الذي فعلته القوات المسلحة ومجلسها الأعلي منذ اندلاع الثورة وحتي تسليم السلطة إلي الرئيس محمد مرسي بصفته رئيساً منتخباً، يستحق التكريم والتقدير، فجيش مصر أثبت يقيناً وأكيداً أنه يحمي الشعب والبلاد، وأكد بلا ما يدع أدني مجال لأي شك أنه لم يكن طامعاً في السلطة.. ولولا الحكمة التي تتمتع بها القوات المسلحة المصرية ومجلسها الأعلي الذي تولي حكم البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك وحتي تسليم السلطة إلي الرئيس مرسي، لكانت مصر قد شهدت أبشع مما شهدته سوريا الآن.. والذي فعله الدكتور مرسي بشأن منح المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، قلادة النيل ووسام الجمهورية، يعد ادراكاً كاملاً لما فعلاه من دور مهم منذ اندلاع الثورة وحتي تسليم السلطة.. ويستحق المجلس الأعلي وقيادات وأفراد القوات المسلحة أن يقام لهم تكريم لائق لدورهم الوطني الرائد والرائع الذي سيسجله لهم التاريخ بأحرف من نور. لقد منعت القوات المسلحة استنزاف دماء المصريين وكانت حريصة كل الحرص علي عبور مصر إلي بر الأمان حتي يتم انتخاب رئيس مدني وتأسيس دولة ديمقراطية حديثة رغم الكثير من اللغط والكثير من التطاول الشديد الذي واجهته قيادات المجلس العسكري ولكنها كانت تتمتع بحكمة بالغة وخطوات ثابتة في مواجهة الهجوم الشديد الذي مارسه البعض، لقد كان جيش مصر ثابت الجأس كما عودنا علي مر تاريخه، وحمل علي عاتقه حماية الشعب الثائر ضد الظلم والطغيان، وهي الثورة العظيم حتي تؤتي ثمارها وتنفذ أهدافها، ورغم الكثير من الهجوم الضاري الذي دار والهتافات القاسية التي كانت تطلق ضده، إلا أنه حمل علي عاتقه مسئولية حماية هذا الشعب والتمس له الأعذار حتي تمر الفترة الانتقالية بسلام، وحتي لا تشهد مصر ما نراه من مذابح حالياً في سوريا. والحق أقول لولا انحياز القوات المسلحة إلي شعبها في ثورته العظيمة، ما تخلصت مصر من الحكم العسكري الذي دام ستين عاماً، ولولا انحياز الجيش للشعب منذ اليوم الأول للثورة، ما رأينا رئيساً لمصر مدنياً أتي بطريقة انتخابية ديمقراطية.. ولذلك لم أكن مستغرباً من السر الذي أذاعه لأول مرة الدكتور السيد البدوي شحاتة رئيس الوفد، عندما أعلن في المؤتمر الجماهيري بمحافظة الغربية مساء الخميس الماضي، أن الحرس الجمهوري خرج يوم 28 يناير إلي ميادين مصر مسلحاً بالذخيرة الحية، فما كان من قيادة كبري في المجلس الأعلي للقوات المسلحة، أن استدعت قائد الحرس الجمهوري وكلفته بسحب الذخيرة الحية واستبدالها بذخيرة فشنك حرصاً من جيش مصر العظيم ألا يراق الدم المصري علي يد أي فرد من القوات المسلحة. الذي فعلته هذه القيادة العسكرية الكبري والتزام قائد الحرس الجمهوري بتعليمات القيادة يستحق من كل مصري أن يضرب لهما تعظيم سلام.. وعندما كنت أكتب مقالات أؤكد فيها قناعتي بأن المجلس العسكري سيسلم السلطة كنت علي يقين من ذلك، رغم أن كثيرين كانوا يلومونني علي ثقتي في عملية تسليم السلطة، فعندما يقول محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم إن جنود ومصر خير أجناد الأرض لا تعني فقط مقدرتهم علي خوض غمار الحروب، وإنما تعني حكمتهم ووقوفهم إلي صف الشعب المصري.. ومن هنا جاءت هذه القناعة وحرص جيش مصر ألا يصوب أسلحته إلي وجه الشعب، وكيف يتم ذلك وهو يري شعباً تعرض للقهر والظلم علي مدار عقود طويلة، وأبناء القوات المسلحة هم جزء من هذا الشعب، وليسوا جنوداً انكشارية لا قدر الله، أو مرتزقة كما في بلدان كثيرة!! وما قاله «البدوي» وأذاعة من «سر»، هو جزء من قليل فعلته القوات المسلحة ومجلسها الأعلي.. وأكبر دليل علي ذلك أن القوات المسلحة تركت الآن السلطة والسياسة وتفرغت لحماية حدود البلاد وأمر الوطن والمواطن.. أليس هذا كافياً لأن نضرب تعظيم سلام لجيش مصر العظيم ورجاله الشرفاء الذين أدوا دورهم علي أكمل وجه وكانوا حريصين علي ألا يسال المصريين وسلموا السلطة بعد ستين عاماً من الحكم. حمي الله جيش مصر العظيم الذي يحمي البلاد من كل من تسول له نفسه أن ينال منها.. ولابد من اقامة احتفالات تكريم لرجال القوات المسلحة الذين خرجوا من السلطة خروجاً مشرفاً في زمن قياسي لم يحدث في أي بلد قبل ذلك.