أثار عرض مسلسل "الفاروق عمر" على الفضائيات جدلاً كبيرًا على المستوى الدينى، حيث رفض الأزهر وعلماؤه تجسيد شخصية الخليفة عمر بن الخطاب والصحابة والأنبياء فى المسلسلات والأفلام وأكدوا أن هذا لا يجوز . وقال الدكتور نصر فريد واصل المفتى الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية فى تصريحات له إنه لا يجوز مطلقا أن يتم تجسيد الأنبياء والرسل والخلفاء الراشدين والمبشرين بالجنة وآل البيت مشيراً إلى أن مؤسسات الأزهر ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية أعلنت موقفها من قبل في قضية تجسيد الأنبياء والصحابة والعشرة المبشَّرين بالجنة قضت بحرمة تجسيدها . وأشار واصل إلى أن ما قاله الشيخ يوسف القرضاوى وعدد من المشايخ بإجازة التجسيد خاصة بعد الجدل الذى أثير حول مسلسل “الفاروق عمر" والذى يجسد فيه المبشرون بالجنة، إنه لا جدال فى حرمة تجسيدها لافتا إلى أن مفتى السعودية أيضا عارض فكرة إنتاج المسلسل معتبرًا تحويل سيرة الخلفاء والصحابة إلى عمل فني يعرضها للتجريح، لافتا إلى أن القرضاوى وغيره من الشيوخ عليهم أن يتحملوا مسئوليتهم أمام الله حيال ما يفتى به. خروج عن إجماع العلماء وأكد الدكتور يحيى إسماعيل، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، أمين عام جبهة علماء الأزهر ل "بوابة الوفد" أن تجسيد الصحابة والأنبياء فى المسلسلات والأفلام خروج عن إجماع العلماء على تحريم ذلك، خاصة للعشرة المبشرين بالجنة لأن مكانتهم بعد مكانة الأنبياء. وأشار إلى أن موافقة الشيخ يوسف القرضاوى على تجسيد شخصية الفاروق عمر فى مسلسل تليفزيونى هو خروج عن جماعة العلماء، مشددًا على أنه لا يرفض لمجرد الرفض ولكن التزام منه بقواعد الفتوى والبيان وعدم الخروج عن إجماع العلماء، وقد قال الله تعالى: (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) . . فتاوي شاذة وأشار إسماعيل إلى أن هناك فتاوي شاذة لا يجوز العمل بها، ولكل فارس كبوة، مؤكداً أنه حتى فى أمريكا وغيرها من الدول الأوروبية يشترطون على الممثل الذى يجسد شخصية الرسل ألا يمثل أدوارًا أخرى حتى لا تؤثر على مكانة هذه الشخصية. وقال الدكتور محمود مزروعة العميد الأسبق لكلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، والنائب الأول لجبهة علماء الأزهر ل "بوابة الوفد" إن من المبادئ الأساسية عندنا – أى المتفق عليها – أنه لا يجوز تجسيد رموز الإسلام الأوائل، أمثال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب وغيرهم من المبشرين بالجنة – رضى الله عنهم – لأن هؤلاء رموز للإسلام وفيهم صفتان الأولى أنهم يمثلون الإسلام فى صورته النقية الطاهرة عند جميع المسلمين . والثانية أن هؤلاء هم الذين نقلوا إلينا ديننا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وهى منزلة مهمة جدًا ومن المهم أن نحتفظ بها لأصحابها على وضعها لأنهم احتفظوا بالإسلام . وأضاف مزروعة أن تجسيد مثل هذه الرموز فى أعمال فنية فى التليفزيون والسينما والمسرح والإذاعة يؤدى إلى هبوط منزلة هؤلاء الرموز إلى مستوى الإنسان العادى وهذه مصيبة أن ننزل بعمر بن الخطاب – رضى الله عنه – إلى منزلة الإنسان العادى، والمصيبة الثانية أننا نعرف حياة الممثلين وماذا يفعلون وماذا عن أخلاقهم، فربما كان بعضهم يشرب الخمر ولا يصلى ولا يصوم، وبتجسيد شخصية الصحابة يهبط بالشخصية إلى مستوى متدن. مصيبة كبرى ويشير مزروعة إلى أن من يقول إن تجسيد شخصية الصحابة والأنبياء مفيدة لتوضيح تاريخهم وحياتهم للناس أمر مردود ومرفوض، فنحن نعايش هؤلاء الصحابة فيما نأخذه عنهم فى أمور ديننا وأحكام شريعتنا، ونقتدى بهم فى الدنيا والأخرة ولو أنزلناهم لمستوى التمثيل فتلك مصيبة كبرى تمس ديننا ودنيانا. وأكد مزروعة أن تلك خطوة ستتبعها خطوات أخرى فى تجسيد الأنبياء والرسول عليه الصلاة والسلام ويجب أن نتصدى لها. ويرى الدكتور حسين عبد المطلب عميد كلية الدراسات الإسلامية بقنا أن رأى الأزهر معروف وهو أن الأنبياء والخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة لا يجوز ظهورهم على الشاشة، بينما يرى آخرون أن الناس تقتدى بهم وأن ذلك مجرد تمثيل وغير حقيقى. ولكن الأولى عدم تجسيد الأنبياء والصحابة، ويمكن ألا يظهروا ويكون هناك ضوء أو إشارة تنوب عنهم، مؤكداً أن هذا رأى الأزهر، وهو موقف وسطى معتدل وهو المرجعية الدينية التى يجب أن نقتدى بها. ويقول الدكتور محمد عبد المنعم البري، الأستاذ بجامعة الأزهر، ورئيس جبهة علماء الأزهر سابقا إنه لا يرى فى تجسيد شخصية الصحابة بأساً، طالما باحترام فأنعم بها وأكرم، وإذا كان خلاف ذلك فهو حرام، خاصة لو كانت مسلسلات تشين للشخصية أو تقلل منها. وأضاف البري أنه لو كان تجسيد الشخصيات الدينية من أجل إيقاظ الهمم وإعادة الصلاح والتقوى على أساس الاحترام والمحبة فلا مانع، بشرط أن تكون فى صورة أمينة منضبطة تلقى الضوء على تراثنا الغالى. ويذكر أيضا أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب رفض الإذن بتصوير المسلسل، وقال إنه ملتزم برأي مجمع البحوث الإسلامية أكبر الهيئات الدينية في مصر، الذي أقر بحرمة تجسيد شخصيات الرسل والخلفاء والعشرة المبشرين بالجنة. مسلسل الفاروق عمر، يتناول شخصية خليفة المؤمنين عمر بن الخطاب، بإنتاج مشترك بين محطة إم بي سي السعودية والتليفزيون القطري .