مازال عالقاً بالذاكرة.. ما سببته صورة نشرتها جريدة «الأهرام».. تدخلت فيها الأيدي، وعملت على تغيير أماكن رؤساء دول.. كان يتقدمهم الرئيس الأمريكى «أوباما» ومن خلفه حكام من المنطقة العربية.. بينهم الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ولكن بتعليمات من رئيس التحرير.. تغيرت الأماكن بحيث جعلت الرئيس السابق يتصدر الصورة ومن خلفه بقية الرؤساء ومن ضمنهم «أوباما».. وتلقت الجريدة الكثير من التعليقات والتهكم خاصة من اعلام الدول الخارجية.. الى حد أشعرنا كمواطنين بالخجل أن يصل الأمر إلى هذا الوضع المزرى من التجاوز والاهتراء والاستهانة بعقول وفكر القارئ المصري، ونظرة الآخرين الأجانب إلينا. وعندما سُئل رئيس التحرير: أجاب بأنه أراد بها أن تكون «صورة تعبيرية». وبعد ثورة 25 يناير المجيدة.. هيأ لنا وتصورنا أنه لن يتكرر مثل هذا المستوى من التملق والنفاق الرخيص لأى حاكم قادم. ولكن خاب ظننا.. فسرعان ما صدمتنا مفاجأة صورة غلاف مجلة «أكتوبر» صورت فيه الرئيس مرسى فارساً مغواراً.. يمتطى حصاناً منطلقاً بالثورة.. ولقد قوبلت صورة الغلاف برفض عارم من المواطنين وتعليقات توضح إلى أى حد مسيئة وممجوجة.. وخاصة وأن الرئيس جديد على المنصب، ولم يمض على توليه إلا أسابيع.. وكان ما أنجزه خلال تلك الفترة عدة سفريات وزيارات لدول خارجية، ولقاءات ومقابلات داخلية.. وحتى الخمس أولويات التى تعهد العمل عليها وانجازها فى المائة يوم من توليه الحكم «الأمن - المرور - الخبز - الوقود - القمامة» لم ينجز منها شيئاً ملموساً.. حتى نجد فرقاً عما كانت عليه قبل توليه بل البعض منها تراجع عما كان عليه. ومن المضحكات ما صرح به رئيس تحرير مجلة «أكتوبر» المختار من لجنة مجلس الشورى مؤخراً.. بأنه شخصياً ومجموعة عمل المجلة.. مقتنعون تماماً بصورة الفارس على حصانه.. واعتبرها هو الآخر «صورة تعبيرية» ولن يتراجع عنها، فهو فى رأيه اتخذ قرارات ثورية بمثابة «إنجاز تاريخي». يا سبحان الله، ولا حول ولا قوة الا بالله.. هل فى وجهة نظره.. إن القرارات الاجرائية التى كان من المفروض اتخاذها فى المرحلة الحالية.. حتى تكتمل اجراءات نقل السلطة من المجلس العسكرى الى رئيس مدني.. مثلها على سبيل المثال النصر فى حرب أكتوبر أو نجاح ثورة 25 يناير المجيدة فى اسقاط النظام السابق.. فتلك بعض من انجازات تستحق أن يقال عنها تاريخية!! وعموما مثل هذه المواقف كان متوقعاً.. بعدما تم بالنسبة للاختيارات الأخيرة لرؤساء تحرير الصحف القومية.. من مجلس الشورى والمعايير التى وضعت ليتم الاختيار عليها، والتى لا يمكن إلا أن تفرز وتجىء برؤساء تحرير عبر أحدهم فى لقائه الأول مع هيئة تحرير صحيفته، بأن الصحافة القومية هى صحافة حكومية.. وأن واجبها الدفاع عنها.. وكأن السيد رئيس التحرير لا يعلم أن مؤسسات الصحافة القومية أسست من أموال الشعب وضرائبه، لتكون سلطة رابعة لتخدم المواطنين.. وتسعى لتحقيق مطالبهم والدفاع عن حقوقهم وتراقب السلطة الحاكمة لا أن تكون مطية للدفاع وتحميل صورة السلطة التنفيذية من حكومة ومؤسسة الرئاسة بحيث تعتبر كل قرار تصدره الأخيرة «انجازاً تاريخياً، وإذا كان الرئيس مرسى أكد فى تصريحاته أنه لم يتدخل فى قرارات «الشورى» فى اختيار رؤساء التحرير الجدد لمؤسسات الصحافة القومية، فلا أقل من أن يبدى رفضه التام لكل صور التملق والنفاق.. التى فى حقيقة الأمر لا تحسن صورة الحاكم ونظامه فى أعين المواطنين.. بل العكس تماماً تباعد بينه وبينهم.. وليأخذ الجميع عبرة من سقوط النظام السابق.. بالرغم مما بذلته مؤسسات صحافة قومية تحولت لتكون بوقاً مدافعاً للحاكمين على حساب مصلحة الوطن والمواطنين. الكلمة الأخيرة قد يكون غائباً عن بعض رؤساء تحرير الصحافة القومية الجدد.. أننا نعيش عصر ما بعد ثورة 25 يناير المجيدة.. ولن يستطيع أحد مهما حاول.. أن يعيدنا الى ممارسات عصر الظلام والنفاق. وفى الوقت نفسه عليهم أن يتذكروا أنهم يجلسون على مقاعد عمالقة الصحافة المصرية.. مصطفى أمين.. حسنين هيكل.. إحسان عبد القدوس.. أنيس منصور، وواجب عليهم أن يحافظوا على قيمة المقعد الذى أجلسوا عليه!!