من المؤكد أنك مررت يوما بشارع الشواربي, إما مرورا عابرا فيه بالمصادفة, عندما تدخل منطقة وسط البلد, وإما متعمدا بحثا عن قطعة ملابس أو زجاجة عطر أو ماركة مستوردة للجينز أو الأحذية.. واليوم مررت بهذا الشارع الذي كانت شهرته واسعة في السبعينيات بأنه مقصد الباحثين عن الذوق. العالي وربما السعر الغالي, لأجده في حالة ثورة تشابه الثورة علي الكثير من قرارات العهد القديم, اللافتات تملأ الشارع, بصرخات من البلطجية والباعة الجائلين, وتستغيث بالمسئولين لإعادة فتح الشارع الذي سبق إغلاقه من الجانبين( عبدالخالق ثروت قصر النيل) ليصبح شارعا للمشاة فقط.. في قرار مضي عليه الآن نحو عشرين عاما فما الذي حدث ومن وراء هذه المطالبات؟ بمجرد وصولي وزميلي المصور إلي شارع الشواربي تجمع حولنا عدد كبير من الشباب, سألناهم عن أصحاب اللافتات قالوا لنا: إنهم للأسف أصحاب المحال الواقعة علي جانبي الشارع, يريدون قطع عيشنا وتشريدنا لأننا ننتشر بطول الشارع ببضائعنا التي يقبل عليها المارة لأن سعرها مناسب, وجودتها معقولة, وأضاف الشباب الذين يبدو معظمهم في مقتبل العشرينيات: ليس صحيحا أننا نمارس البلطجة أو نتعرض بسوء لأحد سواء من المارين بالشارع أو أصحاب المحال, نحن نتحمل الوقوف طوال اليوم أمام( إستاندات) بضائعنا من أجل لقمة عيش حلال, وهم يريدون فتح الشارع لكيلا نجد مكانا لنا, رغم أن هذا الوضع قائم منذ سنوات طويلة. أما أصحاب المحال وأيضا اللافتات فكانوا كلهم علي قلب رجل واحد, رافضين استمرار غلق الشارع الذي وصفوه بأنه كان قرارا خاطئا ومشروعا فاشلا, أظهر الكثير من السلبيات, مما دعاهم كما قال لنا مجدي عدنان صاحب محل أحذية وملابس إلي حملة لجمع التوقيعات وإرسالها مرفقة بمذكرة إلي السيد محافظ القاهرة, يستعرضون فيها الوضع السيئ للشارع الذي أصبح علي حد قولهم مأوي للهاربين من السجون والمتسولين والخارجين علي الأمن والبلطجية, كما انتشر فيه تعاطي المخدرات, ووجه أصحاب المحال التي يبلغ عددها أكثر من خمسمائة محل إتهاما للباعة الجائلين بالشارع بمضايقة المارين بالشارع وخاصة من الفتيات والنساء اللاتي يحجمن عن المرور بهذا الشارع, إضافة لما يصدر من ألفاظ غير لائقة مصدرها تجمعات الباعة الجائلين أيضا. ويؤكد أصحاب محال شارع الشواربي أنهم يعانون منذ سنوات حالة ركود شديدة لدرجة أن شهورا تنقضي دون أي مبيعات, بسبب كون الشارع مغلقا, وأن فتحه سيؤدي إلي تنشيط حركة البيع والشراء. وربما تتحول المعاناة إلي كارثة عند نشوب أي حريق كما حدث في العام الماضي.