منذ أيام طرحت علي الساحة فكرة خاصة بغلق المحلات التجارية في التاسعة مساء قوبل في بادئ الأمر بسخرية والبعض أخذها علي محمل الجد واعتبرها عودة إلي فكرة قديمة صدرتها مصر إلي الدول الخارجية. ففي سبعينات القرن الماضي في عهد الرئيس السادات صدر قرار مشابه بغلق المحلات والمقاهي الساعة التاسعة مساء وبعد فترة تم التراخي عن تنفيذ الفكرة واستمر فتح المحلات حتي ساعات متأخرة من الليل وعادت ريمة لعادتها القديمة كما يقولون. وفي النصف الثاني من عام 2010 تجددت الفكرة عبر عباءة الاتحاد العام للغرف التجارية ولم يكن هدفها حينئذ ترشيد استهلاك الطاقة كما هو الحال الآن ولكن في إطار منظومة متكاملة لتنظيم الشارع التجاري المصري بعد أن اصابته الفوضي ولكن تم حفظ المشروع، في أدراج الحكومة السابقة وكانت الخطة تتضمن العمل به في يناير 2011. ومؤخراً عادت الفكرة إلي السطح مجدداً بتصريح من المهندس أسامة كمال، وزير البترول والثروة المعدنية، توقع فيه صدور قرار عقب عيد الفطر يحدد موعداً بإغلاق المحلات التجارية في الساعة التاسعة مساء، والمطاعم في الحادية عشرة، في إطار محاولات الحكومة لترشيد استهلاك الكهرباء، مؤكداً أن هذا الأمر متبع في كثير من دول العالم. وكانت دراسة صادرة عن الهيئة العامة البترول، كشفت في وقت لاحق، أنه في حالة إغلاق المحال التجارية والمنشآت غير الحيوية في العاشرة مساء، فإن هذا من شأنه توفير 17٪ من دعم الطاقة في مصر، والذي يستحوذ علي 71٪ من إجمالي الدعم في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام (2011- 2012). وذكرت الدراسة أن بقاء المحال التجارية لفترات عمل مسائية طويلة يهدر نسبة كبيرة من الطاقة، رغم حاجة البلاد إليها، مشيرة إلي أن ذلك يتطلب في المقدمة إقناع الرأي العام بأهمية ترشيد الطاقة. ويري الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن عملية غلق المحلات يأتي من أجل ما أعلنت عنه الحكومة من تلبية احتياجات المواطنين من الكهرباء وأنه إحدي الوسائل لترشيد الاستهلاك الكهربائي ومواجهة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، الواقع الذي أصبحنا نعيشه يومياً بمختلف الأحياء بمحافظات الجمهورية، لان لدينا عجزاً في إنتاج الطاقة الكهربائية لتغطية استهلاكنا، فنحن ننتج 90٪، من احتياجاتنا من الاستهلاك ولدينا عجز 10٪ يتسبب في الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي خاصة في موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات الاستهلاك من الكهرباء، نتيجة كثرة استخدام المواطنين لأجهزة التكييف في المنازل وهو الأمر الذي يزيد من الاستهلاك الكهربائي. ويؤيد محمود الدعوار رئيس شعبة أصحاب محال الملابس بغرفة القاهرة القرار ولكن شريطة تحقيق العدالة الاجتماعية فيما يطبق علي المحلات الصغري أن يطبق علي أكبر المولات ولا يتم تمييز لمكان عن آخر ومنع تجار الأرصفة في نفس سياق القرار وأن يتم اتخاذ قرارات صارمة وإجراءات حازمة ضد من يخالف ومنها قطع التيار الكهربي عنه لعدم التزامه. وكان هناك رأي مخالف للرأي السابق المؤيد للقرار لدعمه يحيي زنانيري رئيس منتجي الملابس الجاهزة بقوله: «هذا بمثابة تعطيل للموارد المالية التي تفتح بيوت ملايين المصريين من التجار الذين يعتمدون علي الحركة الليلية وخاصة في فصل الصيف خاصة أن الغلق لن يقتصر علي محلات الملابس فحسب وإنما المطاعم والكافتيريات والملاهي والمسارح ودور السينما والمولات. ويري أن الحركة السياحية المصرية وخاصة السياحة العربية ستتأثر كثيرا لانها تعتمد علي السهر مساء ولن نستطيع إجبار السائح علي النوم مبكراً ويضيف زنانيري: ما يتم توفيره في الميادين والشوارع سيستهلك في المنازل حيث سيلتزم الناس بيوتهم هربا من ظلام الشوارع وغلق المحلات والحل من وجهة نظر زنانيري يكمن في ضرورة ترشيد استهلاك الطاقة من جميع المشروعات الجديدة خاصة كثيفة الاستهلاك للطاقة والعمل علي إيجاد مصادر طاقة بديلة للاعتماد عليها في المرحلة المقبلة. كما رحب أحمد رجب - أحد بائعي الأثاث - بقرار غلق المحلات، وأوضح ان ساعات غلق المحلات مبكرا يحل أزمة المرور والاختناقات والقضاء علي المشاجرات والبلطجة وضبط الأمن، فضلاً عن القضاء علي الاقتصاد الموازي وضمه آجلا أو عاجلاً إلي الاقتصاد الرسمي وهذا يفيد الاقتصاد القومي. وطالب حكومة الدكتور هشام قنديل بضرورة تطبيق وتفعيل قانون غلق المحلات والمقاهي والتعامل بحزم مع من يخالف القانون، بالإضافة إلي ضرورة حل مشكلة انقطاع الكهرباء وإيجاد حلول بديلة. وأيد محمد عبدالمنعم - أحد مصدري ملابس الأطفال - قرار غلق المحلات في التاسعة مساء مثل معظم دول العالم المتقدمة وذلك من أجل استرداد الاقتصاد المصري عافيته وارتفاع معدل النمو لمواجهة حالات الانهيار في شتي مجالات الاقتصاد خلال المرحلة الحالية، بالإضافة إلي جذب السياحة العربية حتي تصل إلي معدلاتها الطبيعية. بينما رفض محمد عبدالعال - أحد بائعي الملابس الجاهزة - القرار وأكد ان هناك مقترحات بتأجيل القرار وتنفيذه حتي العام المقبل، لضمان دراسته بشكل موضوعي، ومناقشته بين كل الأطراف واقترح تشكيل لجنة ثلاثية من وزارة القوي العاملة، والاتحاد العام للغرف التجارية، والنقابة العامة لعمال التجارة، لدراسة الأمر، خاصة أنها الجهات الثلاث المسئولة عن مثل هذا الأمر، باعتبار الوزارة ممثلة للحكومة، والغرف التجارية ممثلة لأصحاب المحال، والنقابة ممثلة للعمال. وأشار رئيس نقابة عمال التجارة إلي صعوبة تنفيذ القرار في حالة إصداره، معللاً ذلك بعدم قدرة الأمن علي إلزام المحلات بالغلق، لافتا إلي أن موسم الصيف قارب علي الانتهاء، وفي الشتاء تُغلق المحال في وقت مبكر من تلقاء نفسها، علي حد تعبيره. وتوقع أن يؤثر القرار بشكل سلبي علي عمال المحلات، لان صاحب المحل سيلجأ إلي تخفيض عدد العمال، أو يقلل أجر العامل، وهذا أمر ليس هيناً، مشدداً علي أن هناك نحو ثلاثة ملايين عامل جائل غير ملتزمين بالقوانين، ولم يصدر قانون لتنظيم عملهم، ولن يخضعوا لتحديد ساعات العمل. وكانت وزارة التنمية المحلية سبق أن أعلنت أن المناقشات مازالت جارية حتي الآن حول تحديد موعد بعينه لغلق المحلات التجارية، والمرجح حسب مصدر مسئول، أن يكون في التاسعة مساء، مؤكدا أنه لم يبت بشأن هذا القرار حتي الآن. وأوضحت ان هذا القرار يعود إلي حرص الحكومة علي تخفيف الأحمال الكهربائية، التي تسببت مؤخرا في انقطاع الكهرباء علي مستوي الجمهورية، وخاصة ان القانون منح المحافظ الحق في تحديد موعد غلق المحلات وأكدت الوزارة أن كافة دول العالم تتبع هذا النظام.