على بُعد أمتار قليلة من غرفة المداولة بمحكمة الأسرة بزنانيري، جلست "زينب" في عقدها الثاني من عامها العشرين، برفقة والدتها الخمسينية في انتظار بدء جلسة دعوى الخلع التي أقامتها ضد زوجها بعد زواج دام 3 سنوات، بعد أن صوَّب سلاحه في وجهها. كانت الفتاة ترتدي ملابس متواضعة ألوانها زاهية، وتخفي آثار جروح قديمة أصابت وجهها الخمري جراء اعتداءات زوجها المستمرة عليها -كما روت- ولا تكف عن إطلاق الضحكات وتبادل الأحاديث التي لا تخلو من السخرية من حالها. بعين قلقة تتفحص كل شيء يحوطها تبدأ الزوجة العشرينية في سرد حكايتها: "تزوجته بعد قصة حب طويلة، كان عمري وقتها لا يتعدى ال 19 عامًا، وهو كان مجرد شاب بسيط، رزقه يوم بيوم، يسعى فى مناكب الأرض بحثًا عن بضعة جنيهات تبقيه على قيد الحياة، لكني لم أبالِ بضيق حاله، وأصريت أن أكمل معه ما تبقى من حياتي". تواصل الزوجة الشابة حكايتها: "ولأنني من اخترته، وتحديت الجميع من أجله، لم أكن أستطيع أن أبوح لأهلي بما كان يفعله بي، لكن آثار اعتداءاته المستمرة عليَّ بسبب وبدون سبب، والجروح الغائرة المنتشرة بوجهي وجسدي ورأسي كانت كفيلة بترجمة ماكنت أعجز عن الإفصاح به بلساني، ومع تكرر وقائع الضرب وتعدد الإصابات، قررت أن أكف عن الصمت وتركت له منزل الزوجية، لكن سرعان ماعدت إليه بسبب تعلقي به وحبي له، وبعد تعهداته لي ولأهلي بحسن معاشرتي، ويا ليتني مافعلت، فلم يلتزم زوجي بأي وعد قطعه على نفسه، وبات يقضى معظم وقته يتلذذ بإهانتي". تنهي الزوجة العشرينية حديثها سريعًا فقد حان موعد جلستها: "وفي آخر مرة نشب خلاف كبير بيننا على أثره صوَّب سلاحه في وجهي، حينها أيقنت أنه لا يحقُّ غضّ الطرف عن تصرفه المشين هذا، وأن حياتي معه لا تزال في خطر، فقررت الانفصال تمامًا، وانتقلت إلى بيت أهلي، وأشار عليَّ المقرَّبون أن أنهي حياتي مع هذا الشخص البلطجي الذي لا يحترم ذاته، ولا يحترم زوجته، ويهين كرامتها، وأبدأ حياة جديدة مع شخصٍ يقدِّر قيمتي، وأشعر معه بالأمان، أشكر الله أنه كشف لي حقيقته قبل أن يضيع عمري هباءً معه، وأن لا رابط يربطني به، فأنا لم أنجب منه أطفال، وبعد تفكير طويل اقتنعت بحديث المقرَّبين، وبالفعل لجأت إلى محكمة الأسرة، وتقدمت بطلب لتطليقي منه طلقه بائنة للخلع مقابل تنازلي عن كافة حقوقي المالية والشرعية ورد مقدم الصداق المبرم في عقد الزواج بعد 3 سنوات".