة، وأن تتضمن العقوبة السجن لمدة عشر سنوات وغرامة تصل إلى قيمة الشحنة.