فى واحدة من الليالى المظلمة بتاريخ الكرة المصرية، واصل الجيل الحالى من لاعبى الفراعنة، إضافة صفحات سوداء جديدة لهم بسجلات الكرة، حيث ودع جيل صلاح ورفاقه، بطولة الأمم الإفريقية من الباب الصغيرة بعد الخروج منكسى الرأس أمام 80 ألف مشجع فى استاد القاهرة. خسر المنتخب الوطنى الأول، أمس الأول السبت، أمام نظيره جنوب إفريقيا، بهدف نظيف، فى الوقت القاتل، ليضع نهاية طبيعية لرحلة الفراعنة القصيرة بالبطولة، حيث غادر النسخة ال32 التى تقام على أرضه. ووضح من بداية البطولة أن المنتخب يفتقد الرغبة والقدرة على الوصول إلى اللقب، ولم يقدم كرة إيجابية طوال دور المجموعات وغطت عليه الانتصارات الثلاثة، وبدلاً من العمل سريعاً على علاج الأخطاء وتداركها قبل الدخول فى معمعة الأدوار الاقصائية رأينا المدير الفنى يدافع عن هذه الأخطاء، ويؤكد أن لديه أهدافاً نجح فى تحقيقها دون النظر للأداء، ناسيا أو متجاهلا أن الحلول الفردية التى أنقذته أكثر من مرة بضربة حظ قد تتعرض لضغوط مع فرق تمتلك خبرة التعامل مع هذه الأمور، وهو ما حدث من جنوب إفريقيا ونجحت فى إيقاف الحلول الفردية للفراعنة وكانت النتيجة أداء سلبياً، وهزيمة، وفضيحة توديع البطولة، وانكشفت الحقائق أمام الجميع فى أول اختبار حقيقى أمام منتخب يمتلك بعض الأنياب، استطاع أن يغرسها فى جسد منتخبنا الهزيل. ودفع المنتخب الوطنى ثمن أخطاء المكسيكى خافيير أجيرى مدرب الفراعنة، داخل الملعب وخارج الملعب، وأخطائه الأساسية فى المجاملات الواضحة فى اختيار القائمة من البداية، واستبعاد أسماء كان بمقدورها أن تنسجم مع الفريق الحالى وتؤدى بشكل أفضل مثل رمضان صبحى وعبدالله جمعة ومحمود عبدالمنعم كهربا وصالح جمعة وعمرو السولية ومصطفى محمد. وحتى نكون منصفين ونسعى لعرض الحقائق كاملة، ليس الجهاز الفنى وحده من يتحمل المسئولية، وحقيقة الأمر أن هناك عوامل عديدة ساهمت فى هذا السقوط، وشاركت الأندية بكل قوة فى معاناة كرة القدم المصرية. فهل يتخيل أحد أن الأهلى والزمالك أكبر ناديين فى مصر خط الهجوم الأساسى لهما وليد أزاور وخالد بوطيب من المغرب؟ هل يمكن أن تتخيل أنهما لا يملكان صانع ألعاب مميزاً يمكن أن يغير شكل الفريق فى الوقت الذى لا يوجد لاعب مصرى من المحترفين أيضاً يجيد هذه المهمة؟ لقد كشفت البطولة ضعف المنافسة المحلية التى لم تفرز لاعبين أكفاء قادرين على حمل راية الفراعنة، مع كتيبة المحترفين الذين تحملوا هجوماً غير عادى منذ انطلاق البطولة، ومعهم المدير الفنى الذى يتحمل مسئولية العديد من الأخطاء، ولكنه أيضاً ليس مسئولاً عن الأخطاء الكارثية للمنظومة بالكامل. ولا شك فى أن ما فعله أجيرى فى البطولة أمور غريبة سواء إصراره على الدفع بنفس التشكيل ونفس التبديلات بنفس الواجبات، باحثاً عن حل فردى معتاد، فى الوقت الذى اختفى فيه تماماً الفكر التنظيمى للفريق داخل الملعب. وظهر المنتخب أمام فريق بافانا بافانا، بدون أنياب، حيث كانت محاولاته الهجومية بالكاد تهدد حارس المنافس، حيث سدد الفراعنة على مرمى منافسهم 13 مرة، 3 كرات فقط من بينها كانت بين العارضة والقائمين. وهو استمرار لضعف دقة منتخب مصر الهجومية، ففى كأس إفريقيا إجمالاً سددت مصر على المرمى 11.85 لكل مباراة، متوسط التسديدات المؤثرة (بين القائمين والعارضة) بلغ 4.15 فقط. أمام جنوب إفريقيا، مرر لاعبو مصر الكرة بعرض الملعب داخل منطقة جزاء منافسهم 20 مرة، لم تصل أى كرة منها إلى لاعب مصرى، وفى البطولة ككل، مرر لاعبو مصر الكرة بعرض الملعب داخل منطقة جزاء منافسهم 60 مرة، وصلت 10 منها فقط للاعب مصرى. ورغم القرارات التى صدرت فى ساعة متأخرة باستقالة رئيس اتحاد الكرة وغالبية أعضاء المجلس، وإقالة الجهاز الفنى للفراعنة، لكن البعض وصفها بأنها جاءت بعد خراب مالطة. لقد تعامل منتخب جنوب إفريقيا بشكل رائع ومثالى مع طريقة لعب الفراعنة، واعتمد باكستر المدير الفنى للأولاد على الضغط المبكر على مصر، وخاصة على الثنائى محمود علاء وأحمد حجازى، ليحرم الفراعنة من التحضير الجيد والخروج بالكرة، ونجح فى ذلك. وضرب البافانا بافانا موعداً مع منتخب نيجيريا فى الدور ربع النهائى، والمقررة يوم الأربعاء المقبل، على ملعب استاد القاهرة، فى نفس اليوم الذى يلتقى فيه المنتخب السنغالى مع نظيره البنينى.