استقلال القضاء هي قضية مصر كلها وهي تحدد مصير أمة والقضاء المصري تعرض لأبشع عملية افساد في تاريخهاالحديث علي يد الحزب الوطني وفي الثورة المصرية تذكرت شخصيتان قضائيتان هماالمستشار يحيي الرفاعي والمستشار وجدي عبد الصمد. الاثنان كانا مشغولان بقضية استقلال القضاء ودخلا معارك مع جميع رؤساء مصر عبد الناصر والسادات ومبارك من أجل رفعة هذه المنصة العالية وكانا يؤمنان بأن القضاء غير المستقل يعد عدوانا تم عليه وعدوان علي الأمن المصري القومي وعلي حقوق شعب مصر. المستشار يحيي الرفاعي وقف في عام 1984 امام الرئيس مبارك وفي افتتاح مؤتمر العدالة الأول والأخير مطالبا بصوت عاليا بالديمقراطية والحرية وانهاء حالة الطواري وتصدي بقوه لجمال عبد الناصر عقب مذبحة القضاء والاطاحة بخير قضاة مصر وفي عام 2003وجه شيخ القضاة رسالة الي مجلس نقابة المحامين وفي بداية ثورة القضاة المطالبين بالاستقلال نعي فيها الاستقلال الضائع واعلن اعتزاله العمل بالمحاماة التي عمل بها بعد احالته للتقاعد وقال : و إذ قررت الكف عن أداء رسالة المحاماة، اعتبارا من اليوم نزولا علي اعتبارات صحية لا قبل لي بتحملها - فقد رأيت من واجبي بهذه المناسبة، أن أتوجه بالشكر إلي هذا الحصن العتيد من حصون الحريات - ممثلا في أشخاصكم - علي كريم وفادته لي طيلة أربعين شهرا ( منذ 1969/6/31حتي 1972/12/21) كنت قد أقصيت خلالها - بموجب قرارات مذبحة القضاء - عن أداء رسالتي القضائية، بما فيها أمانتي العامة لنادي القضاة، وهو والنقابة العامة للمحامين شريكان في الدفاع عن استقلال القضاء والقضاة، وبعد أن عدت لمنصبي بحكم محكمة النقض، واستنفدت سنوات خدمتي القضائية ببلوغ السن في منتصف 1991كان لي شرف العودة إلي محراب المحاماة حتي اليوم. واضاف: من ثم فإنني أري اليوم من حق مصر في عنقي، وفي أعناقكم، أن نُجري معا مقارنة بين ما كان عليه حال القضاء والمحاماة في مصر قبل تلك المذبحة من احترام وتقدير وثقة مطلقة سواء في نظر شعب مصر وقطانها أجمعين، أو في نظر حكومات العالم بأسره وشعوبه وبين ما نري ونسمع ونقرأ اليوم من تجريح ونقد مريرين بما فيهما من مساس جسيم بكرامة مصر وقضائها وقضاتها ومحاميها، وبما يكاد معه السكوت عن الحق الآن، أن يبلغ مبلغ الخيانة. واشار في رسالته بأن حكومات جمهورياتنا المتعاقبة، و إن وضعت في دساتيرها نصوصا أساسية بمبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء وحصانته، وتحظر وتؤثم التدخل في أية قضية أو أي شأن من شئونهم من جانب أية سلطة أو أي شخص فإن هذه الحكومات ذاتها لم تتوقف طول هذه السنين عن النص في القوانين المنظمة للسلطة القضائية وغيرها علي ما يجرد تلك النصوص من مضمونها تماما، بل ويخالفها بنصوص صريحة، تصادر بها لحساب السلطة التنفيذية معظم أصول هذا الاستقلال وقواعده وضماناته، كما تسند بها بعض اختصاصات القضاء الطبيعي إلي غيره، وتصدر قرارات وتصرفات واقعية أخري من خلال وزارة العدل وهي أحد فروع السلطة التنفيذية تسيطر بها علي إرادة رجال السلطة القضائية وشئونهم، بل وأحكامهم القضائية (!). وقال شيخ القضاة: إذ مضت سنوات طويلة علي وضع تلك التوصيات، ووضع مشروع تعديل السلطة القضائية المشار إليه، واستجدت خلال تلك السنوات تطبيقات صارخة في مخالفة الدستور وتضييع حقوق وضمانات المواطنين والمحامين والقضاة علي نحو ما سلف البيان، فقد آن الأوان لوضع مشروع قانون شامل لتوحيد السلطة القضائية بكافة جهاتها، وتحقيق الاستقلال المالي والإداري الواجب لها، وبحيث يشمل هذا المشروع كافة القواعد المنظمة لجهات القضاء العادي والإداري والدستوري، وكذا القواعد المنظمة لدور القضاء والقضاة في الإشراف علي نزاهة الانتخابات العامة وضمان صحة نتائجها في التعبير عن الإرادة الصحيحة للناخبين، وبحيث ينص فيه علي أن يكون الاختصاص بكل من القضاء الدستوري، وقضاء النقض، وقضاء المحكمة الإدارية العليا منوطا بدوائر متخصصة لكل نوع منها وتابعة لمحكمة عليا واحدة، وأن يكون اختصاص محاكم القضاء الإداري ومحاكم الاستئناف منوطا بدوائر متخصصة بكل نوع منها كذلك وتابعة لمحاكم واحدة أيضا، وفي نظام قضائي موحد، وأن ينص في مشروع هذا القانون كذلك علي حظر ندب رجال القضاء للعمل في أية جهة أخري سواء بمقابل أو دون مقابل، وحظر إصدار أي تعليمات لهم من أي شخص أو جهة أو مجلس لأن القضاة يطبقون الدستور والقانون ولا يخضعون لأية تعليمات من أحد ولو كان منهم ومع النص فيه كذلك علي إلغاء قيام النيابة العامة باختصاصات قاضي التحقيق وهو ما تستوجبه ضرورة الفصل بين سلطتي التحقيق والاتهام الجنائيين وغير ذلك من أمور جوهرية وتفصيلية أخري لتنظيم توحيد القضاء العادي وقضاء مجلس الدولة والمحكمة الدستورية، وإدماج النيابة الإدارية في النيابة العامة. و إعادة الاختصاص بالفتوي والمشورة إلي هيئة قضايا الدولة، بما قد يري معه مجلس النقابة الموقر الاشتراك مع نادي القضاة بتشكيل لجنة بمعرفة المجلسين لوضع هذا القانون الموحد تمهيدا لمناقشته وعرضه علي الجمعيتين العموميتين للنقابة والنادي، والعمل بعد ذلك علي استصداره بالصيغة التي تقررها الجمعيتان العموميتان واختتم رسالته الاخيرة بقوله: إبراء لذمتي أمام الله والتاريخ، وأمام المجلس الموقر، رأيت أن أضع كل ما تقدم بين يدي السادة الأجلاء النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة للمحامين، ليروا فيه رأيهم، لفرط ما أعانيه وسائر الناس من الشعور بالظلم الفادح والخطر المحيق بالبلاد، ودعا المجلس إلي تحريك هذا الموقف الآسن إلي ما فيه خير البلاد والعباد من نهضة تشريعية وقضائية طال انتظارها دون جدوي حتي الآن، وفي ذلك الماء الآسن ما فيه من خطر عظيم علي مستقبل مصر ونظام الحكم فيها. كانت هذه اهم مقتطفات من رسالة هذا الرجل العظيم الذي أخلص لهذا الوطن ودفع ثمن اخلاصه الكثير وكنت اتمني ان يكون مع الان بعد هذه الثورة لبادر فوار وبدون تردد علي فتح ملف تطهير القضاء واستقلاله ودافع عن مرفق العدالة كله لكن عزاءنا انه ترك قضاة يؤمنون بمبادئه ويسيرون علي دربه وهم الان مطالبون بتبني هذا الملف فمصر كما قال يحيي الرفاعي تستحق قضاء مستقلا ونزيها.