بعيدا عن أجواء ملبدة ب"الطائفية" وسحابة قلق تظلل سماء مصر الثورة وترسو على قرية دهشور، حضر مينا دانيال ب"ابتسامته" التي أزهقتها رصاصة "ماسبيرو" إبان تظاهرة للأقباط، اتشحت بلون الدماء، ولم يظهر بعد الجاني فيها من المجني عليه. هنا في عزبة النخل حيث منزل "جيفارا المصري" حسبما يلقبه محبوه، اتسعت أرجاء المكان ل"إفطار رمضاني" مصري يزحزح قليلا مشهد "الفتنة"، مثلما اتسع ميدان التحرير في مطلع الثورة ل"المسلمين والأقباط" ضاربا مثلا فريدا ل"التناغم الوطني" الذي ذهب أثره وبقيت ذكراه. مصر راجعة لينا بالشهيد "عفت ومينا" كان الشعار بسيط اللفظ عميق المعنى قادرا على لم شمل "الثوار" لبضع دقائق على مائدة ممهورة ب"الحب" والحنين ل"ليالي الميدان"، الشموع أضاءت مدخل المنزل الذي ضم شباب الثورة والنشطاء، والأغاني الوطنية ذات البريق الثوري ترنيمة رددها الجميع "اتجمعوا العشاق في سجن القلعة"، واتجمع الثوار في منزل الناشط القبطي "شهيد الحرية"، لا صوت يعلو في منزل مينا دانيال فوق صوت "الوطن". الجيران الذين يعرفون الثورة من الشاشات المتلونة، تضامنوا مع "دانيال" ورفاقه، "يا مصر قومي وشدي الحيل" وتر اتسع ل"عزف الجميع"، الإفطار المصري لم يفتش في ضمائر الحاضرين، لا فرق بين من أتاه ثائرا أو زائرا، عمر القاضي أحد فناني الميدان استهل حديثه ب"تهنئة" لأرواح الشهداء، مصحوبة بتأكيد على استمرار الثورة وفاءً للدماء التي أهدرت في سبيل الحرية، الهتاف ضد العسكر قاسم مشترك بين الميدان ومنزل مينا دانيال. "أزمة دهشور" ليست بمعزل عن رفاق مينا، "اقتل يا بطل" إطلالة شعرية للناشط أحمد دومة، تحمل سخرية من الاحتقان الطائفي الذي بدد نضارة "مصر". "دومة" الذي اختلطت شاعريته ب"ثوريته" قال فيما اعتبره "رسالة للمصريين" إن الثورة قامت في مصر بهدف "وحدة الجميع"، واستطرد "كلنا مصريون لا مجال للتصنيف" إخوان، سلفيين، أو عسكر، ومن يسعى لإشعال الفتنة سنتصدى له". عرج دومة على "منطقة الطائفية"، إلى القصاص للشهداء قائلا: "هناخد بتارك يا مينا أنت وكل الشهداء" مختتما بقسم ردده الجميع ل"استكمال الثورة". "احنا في بلد شهداء ماشيين في جنازة بعض" مقطع من رائعة الشاعر زين العابدين "مينا الفراشة"، اختتم بها حفل إفطار شباب الثورة، ليودع منزل "جيفارا المصري" حالة مصرية خالصة يتبين عندها الخيط الأبيض من الخيط الأسود في ثوب الوطن بينما، ويبحث عنها النظام في "ضباب" فتنة دهشور