بجوار كرسي خشبى يحتله رجل خمسيني بجسده المترهل، جلست"أسماء" برفقة صغيرتها العالقة في صراع مع النعاس خشية إثارة غضب أمها، تنتظر إعلان بدء جلسة دعوى الطلاق للضرر التى أقامتها أمام محكمة أسرة البساتين ضد زوجها بعد زواج دام 10سنوات بسبب بخله وضربه لها. كانت ذات ال الثلاثين التي تخدعك عند تحديد عمرها الحقيقي، ترتدي عباءة سوداء متواضعة، مرصعة بأحجار ذهبية عند الصدر، وتطوق وجهها الخمري بحجاب حريرى لونه باهت وتقبض بيدها على حافظة مستندات حالها لا يقل بؤسًا عن حالة صاحبتها. وبصوت منكسر ومرتعش بدأت الزوجة التي زادها الحزن عمرًا فوق عمرها في سرد حكايتها: "منذ اليوم الأول لزواجنا الذي تم عن طريق أحد معارفنا، وأنا أشعر أنه شخص غريب الأطوار، فقد كان يثور على أتفه الأسباب ويسدد اللكمات والصفعات إلى وجهي بسبب وبدون سبب، ثم يهدأ ويلقي على مسامعى كلمات العشق وكأن شيئا لم يحدث، علاوة على أنه كان مريض بداء البخل، وكان دائمًا يدَّعي الفقر، ويتعمَّد ألَّا أرى ماذا ابتاع حتى لا أطالبه بمال". تدور الزوجة ببصرها فى أرجاء القاعة وهى تكمل روايتها: "ليس ذلك فحسب ..بل إنه عثر على مال بحوزتي يستولى عليه في الحال ويخضعه إلى سيطرته رغم أنه يعلم جيدًا أن أهلي يساعدونني بتلك الجنيهات القليلة كي أبقى أنا وابنتي على قيد الحياة بسبب تجويعه لنا وتقصيره في الإنفاق على بيته، والأدهى من ذلك أنه لم يكن لي حق الاعتراض، وإلَّا يكون الضرب المبرح جزائي، ومع تعدد وقائع الضرب والإصابات، قررت أن أترك البيت وأضع حدًّا لمعاناتى مع هذا الرجل المريض بداء البخل، وعدت بالفعل إلى بيت أهلى". ترتب الزوجة الشابة هيئتها وتتصفح أوراق دعوى الطلاق للضرر بعناية قبل بدء الجلسة: "حاول زوجى بعدها أن يعيدني إلى البيت، وتعهد بالكفِّ عن الإساءة إليَّ وإهاني وضربي والاستيلاء على أموالي والإنفاق عليَّ، لكنني لم أصدقه فكثيرَا ما وعدني بالصلاح لكنه لم يفِ بأي من عهوده، وأصريت على الطلاق، رغم أنني كنت على يقين بأن أهلي لن يقبلوا بأن أطلب الطلاق بحجة أن هناك طفلة تربطنا وتحتاج إلى رعاية أمها وأبيها، وعندما طالبته رفض ثم عاد وقبل بشرط أن أدفع له مقابل هذا الطلاق، في هذه الحالة قررت أن أتخلى عن ضعفي وخوفي وأسقطت كلام الجميع من حساباتى، وتركت له البيت لائجة إلى محكمة الأسرة طالبة تطليقى منه طلقة بائنة للضرر.