"كل فتاة بأبيها معجبة" مثل قديم نتذكره حينما نرى إنسانا يؤدي واجبه تجاه مهنته على أكمل وجه، لا فرق بين رئيس دولة وعامل نظافة فالكل سواسية في ميزان الدين والعمل، فماذا تنتظر لو أن بلدا أصبحت بلا رئيس...أو بلا عامل نظافة. وبما أننا في زمن الفوازير فاسمح لي عزيزي القارئ أن أطرح عليك هذه الفزورة.. لو معاك 10 جنيه تجيب بيهم كام وجبة في الشهر؟ سأترك لك الإجابة على السؤال الذي لم أستطع الإجابة عليه حينما طرحه علي رجال وسيدات ارتضوا على أنفسهم العمل وسط القمامة التي يرميها البعض على قارعة الطريق دون أي اعتبار لآدمية من سينحني ظهره لينظف فضلاته. ففي الوقت الذي يتقاضى فيه كبار مسئولي الدولة بدل سفر وإقامة وغذاء و...و...و.. تصل لآلاف الجنيهات يتقاضى عمال النظافة ،الذين يقومون بكنس الشوارع لمدة 7 ساعات يوميا ، 10 جنيهات بدل وجبة شهريا ، لتنطبق عليهم جملة عادل إمام الشهيرة في مسرحية شاهد ما شافش حاجة " 8 جنيه في الشهر ودول حسنة ولا مروة يعني؟!" يقول محمد ،مشرف جناين، : يا جماعة يا اللي بتقولوا مرتب عامل النظافة أكبر من موظف خريج الجامعه، احنا بنشتغل ورديات 7 ساعات، وبيتصرف لنا بدل وجبة 10 جنيه في الشهر، وطبعا أغلبنا من محافظات تانية والسفر علينا.. ويكمل حديثه قائلا: بس يشكَروا والله.. بيصرفوا لنا بدل مخاطر وعدوى نتيجة التعرض لأبشع انواع البكتيريا والجراثيم 50 جنيه في الشهر، بالله عليكم أي واحد بيأخذ شوية برد بيصرف كشف دكتور وأدوية كام؟ فما بالنا بالتهاب كبدي A و C وغيرها من الكوارث الصحية خاصة في مجال التنفس والشعب الهوائية !! ويقول الحاج عبد العظيم: بعد 35 سنة خدمة في الهيئة العامة للتجميل والنظافة مرتبي 1100 جنيه، ومكافأة نهاية الخدمة التي سأستحقها في شهر ديسمبر القادم عشرة آلاف جنيه، إلا أن أحدا لم يحصل على هذا المبلغ حتى الآن فالغالبية العظمي يضعون لهم العوائق لتتحول المكافأة بقدرة قادر إلى 3 أو 4 آلاف جنيه. ولا تندهش عزيزي القارئ إذا علمت أن عامل النظافة الذي لم يتعد مرتبه قبل الثورة 350 – 450 جنيه، مكلف بإحضار أدوات النظافة التي يستخدمها في عمله، حتى زيه ،الذي يتضمن بدلة وجوانتي وملابس داخلية ، من المفترض أن يحصل عليه كل ستة أشهر إلا أنه يتم صرف بدلة فقط للعامل كل سنة مع الإلحاح، أما تلك الكمامات والأقنعة التي تقيه شر الإصابة بالأمراض فلا محل لها من الإعراب . زباله يااااي "فقط إذا مرت عليك سيارة تحمل قمامة تتأفف وتضع منديلا على أنفك الذي اعتاد العطور، وإذا لا قدر الله لامست يدك صندوقا للقمامة تجري على المطهر ".. كان هذا تعليق للسيدة (ه .ع ) إحدى عاملات النظافة بمنطقة الدراسة، لتكمل قائلة : نتحمل كل ذلك منذ أكثر من 35 سنة على أمل أن يرفعوا لنا المرتبات حتى تحقق الحلم وصار راتبي بعد 15 سنة 850 جنيه. وتتساءل السيدة: ولكن ماذا يفيد هذا المبلغ مع أربعة أبناء وزوج مريض قعيد المنزل، هل ستعوضني نظرة أبناء منطقتي لي إذا علم أحدهم أني أعمل في جمع النفايات من الشارع، فأنا ألبس النقاب خشية أن يراني أحد أبنائي فما بالك بجيراني. وتتابع: حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من يقول أننا متسولون فهم لم يجربوا المعنى الحقيقي للحرمان، ثم إن هناك رقابة شديدة علينا ولا نستطيع اجبار أحد على مساعدتنا مثلما يفعل المتسولون والبلطجية، لم يتذوقوا طعم المرار وأنا أذهب لمكان خدمتي أتلفت يمينا ويسارا قبل أن أدخل لأخرج منتقبة وكأني هربانة من جريمة. تأمين.. بس مش صحي ونعود للحاج عبد العظيم لنسأله عن مدى فاعلية التأمين الصحي بالنسبة لعمال النظافة فكانت إجابته، الحمد لله ملوش وجود، من ساعة ما رحت أول مرة وأنا أشكوا من الكبد وهم نفس الشريطين مبيتغيروش، نفسي أروح لدكتور وميكتبليش البديل، ألاقي حد يسمع شكوتي في حق الممرض اللي بيعاملني كأني جرثومة ونسي إن لولانا كانت البلد – ضربت-. وعن مدى فاعلية التقدم بشكوى للمختصين يؤكد عاصم ،أحد عمال النظافة، أن الإجابة دائما هي التسويف والتأجيل وكأنهم سيفتحون عكا، حتى أننا نذهب لأطباء خارج التأمين عشان بس حد يسمعنا ويحسسنا اننا بشر مش حاجة تانية، وحتى دول بعضهم لو عرفوا مهنتنا بيستقلوا بينا. وعن علاقة عمال النظافة بالهيئة أكد عاصم أنها من أسوأ ما يكون فالمحسوبية هي الطاغية وصم الآذان هو المنهج وقول كلمة مش من حقك هي الرد الوحيد، وكأنهم تناسوا أننا نحن عمال النظافة الأصليين وليس الشركات الأجنبية. ويضيف الغريب إن لو واحد فينا غاب بدون استئذان لظروف طارئة يخصموا ليه يومين، ولو قدمنا على إجازة يقول لك المجال لا يسمح حيرونا معاهم. المواطن..سلبي وبما أننا نعيش تجربة ال 100 يوم التي تعهد فيها الرئيس محمد مرسي بأن تكون مصر أكثر نظافة تطرق الحديث حول سلوكيات الشعب المصري وكيف نتوصل إلى أن نكون دولة نظيفة؟ لتؤكد لي الحاجة (ه.ع ) أن غالبية الشعب المصري سواء متعلم أو أمي لا علم له بأصول النظافة. تقول ساخرة: مش هأقول العربية تبقى آخر موديل وتترمي الزبالة علينا من الشباك، ولا إن البيوت والعمارات ساعات بيستخسروا يدوا الزبال اللي بيعدي عليهم راتبه وبيبلونا بيها في الشارع، لا ده أنا هتكلم عن اللي بيقولوا علينا زبالين ونسيوا إن اللي بيرمي الزبالة هو اللي يستحق الكلمة دي، أما احنا فراضيين باللي قسمه لينا ربنا إننا نكون مجرد سبب يمكن الناس دي تفهم يعني إيه نظافة وتجميل. شاهد الفيديو: