بدأت منذ أيام حملة «إخوانية» كبيرة، وقوية، للهجوم على متظاهرى يوم الجمعة القادمة، ووجهت الآلة الإعلامية الإخوانية، لمتظاهرى يوم 24 أغسطس اتهامات مباشرة، بالكفر والإلحاد، وأن مصيرهم جهنم وبئس المصير!! ورغم أن هذه الحملة المعادية للمظاهرات، يبدو من ظاهرها أنها جاءت من مناصرين للرئيس محمد مرسى، فإننى بلا افتراءات من جانبى باعتبارى لست مشاركاً أو مؤيداً لهذه المظاهرات لكننى أؤمن تماماً بحق المتظاهرين فى التعبير عن آرائهم بلا إرهاب أؤكد لكم أن «خطة» الإخوان المٌحكمة والذكية تم اعتمادها من قيادات الجماعة، فى إطار تحقيق عدة أهداف . أولاً: هى خطة تعبر عن قلق الجماعة من مظاهرات يوم 24، فإذا تركت الجماعة الحديث عن المظاهرات يسير بدون مقاومة ، فإن الدعوة لها سوف تزيد ، وستتخطى أرقام المتظاهرين فيها أرقاماً فلكية بسبب التراجع غير المسبوق لشعبية الجماعة التى «خطفت» مقعد الرئاسة فى لحظة ارتباك مدنى ،وشعبى، وقومى،وهى تدرك أن أول انتخابات رئاسية قادمة «نزيهة» ومحايدة، سوف تعود بالإخوان إلى مقاعد المعارضة، لوقت طويل آخر، ورغم أنهم يعرفون أنهم لن يعودوا إلى السجون مرة أخرى، فإنهم يروجون وسط الناس أنهم «كافحوا» و«ناضلوا» من أجل الوطن لسنوات طويلة، وأن الحرب ضدهم هى «حرب» ضد الثورة.. ونعلم نحن، ويعلم الإخوان أنهم ليسوا تياراً ثورياً، بل جماعة لديها امكانيات خاصة فى القفز على الفرص وانتهاز المتاح منها بسرعة فائقة!! ولكنهم نسوا هذه المرة أن تراكم المواقف يصنع حالة من السخط، ويجعل الناس ينقلبون على ما كانوا يتعاطفون معه فى وقت مضى، ولن تجدى طريقة استجداء العطف مع المصريين الذين يمتلكون الآن ميزاناً لتقييم الحاكم الذى أصبح يمتلك السلطة ، وليس ميزان التعاطف مع جماعة معارضة تواجه الحاكم الظالم!! (2) ثانياً: يعرف الإخوان أن هزيمة الخصوم تتم بسرعة فى حالة تكفيرهم، ولذلك فإنهم قاموا بالزج ببعض كوادرهم « الدينية» لتكفير المتظاهرين الذين قرروا الخروج للمطالبة بحل جماعة الإخوان يوم 24، وساعدهم علي ترويج مثل هذه الفتاوى، بعض الدعاة الذين يريدون مجاملة الرئيس وجماعته، ونظام الحكم الجديد، أو ممن أرادوا تقديم « السبت» ليجدوا «الأحد» أمامهم!! ولذلك كانت الحملة الخاصة بالتكفير كبيرة، ورغم أن جماعة الإخوان رفضتها، فإن كوادر الجماعة وأنصارها ولجانها الإلكترونية، روجوا لها واحتفوا بها وقالوا إن الشيخ «هاشم إسلام» على حق لأن الخروج على الحاكم «حرام» ومحاربة وقتل متظاهرى يوم 24 أغسطس واجب شرعى!! ولكن لأن السحر ينقلب غالباً على الساحر، فقد كان رد فعل الناس والمؤسسة الدينية الإسلامية الوحيدة المعترف بها فى بلادنا - الأزهر - عنيفاً هو الآخر، وخرجت آراء سياسية تطالب بتبرئة حسنى مبارك، المتهم بقتل المتظاهرين، لأن المظاهرات حرام وانتقاد الحاكم مكروه، وقال آخر إن فريد الديب محامى المخلوع، ومحامى حبيب العادلى أيضاً، يستطيعان - طبقاً - لهذه الفتاوى أن يطالبا بالإفراج الفورى عنهما، لأن معارضى الحاكم السابق، ومن بينهم جماعة الإخوان المسلمين، مارسوا الحرام عندما خرجوا عليه، بما يخالف شرع الله، ويمكن لفريق الدفاع عن المخلوع أن يستعين بفتوى أخرى للداعية وجدى غنيم - الذى أفرج عنه الرئيس مرسى منذ ايام - قال فيها: «كلام الشيخ هاشم إسلام صحيح ولكن من يضرب عنق هؤلاء الخوارج هى الشرطة والرئاسة وليس المواطنون هم الذين يفعلون ذلك حتى لا تصبح فتنة».. إذن كل المتهمين من جهاز الشرطة بقتل المتظاهرين - خلال ثورة 25 يناير - سوف يحصلون على البراءة لا محالة لأنهم قاموا بأداء عملهم بإخلاص لا يوازنه إخلاص.. وسوف يمنحهم الإخوان وأنصارهم صكوك البراءة «الإلهية» التى لا يوازيها صكوك!! (3) ثالثاً: دعك من كل هذا الكلام الذى لا يدل إلا على تخطيط «مٌحكم» لتنفيذ مشروع التمكين.. وهو الهدف الحالى لجماعة الإخوان، التى تريد أن تتمكن من السيطرة على الدولة عبر الفتاوى غير المسئولة، وصناعة فوضى سياسية، وارتباك يضرب البلاد، فيما يتعلق بصدق الفتاوى الدينية، فينشغل الناس بهذه الأفكار المزعجة، ويتركون الهدف الأساسى وهو ترسيخ الفكر الديمقراطى، وتداول السلطة، وسوف ينسون - بلا شك - أن الرئيس وحده يمتلك ثلاث سلطات، فهو صاحب السلطة التشريعية، والتنفيذية، وأيضاً صاحب سلطة غائبة عن الأذهان، هى سلطة الأمر الواقع التى حصل عليها بفعل الثورة، وساعده على اكتسابها بعض الثوار الذين ساندوه خلال انتخابات الرئاسة، ولن تشفع لهم معارضتهم ونقدهم له الآن، بعد انفراده بكل السلطات.. إذن هذه هى المعركة الرئيسية، فالرئيس يستخدم الشرعية الثورية وقتما يشاء ويستخدم الشرعية الدستورية وقتما يريد ، وهذه السلطات هى التى تقوم الآن على قدم وساق بتنفيذ مشروع « تمكين» جماعة الإخوان، من الدولة ومفاصلها ومؤسساتها!! الوطن يمر بمحنة.. والمرور منها يتطلب من جميع الفصائل والقوى أن تدرك حجم خطورة مشروع التمكين.. فهذا الوطن الذى قاوم «مشروع التوريث» لسنوات طويلة مؤلمة، مطلوب منه الآن مواجهة مشروع جديد يسمى «مشروع التمكين» للحكام الجدد.. الإخوان المسلمين!!