دائما ما يصعب وضع معايير واضحة للنجاح يستطيع الفنان من خلالها أن ينتج تجربة جديدة ترسخ فى الذاكرة وتخاطب جمهور عريض من العموم قبل النخبة، والفنان هانى سلامة لم ينجح فى تحقيق ذلك فحسب، بل تمكن من اختراق كل الحواجز الفنية، وتطرق لقضايا يخشى العديد من الفنانين التقرب إليها دون خطوط حمراء. بوجه مغاير ومختلف عن ما قدمه من قبل، أطل «سلامة» على جمهوره هذا العام بشخصية مركبة فى تكوينها اعتمد فيها على ادائه الذى يجمع بين العمق والبساطة حظى بها على إعجاب الجمهور، ليحلق بمسلسله «قمر هادى» بعيدا عن النمطية، والذى يذاع حاليا على الفضائيات المشهد الرمضانى ومحركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعى بكل تعقيداته وتشابكاته وغموض شخصياته. فى هذا الحوار حاولنا التوصل مع الفنان هانى سلامة لإجابات أهم الأسئلة الحيوية المُثارة حول مسلسله «قمر هادى» الذى ينتمى لفئة السيكو دراما، وكانت الإجابات بعضها يشكل لغزا يصعب تفسيره وأخرى يبدو متحفظ خاصة أننا بدأنا التصوير متأخرا، لكن الحماس الموجود بداخلنا جميعا كفريق ساعد على ظهور العمل بهذه الصورة المشرفة. البعض شبه تركيبة العمل ب«لعبة البازل» بسبب الألغاز المثيرة التى يتضمنها.. ما تعليقك؟ - اتفق مع الجمهور بشدة، فالمسلسل فعلا مثل لعبة البازل يتم تركيبها كل حلقة، بسبب المفاجآت والألغاز الموجودة فيه، فقصة المسلسل صعب على أى أحد أن يرويها. رغم صعوبة العمل وتعقيداته على المتلقى، لكنه تصدر محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي.. هل تعتبر هذا مكافأة على المجهود الكبير الذى بذلته؟ - ردود أفعال الجمهور على المسلسل فاجأتنى واسعدتنى كثيرا، وهدأت من حالة القلق التى اجتاحتنى من قبل التصوير، حب الناس وتقديرهم وإعجابهم بالعمل هى أكبر مكافأة بالنسبة لى ، ونسانى التعب والمجهود المبذول فى الشخصية، لأن العمل موجه فى الاول والأخير لهم. كيف نجحت فى التنقل بين شخصية «هادى» بعد فقدانه للذاكرة ولحظة عودتها فى مشهد واحد بهذه السلاسة والعمق رغم أن الشخصيتين بهما تناقض كبير؟ - لا أبالغ إذا قلت لكِ أن عملية تقمص شخصية وبعد ثوانِ تبدأ تتحول لشخصية اخرى من الأمور الُمرهقة جدا فى العمل، لأن مطلوب منى انقل احساسيس ومشاعر الشخصيتين للجمهور فى آن واحد، وبفضل الله نجحت فى ذلك بشهادة الجمهور، الذى شعر بفارق كبير بين هادى قبل وبعد فقدانه للذاكرة، فى المسلسل اشعر اننى قمت بدور توأم فى شخص واحد. لماذا تميل إلى الشخصيات المركبة فى أعمالك رغم صعوبتها على الفنان والمتلقى؟ - كما قلت سلفا، أننى لدى قناعة بأن الفنان يفترض أن يقدم كل شيء وكل ما هو خارج عن المألوف والمستساغ ، وحريص على تقديم أنماط مختلفة من الشخصيات فعندما جاءنى الورق لم اتردد ولو لحظة فى موافقتى على الدور، لأننى أعجبت بطريقة تناول إسلام للسيناريو فهو كاتب مهم ومختلف واعتبره مكسب للدراما المصرية، ورسم كل شخصية بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة بشكل بارع. يرى البعض أن تجربة «قمر هادي» كانت مجازفة منك؟ - الفنان يجب أن يكون مغامر فى أعماله، العمل كان تحدى على مستوى التمثيل والإخراج والكتابة، والمخرج رؤوف عبد العزيز اتخذ الموضوع تحدى فى تقديم تجربة مختلفة وجديدة ودسمة وثرية فى الأحداث فى ذات الوقت. كما أننى تطرقت لهذه النوعية من الأدوار فى أعمالى بجزء بسيط، لكن لأول مرة اقدم عمل كامل قائم على السيكو دراما. من المعروف أنك دقيق فى اختياراتك.. هل تمهلت قبل اتخاذ القرار بالموافقة على السيناريو؟ - أنا لا احب الاستعجال، واتمهل كثيرا قبل الموافقة على أى عمل، وارسم صورة تخيلية فى ذهنى له اولا، ولكن هذه المرة وافقت على الفور. هل استعنت بالدوبلير فى بعض المشاهد الخطرة بالمسلسل؟ - نعم استعنت بدوبلير فى مشاهد سباق السيارات، ولا أخجل من ذلك، حيث إن المشاهد الخطرة تستلزم الحفاظ على بطل العمل لاستكمال باقى المشاهد، بخلاف أن الدوبلير يكون لديه خبرة فى التعامل مع هذه الحوادث والمشاهد لأنها مهنته فى الاساس. هانى سلامة يحاول دائما دعم زملائه ويدافع عن مساحتهم ويرفض الانفراد بالعمل، هل تميل إلى العمل الجماعى؟ - المواهب الصاعدة يجب أن تأخذ حقها فى الظهور، وفريق العمل يجب أن يأخذ مكانه ضمن الأحداث، كما أرى أن أدوار كل منهما اضافة للعمل، وحذف أى مشهد لهما من الممكن أن يحدث خلل فى البناء الدرامى للمسلسل. دائما تناقش أعمالك القضايا الهامة على الساحة السياسية كالداعية وفوق السحاب وحاليًا «قمر هادى».. هل ترى أنها جرأة منك؟ - من مهامى كفنان فتح هذه الملفات لتوعية المشاهد، فلهذا السبب يرى البعض أنه شىء جرئ، كما أن هذه القضايا موجودة بالفعل فى الواقع، والفن يجب أن يكون مهموم بقضايا مجتمعه ويترجمه للمشاهد فى سياق درامى، أذا كان هذا يعتبرونه جرأة منى فنعم أنا فنان جرئ. يعتبر هذا العمل التعاون الثالث مع المخرج رءوف عبد العزيز.. ما سر الدويتو الفنى بينكما؟ - هناك كيمياء خاصة تجمعنى به على المستوى الشخصى والفنى، ودرجة كبيرة من التفاهم جاءت نتيجة لتراكم كبير من الأعمال التى جمعتنا منذ مسلسل «طاقة نور»، مرورا ب «فوق السحاب»، لتصل الأعمال التى قدمتها من إخراجه إلى ثلاثة مسلسلات ، وأعتبرها من العلامات الفارقة فى مشوارى الدرامى. هل يعتمد هانى سلامة على لغة الأرقام فى قياس النجاح وهل يشغلك لقب «نمبر وان»؟ - لا اهتم بلغة الأرقام ومفيش حاجة اسمها «نمبر وان» ولا اتنين، كل فنان وله جمهوره، ولا تشغلنى هذه المسميات، كل ما يشغلنى أن اقدم عمل مختلف ومتنوع اظهر فيه قدراتى الفنية المختلفة، يعيش مع الجمهور ويخاطب عقله ويحترم مبادئه ويرسخ فى الذاكرة. وكيف ترى المنافسة هذا العام فى الموسم الرمضانى خاصة بعد قرار تقليص عدد المسلسلات المشاركة فى الموسم؟ - فى الحقيقة ليس لدى وقت لمتابعة أى عمل، لأننى مشغول بتصوير المسلسل حتى الآن والذى من المقرر أن يستمر حتى 25 رمضان، لكن فى النهاية سعيد بحالة التنوع الموجودة فى الساحة، واتمنى تكون المنافسة شريفة تصب لصالح الجمهور. وفيما يخص بقرار تقليص الاعمال المشاركة اعتقد أن هذا منح فرصة للمشاهد من مشاهدة جميع الأعمال، والحكم عليها بشكل أكثر جدية. وكيف ترى قرار حجب المسلسلات الرمضانية عن «اليوتيوب» هذا العام؟ - هو القرار الذى طال انتظاره، لأنه يعطى مؤشرات حقيقية للنجاح، بعيدا عن نصب مواقع التواصل الاجتماعى، لأن أغلب أرقام نسب المشاهدة التى يعطيها عن المسلسلات وهمية وغير موثوق بها وبعيدة عن المصداقية. لكن المشاهد كان يرى فى «اليوتيوب» الخلاص من الفواصل الإعلانية التى تتخلل حلقات المسلسل، وتفسد متعة المشاهدة؟ - كثرة الإعلانات دليل على نجاح العمل، والجهة المنتجة لديها عذرها فهى تعتمد على الإعلانات لتغطية تكلفة إنتاج العمل وأجور الفنانين. بعيدا عن الدراما.. أين هانى سلامة من السينما؟ - موجود، واشتقت كثيرا للوقوف فى الأفلام، فى الفترة القادمة سوف انضب تركيزى بالكامل على السينما، لكن انتظر الورق المناسب الذى اعود من خلاله للسينما بشكل قوى يضيف لاسمى ولمشوارى السينمائى بعد غياب 8 سنوات.