يعتبر شهر رمضان المبارك لدى المسلمين في البلدان الغربية مناسبة دينية يحن إليها المسلمون القاطنون أو المهاجرون إلى تلك البلدان، حيث إنهم لا يستطيعون أداء طقوسهم الدينية والشعور بفرحة الأعياد والمناسبات الدينية، وسط مجتمع غربي شديد العلمانية. ووسط افتقاد المسلمين في فرنسا طقوس الاحتفال برمضان، حيث إنه لا شيء في الحياة اليومية الفرنسية يوحي بأن شهر رمضان قد بدأ، إلا في بعض الأحياء المختلطة في باريس وغيرها من المدن الفرنسية، يتهافت الناس على المتاجر المتخصصة بالبضائع الشرقية للتسوق تحضيرا لمائدة "إفطار شرقية". شهر التلاقي والتواصل ويعيش في فرنسا عدد كبير من المسلمين المهاجرين من أصول عربية، أغلبهم من "تونس والمغرب والجزائر"، حيث يعمل هؤلاء المسلمون على استحضار طقوس رمضان في موطنهم الأصلي، خصوصاً فيما يتعلَّق بأنواع الطعام والحلوى التي اعتادوا أنْ تزخر بها الموائد الرمضانية منذ طفولتهم وسط أُسرهم، حتى المهاجرون من سنواتٍ طويلةٍ يحملون نفس الحرص على التفاصيل الرمضانية؛ كي يَشِب أبناؤهم عليها، ويتمسكون بها على مدى الأجيال القادمة. ويعتبر شهر رمضان هو شهر التلاقي والتواصل بين المسلمين في فرنسا، حيث يقومون بالتضامن مع المحتاجين والوقوف إلى جانبهم، فتقام موائد الرحمن داخل مساجد فرنسا، وفي مقدمتها - أو أكبرها على الإطلاق- مائدة مسجد باريس الكبير؛ حيث يفتح أبوابه أمام الجميع قبل ساعات قليلة من موعد الأذان. ويقضي المسلمون في فرنسا أوقاتهم بين الصيام، وتبادل الزيارات، والتضامن مع الفقراء والمحتاجين، وحضور اللقاءات الدينية والفكرية التي تُقام في العديد من الأماكن والأحياء التي يقطنها غالبيةٌ من المسلمين، كما يقوم مسجد باريس بتقديم وجباتٍ غذائيةٍ طوال شهر رمضان المبارك للفقراء والمحتاجين. شوربة للجميع وفي بادرة خير من إحدى الجمعيات الخيرية في فرنسا، قامت جمعيةٌ خيريةٌ تحمل اسم "شوربة للجميع"، التي تقوم منذ نشأتها قبل نحو 18 عاماً بتوزيع وجباتٍ مجانيةٍ من الشوربة على الفقراء والمحتاجين في بلدية الدائرة ال19 لمدينة باريس، سواء مسلمين أو غير مسلمين. ولا تفرق هذه الجمعية بين مسلم أو غير مسلم، حيث تقدم الوجبات الغذائية إلى الفقراء والمحتاجين خلال الشهر الكريم، دون النظر إلى ديانتهم، حيث يغتنم الكثير من الفقراء الفرصة في رمضان لتناول وجبات الشوربة الساخنة. وتقوم جمعية "شُربة للجميع" في بَقِيَّةِ أيام السنة بجولاتٍ في الشوارع الفرنسية من حينٍ إلى آخر لتوزيع الشُربة في مناطق معينةٍ، وخاصةً قُرب محطاتِ مترو الأنفاق في الدائرة التاسعة عشرة والثامنة عشرة من باريس؛ حيث يتجمَّع عادةً المحتاجون والمشرَّدون. وتأسَّست منظمة "شُربة للجميع" سنة 1992م بالعاصمة الفرنسية، وتقوم منذ ذلك التاريخ بعملٍ إغاثي وخيري يهدف إلى توفير أكلة الشربة المشهورة في بلاد المغرب العربي للمحتاجين في شوارع فرنسا، عن طريق تعاون حوالي (250) شخصاً يعملون كمتطوِّعين. ويأخذ عمل الجمعية طابعاً تضامنيًّا أكبر في شهر رمضان المبارك؛ بالنظر إلى كونها تنصب خياماً، ويجوب أفرادها شوارع المدن الفرنسية لتقديم الشُربة للصائمين والمحتاجين عامة، وتقول المنظَّمة: إنَّها وزَّعت حوالي (300) ألف وجبةِ غذاءٍ خلال عام 2008م فقط. شاهد الفيديو