في الوقت الذي كان ينتظر فيه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها شهر رمضان، ضيفا كريما مفعما بالرحمات والبركات والخيرات والصلوات والزكوات والدعوات، أراد الله عز وجل أن يقدم للأمة بين يدي الشهر الكريم نفحات أكبر من كل الخيالات، وأعظم من كل التوقعات، حيث مات اللواء عمر سليمان "العقرب السام" لكل مصري أو فلسطيني أو عربي - كما يُسمى في عالم السياسة أو إن شئت عالم الخساسة والدياسة – أو "الصندوق الأسود" لحسني مبارك والكيان الصهيوني وأمريكا، ومهما قيل إنه لا شماتة في الموت فقد جاء نص القرآن يعبر عن الفرحة بهلاك الظالمين حيث يقول سبحانه: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:45)، وقد سجد أبو بكر سجدة شكر لما سمع بمقتل مسيلمة الكذاب، وكيف لا يفرح المسلمون بقدوم رمضان وهو شهر تُغسل فيه القلوب من الذنوب والأدران، والغفلة والعصيان، ولكن الله تعالى أراد أن تُغسل الأمة العربية والإسلامية كلها بهلاك عدد كبير من أكابر المجرمين في يوم واحد، ففي الوقت الذي يفكر فيه كل إنسان أن يغسل نفسه في رمضان، فإن الله تعالى يدبر للأمة قاطبة بأن يغسلها كل عام من كثير من الأدران ويطهرها من الرجس والأوثان، فتأتي في رمضان رحمات فردية لأشخاص الأمة، ورحمات أخرى جماعية لعموم الأمة، ومن هذه الرحمات الجماعية أكثر من 22 سرية وغزوة تمت إما قبل رمضان بأيام بشارة بين يدي الشهر أو رحمات متدفقة في رمضان، أو انتصارات بدأت في رمضان واكتملت في شوال ومنها: 1- سرية سيف البحر بقيادة سيدنا حمزة بن عبدالمطلب في رمضان سنة 1ه. 2- غزوة بدر الكبرى في رمضان سنة 2ه، ونصر الله فيها المؤمنين، وقُتل من قريش سبعون من أكابر مجرميها، مثل أبو جهل وعقبة بن أبي معيط وصناديد قريش الذين فعلوا الأفاعيل في المسلمين. 3- غزوة بني سليم ضد قبائل غطفان وبني سليم، وكانت في أول شوال بعد غزوة بدر. 4- غزوة بني قينقاع كانت بعد رمضان بأيام بعد العودة من غزوة بدر. 5- غزوة أحد في رمضان سنة3ه. 6- غزوة حمراء الأسد بعد أحد مباشرة. 7- غزوة بدر الثانية بدأ التحرك لها من شعبان من السنة الرابعة من الهجرة وكان عدد الجيش الإسلامي ألفا وخمسمائة، وخرج أبو سفيان في ألفين من المشركين، ولكن الرعب دب في قلوبهم فعادوا ينتظرون عاماُ خصباً، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش في رمضان بعد أن أقام بالجيش ثمانية أيام ببدر. 8- عزوة الأحزاب سنة 5 ه. 9- غزوة بني قريظة سنة 5ه. 10- سرية سيدنا أبي بكر الصديق وقيل زيد سنة 6ه. 11- سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين سنة 6ه. 12- سرية غالب بن عبدالله الليثي في رمضان سنة 7ه. 13- سرية عبدالله بن رواحه إلى خيبر في شوال سنة 7ه. 14- سرية بشير بن سعد الأنصاري في شوال 7ه. 15- فتح مكة في رمضان سنة 8ه. 16- سرية خالد بن الوليد بعد فتح مكة. 17- سرية عمر بن العاص سنة 8ه. 18- سرية سعد بن زيد الأشهلي سنة 8ه. 19- سرية خالد بن الوليد في شوال سنة 8ه. 20- غزوة حنين في شوال سنة 8 ه. 21- غزوة الطائف في شوال 8ه. 22- غزوة تبوك بدأت في رجب من السنة التاسعة من الهجرة وانتهت في رمضان. من هذا الاستقصاء يبدو لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حارب في رمضان بعد الإذن بالقتال في السنة الأولى من الهجرة في اثنتي عشرة غزوة وسرية في تسع سنوات، وحارب في شوال ورمضان والإعداد للجهاد من خلال شعيرة الصيام في إحدى عشرة غزوة وسرية وكانت رحمات رمضان تنزل تترى الأمة كلها. وهناك فتوحات ونفحات ربانية كثيرة في رمضان من تاريخ أمتنا منها: 23- فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد في يوم 28 رمضان سنة 92 ه. 24- موقعة الزلاقة في الخامس والعشرين من رمضان سنة 479ه. 25- موقعة عين جالوت يوم الجمعة 15 رمضان سنة 658 ه. 26- حرب العاشر من رمضان سنة 1383 ه، في أكتوبر سنة 1973م. فأراد الله سبحانه وتعالى أن يقدم لنا بين يدي رمضان بموت أو قتل عمر سليمان في أمريكا أو سوريا في نفس التوقيت الذي قُتل فيه أكابر المجرمين في العالم العربي والإيراني والصهيوني في تفجيرات سوريا في هذه الضربة القاصمة القوية المؤثرة المغيرة لمسارات الثورة الشعبية الحرة في سوريا بل والأمة العربية والإسلامية حيث قُتل في ضربة واحدة وزير الدفاع السوري داوود راجحة ونائبه آصف شوكت، ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني، ووزير الداخلية محمد الشعار، ورئيس مكتب الأمن القومي هشام الاختيار، وحافظ مخلوف، ومحمد سعيد بخيتان، وعلي مملوك، وجُرح ماهر الأسد، وليس صدفة أبداً أن يقتل "بن عويز شامير" رئيس معلومات مخابرات الكيان الصهيوني، وقد يكون في بطن الأحداث من المخابرات الأمريكية والبريطانية اللذين يلعبان في المسرح السوري ألعابا قذرة و"يمططان" عمر نظام هالك بائد ظالم قاس عميل لم يطلق رصاصة واحدة منذ احتُلت الجولان من الكيان الصهيوني لاسترداد الجولان المحتل لكنه يُغرق شعبه بسيل من الصواريخ برا وبحرا وجوا فضلا عن التعذيب وهتك الأعراض وتمزيق الأجساد وسلخ الجلود وتشويه الجثث وتركيع الناس لصورة بشار، وأمرهم أن يقولوا: "لا إله إلا بشار" فإذا لم يستجيبوا ذُبحوا وقُتلوا كل هذه المظالم لا بد أن تؤدي إلى انتقام الله عز وجل من هذه الطغمة الأمنية الحاكمة القابضة على سلاسل البغي والعدوان، لقد أكرم الله الأمة بذهاب هذا العدد الهائل من أوغاد المخابرات أقصد المؤامرات أو النذالات الذين دنست حياتهم بدماء شعوبهم والتمكين لأعداء البلاد من رقاب العباد، هؤلاء لم يتعظوا بقتل هذا الصحفي المصري عادل الجوجري الذي مات على الهواء قبل رمضان بأيام وهو يدافع بالباطل عن نظام الأسد العميل، لكن الضحية الكبرى في هذه الأحداث هو رحيل رجل المخابرات الأول في العالم العربي عمر سليمان الذي أشرف على تعذيب وقتل أبناء مصر المعارضين لنظام مبارك أو أمريكا أو إسرائيل حتى إن أمريكا لما أرادت أن تتأكد أن إحدى عملياتها نجحت أم لا في قتل نائب رئيس تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بأن تؤخذ عينة من دم أخيه في مصر فتطوع عمر سليمان قائلا: "إذا أردتم أن أرسل ذراعه كله فعلت"، وكان يشرف بنفسه على عمليات تعذيب وتلفيق لانتزاع الأدلة لحساب المخابرات الأمريكية والصهيونية، فلا تعجبوا من قول "بن إليعازر": عمر سليمان أفضل من خدم إسرائيل وهو الذي أشرف على قتل عدد كبير من أبناء حماس في داخل مصر ومنهم شقيق مشير المصري، وهو الذي أشرف على تشقيق الشعب الفلسطيني وتمزيق فصائله وخطط ودبر وفكر وقدر لضرب غزة في موقعة الرصاص المصبوب، وطلب مندوبين عن حماس وبدا شامتا ضاحكا في الوقت الذي كانت فيه أشلاء الأطفال والنساء والأبرياء تتقاذف في غزة بالقذائف الصهيونية كان يبدو ضاحكا شامتا – كوكيل عن الكيان الصهيوني – أن يستسلم أهل غزة، وما درى سليمان أن في غزة أسودا رهبانا بالليل، فرسانا بالنهار أبناء المسجد والمصحف، أبناء البنا وياسين، أبناء العزة والكرامة، أبناء النخوة والشهامة، والقوة والإباء، والصبر والفداء، مضى عمر سليمان الذي حرم الشعب المصري من الغاز النقي وصدَّره بالجملة إلى الكيان الصهيوني، وبقي يلبس الثوب الخفي، وورط فيها حسين سالم الذي حكمت المحكمة المصرية بسجنه وتغريمه ملياري جنيه لإضراره بالاقتصاد المصري، مضى عمر سليمان إلى الجبار المنتقم الذي قال سبحانه: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (الأعراف:183)، وقال سبحانه: (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) (طه: من الآية111)، مضى في أسبوع واحد مع الأيدي العابثة بدماء أبناء الشعب السوري، مضى وهو ركن ركين في تجميع الكيان الصهيوني مع المشروع الشيعي الأميركي لإنهاك أهل السنة في سوريا حتى لا تقع سوريا في أيدي الشعب الحر بعد أن أفلتت مصر من أيديهم رغم المغامرات والمليارات والتزييف الإعلامي الذي كان آخره هو اتهام عمر سليمان لجماعة الإخوان بقتل الثوار في ميدان التحرير! ألا ليت أبا جهل قد عاد لأنه قطعا أشرف من هؤلاء الذين كانوا يواجهون في العلن، وأبى أن يدخل بيت رسول الله ومعه أربعون من صناديد وفتيان العرب لما اقترح أحدهم ألا ينتظروا محمدا حتى يخرج في الصباح، فكان الرد من أبي جهل: "أتحبون أن يقول العرب أننا فزعنا بنات محمد؟!"، بل إن أبا سفيان استنكف أن تؤثر عنه العرب أنه كذب مرة عندما سأله هرقل عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أيغدر؟، ففكر في الكذب ثم استنكفه وخشي أن تلحق سيرته كذبة واحدة، أما هؤلاء فكأن منطقهم أخشى أن تؤثر عني العرب أني صدقت مرة. لك الحمد يا الله أن أكرمت أمتنا كرما بالجملة وليس بالقطاعي بقتل راجحة، وآصف، وتركماني، والشعار، واختيار، ومخلوف، وبخيتان، ومملوك، وسليمان، وأدعو الصائمين القانتين أن يجأروا بهذا الدعاء: "اللهم يا مجري السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، أكرم أمتنا بقتل بشار وأعوانه كما أكرمتنا بقتل القذافي في رمضان الماضي، وأكرمت أمتنا برحيل الظالمين من أوغاد المخابرات". وأرجوكم بالله ركزوا أن تكون هذه الدعوة في الأسحار وعند الإفطار للحديث الذي أورده السيوطي في الجامع الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث حق على الله أن لا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع" (حديث حسن). حمدا لله على نفحات رمضان وذهاب لفحات سليمان نقلا عن صحيفة الشرق القطرية