«مع إطلالة الأيام الأولى لشهر الصوم الكريم، الذى يحتفى به الجميع- مسلمين ومسيحيين- مازال أشقاؤنا فى الوطن يتابعون تداعيات وصول التيار الإسلامى إلى الحكم فى «مصر» بمزيج من القلق أحيانًا، والخوف من المستقبل أحيانًا أخرى، ولكن مخاوفهم تدور أساسًا حول ممارسات بعض عناصر الجماعات السلفية، الذين يطلقون تصريحات بغير ضابط أو رابط، ويتصرفون كأن الدنيا لهم وحدهم، متناسين أن فى «مصر» ملايين من غير المسلمين وأضعافهم من المسلمين المعتدلين، الذين يشاركون إخوانهم المسيحيين القلق والمخاوف، مع الأمل فى أن تسود روح الإسلام الحقيقى لتظلل أبناء حضارته، مهما اختلفت دياناتهم، والمسيحيون المصريون معذورون فى مخاوفهم التى تنتابهم والقلق الذى يعتريهم، فهناك حملات منظمة فى عدد من الدول العربية والإسلامية للإطاحة بالأقليات المسيحية مثلما حدث فى «العراق» و«لبنان» وغيرهما من البلدان الآسيوية والأفريقية».. تلك كانت الفقرة الأولى من مقال هام للكاتب والمفكر الدكتور مصطفى الفقي يوم الخميس 19/ 7/ 2012 بعنوان «المسيحيون المصريون.. القلق المشروع.. لقد كنت - ومازلت أكره - أن يبدو المواطن المسيحي في وسائل الإعلام وعبر فنون الدراما أوعلى موائد الحوار والمنتديات الفكرية، أنه صاحب الكيان الهزيل الضعيف البكاء الشكاء المظلوم والمجني عليه، مشروع الشهيد في عصور الاضطهاد، وكتبت في هذا الإطار وكررت القول في كل مقابلاتي أعرب عن تبرمي من تلك الصورة، حتى حدث زلزال تفجيرات كنيسة القديسين، عندما قرر الشباب السكندري المسيحي بمشاركة إخوته في جماعة «كلنا خالد سعيد» التظاهر وإعلان الغضب الوطني، وكان أن غادروا التجمعات الكنسية التي ظلوا يتبادلون فيها ملاحم المشاطرة والتباكي ، وإدراك أن الحصول على الحقوق ودرء وقوع التمييز الديني وغيرها من المطالب ينبغي السعي إلى تحقيقها وإدراكها في إطار المطالبة بكل الحقوق الإنسانية المطلوب أن يكفلها الوطن وأي نظام حاكم لمواطنيه ، وعليه كان أمر التوافق على صياغة دستور وطني الأمر الأكثر أهمية للاحتشاد وبذل كافة الجهود لتجاوز كل محن تبعات التوجهات العنصرية والطائفية والتمييزية التي تحيط بدوائر صنعه.. بالأمس القريب تابعنا الخبر التالي على موقع اليوم السابع: «أكدت مصادر للجريدة أن عددا من الدعاة وكبار مشايخ السلفيين قرروا مواجهة الرئيس محمد مرسى بالفتاوى القاطعة التى تُحرم تعيين امرأة أو قبطى فى منصب نائب الرئيس على أساس عدم جواز تولى المرأة منصب الولاية الكبرى وعدم جواز تولى غير المسلمين منصبا رئاسيا على المسلمين. ويأتى تصعيد كبار السلفيين بعد المعلومات المتواترة حول اتجاه تعيين الرئيس نائبين، قبطيا وامرأة وفاء للوعود الانتخابية التى قطعها على نفسه، وأن يتم تعيينهم فى منصب مستشارين فقط،.. وأضافت المصادر، أنهم قد أكدوا له أن علماء الأمة اتفقوا على منع المرأة من الولاية الكبرى أو الإمامة العظمى، مستشهدين على ذلك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».وأفتى الدكتور عبد الآخر حماد، مفتى الجماعة الإسلامية، بعدم جواز تولية غير المسلم أو المرأة فى منصب رئيس الجمهورية، مؤكداً أن اختيار قبطى أو امرأة أمر ليس من الإسلام فى شىء، مشدداً على أنه «لا ولاية لكافر على مسلم» ، و أنه لا يجوز الاستدلال بواقعة تعيين السلطان صلاح الدين الأيوبى نائبا قبطيا، على جواز تعيين نائب قبطى لرئيس الجمهورية، موضحاً فى فتوى بثها على موقع «صوت السلف»، أن الأدلة تكون من الكتاب والسنة، وليست من الوقائع التاريخية لغير معصوم..».. انتهى الاقتباس من الخبر، فإذا أضفنا حكاية المواجهة والاشتباك مع القضاء والاختلاف مع القوات المسلحة فالأمر يشي بحالة مخيفة لواقع مرتبك داعم للإحساس بالقلق... نعم د. مصطفى الفقي، هناك الكثير من التصريحات والأحداث التي تثير مشاعر القلق لدى المواطن المصري المسيحي والمسلم الوطني.. وأظن أن تشكيل العديد من الائتلافات المسيحية التي تشكلت مؤخراً والتي منها الإعلان عن تشكيل برلمان للأقباط وجماعة «الإخوان المسيحيين» أتت بمثابة رد فعل لحالة القلق لدى المواطن المسيحي .. في لقاء هام مع شاب مثقف مستنير كان أميراً للجماعة الإسلامية بالمطرية حاورته الإعلامية الرائعة باسنت موسى على شاشة موقع «أقباط متحدون»، وحول سبب الانضمام للجماعة قال إنه الولع بالانتماء لأي تجمع لإثبات الذات بالنسبة للشباب الصغير تستثمره قيادات تلك الجماعات، وأن نشأة الجماعات الإسلامية في الجامعات في مطلع السبعينات أكدت على كُفر مؤسسات الدولة والتي منها مجلس الشعب واختلفت مع الإخوان في مشروعية التقدم لانتخاباته، وأضاف إن المساجد الموجودة تحت العمارات لا رقابة عليها، إلى حد إمكانية وجود «سنج» وغيرها من الأسلحة، وأن السجون هي المدرسة الداخلية التي تُلقن فيها تلك الجماعات شبابها قواعد وأسس الدعوة على طريقتهم، وأشار إلي أن خروجه على الجماعة جاء بعد أن قرر الانفراد بنفسه وإعادة التفكير فيما يفعل وما تقوم به تلك الجماعات بدراسة متأنية لمدة عام عاد على أثرها لصحيح الدين وثوابته الإيمانية.. برافو الأمير السابق وبرافو باسنت.. في كتاب هام للكاتب والقصصي المبدع روبير الفارس «البابا شنودة والتيارات الإسلامية» حول علاقته بالإخوان المسلمين.. كان آخر لقاء لقداسة البابا شنودة الثالث قبل رحيله مع الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وهذا الأمر فسره البعض على أنه مجرد زيارة ودية للاطمئنان على صحة البابا، في حين أن بديع أكد أن البابا تحدث كثيراً عن مصر وحبه لها ، ورأى آخرون أنه فتح بذلك قناة حوار مع التيار الذي استحوذ على السلطة ، الأمر الذي يجعلنا نذكر بأن قداسة البابا قد سبق والتقى بعض أفراد من جماعة الإخوان المسلمين، كما التقى في الماضي المرشد حامد أبو النصر والمرشد عمر التلمساني.. ويبقى لدى أقباط مصر سؤال يزيد من مشاعر قلقهم : من هو البابا القادم في عصر الإخوان؟!