ليس بسبب الثورة المستمرة بالتحرير، ولكن لأن الزمن تغير، والناس ما بقتش زى زمان تغيرت أحوال شارع «الشواربى» مقصد البهوات والنجوم والهوانم فى عصر زمن جميل راح فنانون وفنانات نجوم سينما ومسرح كانوا يقصدون الشارع الممتد بين عبدالخالق ثروت لقصر النيل، الذى يحمل اسم أحد أفراد عائلة «الشواربى» من كبار عائلات القليوبية والمنتمين إلى قبيلة جاءت إلى مصر فى القرن السابع عشر. كانت رائحة البارفانات الباريسية تعطى للشارع «فخامة»، وكانت الملابس المستوردة ذات الماركات العالمية تمنحه كثيراً من «العظمة والأبهة».. استبدلت المحلات الكبرى باستاندات وفرش لبضائع رخيصة تحتل جوانب ووسط الشارع، ونداء البائعين على بضائع ب2 ونص.. تعالى بص، أضفت على الشارع ملامح من أسواق العتبة والموسكى ووكالة البلح والسبب إيه؟ ظروف البلد والعشوائية قضت على كل جمال هكذا يحلل ياسر صلاح الذى ورث إحدى المحلات عن والده بالشواربى، مؤكداً أن السبعينيات والثمانينيات كانت عصراً ذهبياً للشواربى وكانت السيدة تفتخر بأنها اشترت «فستان» منه أو تهادى زوجها ببدلة «ماركة» سينيه.. كان مثل بورسعيد به الجودة والجمال ويتمتع بسمعة طيبة وكانت أشهر محال ملابس الأطفال «بيتيلز» للملابس المستوردة وكذلك الصالون الأخضر من أشهر المحال بالشارع وحالياً يتم تأجيره، أما الحاج فتحى الملقب ب«نجم العطور فى مصر»، فجلس أمام محله الزاخر بأنواع عديدة من الماكياجات والبارفانات، كأنه يتحسر على الزمن الفائت، قال: كان زباينى كلهم من نجوم المجتمع «عبدالمطلب» ومحمد الموجى الذى كان يسكن فى العمارة المقابلة للشارع وكان يسهر كثيراً مع عم فتحى أمام المحل، ويتذكر تحية كاريوكا التى كانت تحب بارفان «مدام روشا» وسامية جمال كانت تعشق «فيجى» أما عبدالحليم حافظ فكان لا يحب أن يعرف أحداً «بيستعمل إيه» لكنه كان يعشق بارفان «أرامس». محمد الكحلاوى أيضاً كان يأتى إلى هنا وينتقى عطوره بنفسه، وحسن الإمام كان غاوى عطور. ويشير الرجل إلى صور علقها على حائط المحل مع آلان ديلون والشيخ الشعراوى وغيرهم، مؤكداً أنه كان يضع العطور بنفسه لبعض الفنانين ويشترك فى معارك بإيطاليا وفرنسا. الفنانون يسافرون الآن بأنفسهم لشراء احتياجاتهم ولم يعد أحد يأتى لشارع الشواربى «راحت عليه» واحتله الباعة الجائلون وكل صاحب فاترينة له استاند فى منتصف الشارع. صاحب محل بالشارع أصر على أن السبب فيما آل إليه حال «الشواربى» هو غلق الشارع وتركه مرتعاً للباعة والبلطجية وهبطت أسعار المحال فيه من أكثر من 500 ألف جنيه أقل من 100 ألف جنيه وأصبح رمزاً للعشوائية وكثيراً ما تحدث به حرائق وتعجز سيارات الإطفاء من السيطرة عليها، كما حدث منذ عامين تقريباً وأكلت النار حوالى 15 محلاً وقدرت الخسائر ب15 مليون جنيه، قال الرجل والحسرة تملأ عينيه، انظرى البضائع معلقة على أعمدة الكهرباء والشبابيك وبائع الشارع يفعل أى شىء ليخطف الزبون، هل تصدقى أن هذا كان شارع الطبقات الأرستقراطية والنجوم، وكانت ميرفت أمين تسكن العمارة رقم 3، كل شىء راح مع الفوضى والبضائع الثمينة والزبائن الشيك.. ومافيش أمل أى حاجة ترجع زى زمان!