«لوزير المالية حق إصدار صكوك ضريبية يكتتب فيها الممولون وتحمل بعائد معفى من الضرائب يحدده الوزير، وتكون لهذه الصكوك وللعوائد المستحقة عليها قوة الإبراء عند سداد الضرائب المستحقة».. يمثل هذا النص التشريعى أهم مواد قانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 لتحقيق ضمانات تحصيل الدولة للضريبية، لكنها تحولت إلى أبرز المواد التى انضمت إلى طابور العاطلين عن التطبيق ضمن هذا القانون، فقط كل ما شهدته تلك المادة من تفعيل هو تغير ترتيبها فى المرحلة الانتقالية من قانون الضرائب القديم رقم 157 لسنة 1981 إلى القانون الجديد، لتصبح المادة رقم 115 حالياً بعد أن كانت رقم 170 فى السابق. وتسيطر حالة من الدهشة على المجتمع الضريبى لعدم تفعيل هذه المادة بالقانون، نظراً لما تمثله الصكوك الضريبية من أهمية مزدوجة لمصلحة الضرائب والممول على حد سواء، حيث استهدف القانون من منح وزير المالية سلطة إصدار صكوك ضريبية أن يجعل من هذه الصكوك وثيقة ضمان سداد الممول للضريبة وتأمين الحصيلة الضريبية، وفى المقابل يستفيد الممول من هذه الصكوك استفادة مباشرة باستثمار جزء من أمواله يتمتع بالإعفاء الضريبى، وفى الوقت نفسه يكون عائد هذه الصكوك معاوناً للممول فى سداد الضريبة المستحقة عليه، حيث يمكن بطلب من الممول مالك هذه الصكوك استخدامها فى تسوية المستحقات الضريبية المستحقة عليه للضرائب، بالإضافة إلى أن هذه الصكوك يمكن أن تسهم فى زيادة الحصيلة الضريبية، خاصة إذا نجحت المصلحة فى تشجيع وجذب الممولين للاكتتاب فيها، وذلك من خلال التحديد العادل لعوائدها، بما يتناسب مع انخفاض معدل المخاطرة الاستثمارية لها باعتبار أن هذه الصكوك مضمونة من الخزانة العامة للدولة، كما أن لها تنافسية بين أدوات الدين الأخرى فى الأسواق المالية تتمثل فى إعفاء عوائدها من الضرائب. وطالب خبراء الضرائب والمستثمرون بضرورة اهتمام حكومة الدكتور هشام قنديل الجديدة بإعادة هيكلة المنظومة الضريبية وضمان تحقيق الحصيلة من خلال إصدار الصكوك الضريبية، وأكدوا أنها تعد أقصر الطرق لتحقيق الزيادة فى الحصيلة الضريبية المهددة بعد تحقيق المستهدف منها نظراً لتأثر نشاط الشركات بأحداث ما بعد الثورة، وبالتالى تعتبر أقصر الحلول المتاحة لمواجهة العجز بالموازنة العامة للدولة، ويؤكد خبراء الضرائب أنها تعد أفضل بكثير من الصكوك الإسلامية المتوافقة مع الشريعة والتى يثار حولها حالياً جدلاً شديداً داخل السوق المالية المصرية كبديل للاقتراض الخارجي!!، خاصة أن مصلحة الضرائب سبق لها دراسة طرحها بالخارج، كما تتمتع الصكوك الضريبية أيضاً بميزة الإعفاء الضريبى مقارنة بالودائع البنكية. ويرى عصام خليفة، خبير الأوراق المالية، العضو المنتدب لشركة الأهلى لصناديق الاستثمار، أنه من المنتظر حدوث إقبال كبير من جانب ممولى الضرائب على الاكتتاب فى الصكوك الضريبية فى حال طرحها، وبرر ذلك بالميزة المهمة التى تختص بالإعفاء الضريبى، مما يجعلها فرصة استثمارية جيدة للغاية، خاصة فى ظل إنهاء الإعفاء الخاص بالأذون والسندات، ويوضح أن اعتبار هذه الصكوك حكومية يجعلها من الأوراق المالية شبه الخالية من المخاطر، لأنها تمس سمعة الدولة ذاتها، وبالتالى فإنه لا مجال لمخاوف الممولين من استثمار أموالهم مع الضرائب، ويطالب «خليفة» بضرورة الإسراع فى تفعيل قانون الضرائب فيما يتعلق بطرح هذه الصكوك الضريبية حتى تكون فرصة لفتح مجال جديد للاستثمار الآمن، مشدداً على ضرورة آليات محددة للتعامل عليها، بما يضمن حقوق الممولين واستثماراتهم بجانب حق الدولة فى الضريبة. ويؤكد المحاسب القانونى أشرف عبدالغنى، رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية، أن الصكوك الضريبية فرصة جيدة لتوظيف السيولة المتوفرة لدى الشركات والمؤسسات الاستثمارية، حيث إن الإعفاء الضريبى الذى يتمتع به عائدها يجعلها تتميز عن الودائع البنكية التى تخضع للضريبة، وأوضح أن الصكوك الضريبية تمثل الضمان للحصيلة الضريبية فى حالة العجز فيها، فهى تبرئ ذمة الممول من الضرائب المستحقة عليه، حيث تقوم المصلحة باستخدام الصك وفاء لمستحقاتها، وذلك بديل عن استخدام الشيكات التى يتم تقديمها تحت حساب الضريبة لسد العجز الوقتى فى الحصيلة. ويعترض رئيس الجمعية على استمرار تعطيل طرح الصكوك الضريبية، رغم أهميتها، مثلما يحدث من تعطيل إنشاء المجلس الأعلى للضرائب وحتى كتاب العقوبات المعطل بالكامل، مطالباً مصلحة الضرائب بتشجيع الممولين على الاكتتاب فى هذه الصكوك، خاصة أنها اختيارية، وذلك من خلال إعداد قائمة خاصة مميزة للمكتتبين فيها يتميزون من خلالها بمعاملة أفضل عن باقى الممولين من خلال سرعة إنهاء الإجراءات الضريبية وحل المشكلات التى تطرأ بين الممول والمكتتب فيها والمصلحة، وشدد على ضرورة أن يحدد وزير المالية شروط التعامل عليها ومدتها ونسبة العائد منها بكل دقة. ويحذر «عبدالغنى» من غياب الشفافية من جانب مصلحة الضرائب فى التعامل مع الصكوك الضريبية، وذلك من خلال «الطمع» فى القيمة المالية للصك لدى المصلحة للمطالبة بفروق ضريبية ومستحقات مغالى فيها حتى يتم الحصول على عائد الصكوك بالكامل، مؤكداً أن هذه الممارسات ستضر بالهدف الأساسى لهذه الصكوك وهو ضمان سداد الضريبة وزيادة الحصيلة. ومن جانبه، يؤكد المحاسب القانونى أحمد شحاتة أنه من المفروض أن يكون البديل الحكومى نحو سد عجز الإيراد العام يعتمد على تحفيز المكتتبين فى الدين العام المحلى، ولكن لم يعد لدى الحكومة حالياً سوى أداء تمويلية وحيدة تتيح التمويل المحلى وليس الأجنبى وهى الصكوك الضريبية، فبخلاف ذلك ستلجأ الحكومة فى الموازنة العامة لتغيير جنسية الدين العام من المحلى إلى الخارجى، وهو ما يصاحبه من مساوئ اقتصادية بالغة، مما يفرض أهمية الحفاظ على نسبة الدين العام المحلى للدين الخارجى. ويحذر من التعامل مع الصكوك الضريبية مثل أذون الخزانة من خلال سياسة انخفاض العائد نظراً لضعف المخاطر الناتجة عن ضمان الحكومة لها أو لاعتبارها معفاة من الضرائب، ومن هذا المنطلق يطالب «شحاتة» أن يتم تحديد العائد بطريقة فنية توازن بين المخاطر ومعدل العوائد، أى تكلفة الفرصة البديلة، وذلك باستخدام معدل مقابل علاوة مخاطر بما لا تصل إلى تكلفة الفرصة البديلة للإدخار فى الجهاز المصرفى، حتى يتم جذب المستثمرين على استثمار حجم الأموال المعطلة لديهم فى تلك الصكوك، مع إمكانية تداول الصكوك لاستخدامها كأداة مالية سريعة التحول إلى نقدية، وتكون من أهم أدوات السيولة النقدية للشركات والمؤسسات الاستثمارية.