عندما رأيتها «بملابسها» وحجابها المتميز، لا أعرف لماذا استعدت بذاكرتى صورة أمهات المصريين تتزعمهن صفية زغلول فى مظاهرات ثورة 19، كان وجهها المليح المشرب بالحمرة والمبلل بحبات العرق يحمل صلابة الأم الطيبة فى حسم، كانت تقف تحت الشمس الحارقة فى منتصف النهار ولا ظل شجرة فى الميدان، تحاول استيقاف تاكسى برفقة ابنتها الشابة ليقلهما إلى «العتبة»، استحيت أولاً أن أزيد من وقفتها فى «الحر القائظ» لكن حين طالت وقفتها، وجدتها فرصة أن أنتحى بها جانباً تحت أى «خيمة طبيعية» لشجرة على جانب الطريق وكان الحوار. أنوار جودة أحمد، من طنطا. - لا أنا ما باشتغلش، وجوزى «نجم» مهندس زراعى وعندى ما شاء الله ست بنات وولاد، سلسبيل خريجة آثار، ولاء خريجة حقوق، وآلاء فى طب أسنان، آية ثانوية أزهرى، يسرى ثانوية عامة وتبارك فى ابتدائى والحمد لله. أنا باجى مصر كل فترة أنا وبنتى من تلت سنين عشان أشوف لها شغلانة فى مجلس الدولة، البنت معاها شهادتين، معهد فنى تجارى سنة 86، وحقوق سنة 2010. شوفى يا ستى المحسوبية والكوسة هى اللى شغالة دلوقتي، زى قبل الثورة تمام، مافيش حاجة اتغيرت، يعنى أنا لما أقدم لبنتى على شغل بمجلس الشعب من تلت سنين، وألاقى غيرها معاهم شهادات أقل اشتغلوا، لأنهم قرايب مستشارين ولا معرفش مين مين، وبنتى لأ عشان مالناش واسطة إلا ربنا، يبقى ده ظلم ومحسوبية ويبقى مافيش حاجة هتتغير فى البلد طول ما الضمير ميت. طبعاً عندى دليل، أنا معايا لستة قدرت آخدها، وفيها أكثر من 350 واحد شغلوهم فى مجلس الدولة من تاريخ واحد يونيو السنة اللى فاتت لحد دلوقتي، رغم أن بنتى مقدمة أوراقها قبلهم كلهم، وأنا عمالة رايحة جاية معاها شوية وأبوها شوية على مصر، يبقى الحكاية فيها إن، والناس الغلابة هتفضل عطلانة، واللى ليهم ضهر هيشتغلوا. والله كان أهم حاجة عايزينها من الثورة أن العدالة الاجتماعية تتحقق، وما يبقاش فيه فرق بين ابن بيه مسئول وابن الغفير فى فرص الشغل، لكن واضح أن الثورة ما وصلتش لكل ضماير المسئولين، وكان نفسى الثورة تهد «الطغاة» اللى بيسموهم فلول، وأنا رافضة كلمة فلول، لازم نبدلها بكلمة طغاة لأنهم فعلاً كده حكمونا بالطغيان. أنا هارفع قضية ضد مجلس الدولة أمام مجلس الدولة عشان بنتي، هاشتكيهم لأنفسهم، من حقى أعرف ليه عينوا كل الأعداد دى وسابوا بنتى رغم أنها ما تقلش عنهم فى شهادتها. لا الثورة لسه عليها شوية لما نقول إنها نجحت فعلاً، بس العملية عاوزة صبر، أهم حاجة حققتها الثورة حرية النقد، أنا وغيرى نقدر نقول اللى عاوزينه، بس لازم نقول بأدب مش بتطاول، والسلبيات أن بقى فيه انفلات أخلاقي، بقى كل واحد عايز ياخد حقه بإيده مش بالأدب والقانون، المضحك المبكى أنى بقيت دلوقتى أقدر أقاضى الدولة وآخد حقى منها، وماقدرش آخد حقى من جارى. عايزة أقوله رسالة من القلب للقلب لمحمد مرسى، يا ريس اتحمل واصبر على الشعب وعلشان الشعب، خلى رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم» قدوة ليك، هو اتحمل وصبر على الأذى كتير كتير، وهو قدوتنا، كان اليهود بيحطوله الشوك فى طريقه، وأنت طريقك مليان أشواك، لكن ربنا نصر رسوله، وأنت ربنا هينصرك لأنك هتتقى لله فينا وهتصبر على الأذى عشان ده قدرك، هى دى رسالتى ليه.