"مطلب الحجر" .. قطعة أرض زراعية صغيرة، معروفة منذ أكثر من خمسين عاما لدى أهل الأرياف بتمتعها بخاصية شفاء وعلاج المرأة المكبوسة ومن تأخر حملها.. علي أحجارها تقوم النساء بطقوس غريبة، وبطينها المخلوط بالبول تدهن المكبوسات أجسادهن كي تزول الكبسة ويحدث الحمل لمن تزوجت ولم يرزقها الله بعد بالطفل المنتظر.. بدأت الجولة في تمام الساعة العاشرة بقرية "متشنا" التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، وعندما سألت عن مكان "مطلب الحجر "، رد بعض من سألتهم بأنه تم ردم الحجر وانتهت قصته، إلا أن البعض الآخر وصف لي المكان بصوت منخفض على اعتبار أنه مكان سري.. وزاد فأخبرني بمكان تجمع النساء الباحثات عن هذا الحجر.. على الحجر..البول المبروك في المكان الموعود.. بدأت النساء في التوافد من مختلف البلاد والقرى بحثا عن العلاج .. وجدت مجموعة من النساء كل منهن تحكي تجربتها السابقة عن مقدرة المكان في فك نحسها وكبستها ، ولأستطيع التواصل معهن وحتى يشعرن بالأمان تجاههي أخبرتهن بأني متزوجة بدوري منذ سنوات ولم أنجب، وسمعت عن مقدرة " مطلب الحجر " في علاج تأخر الحمل ، فأخبروني بوصفات للعلاج .. إما عن طريق الجلوس على "خلاص واحدة والدة " (المشيمة) ، أو دهان جسمي بدم الأطفال الذين يتم طهارتهم..! ومع آذان الجمعة بدأت النساء في التسرب للأرض الزراعية التي يوجد بها ذلك الحجر ، وبدأن في ممارسة طقوس المكان ، والتي تبدأ بالتبول على الحجر والطين خلف بعضهن ، بعدها قمن بعجن ذلك الخليط المقزز وجمعه في أكياس ، فوجئت بالسيدات يتسابقن لأخذ قطعة من ذلك الطين.. تبرعت واحدة منهن فقدمت لي قطعة أنا الأخرى.. لم أدر ماذا أفعل بها وحينما بدت الحيرة على وجههى قالت لي إحداهن: " إعملى زى احنا ما بنعمل".. نظرت إليهن فوجدتهن يضعنه على رؤوسهن وصدورهن والمنطقة التناسلية ، تقوم بعدها كل منهن بالدوران حول الحجر 7 مرات ، ثم تأخذ ما تبقى من الطين معها في كيس لتستحم به بعد ذلك ثلاث مرات على مدار ثلاثة أسابيع وبعد ذلك "تنفك كبستها". نظرن لي في ريبة عندما وجدنني أبحلق فيهن والدهشة تكاد تقتلني.. فقلت لهم مسرعة..أنا لست مكبوسة" الأم التي انقطع لبنها" لكني أريد الحمل.. حينها نظرن لي في ثبات دون أن تفارقهن نظرات الريبة وقلن في تحدِ : "هي.. هي الطقوس اللي هتعمليها" بعدها هتخدي "قلة " تكسريها إذا كنت عاوزة بنت ، أو "أبريق" لو عايزة ولد..!!". وعندما جاء دوري تحججت بأن الطقوس صعب أن أمارسها وبأني سأعاود اللجوء للطب والأطباء مرة أخرى.. ومضيت وأنا أسمع ضحكاتهن الهازئة وهن يرددن: " الأبلة قرفانة..." تبرع بالجهل وقفت على بعد أرقبهن حتى أنهين طقوسهن الغريبة.. بعدها وجدت البعض يقمن بتعبئة ما تبقى من الطين المخلوط بماء البول حتى تساعدن به بنات قريتها كنوع من فعل الخير وفك الكرب للمكبوسة ومن تأخر حملها ، وتوفيرا عليهن مشقة الحضور لذلك المكان خاصة من أبناء المحافظات الأخرى البعيدة. وبسؤال أهل القرية عن سر شهرة ذلك المكان وتوافد النساء عليه ، أجابوا أنهم لا يعرفون تحديدا كيف اشتهر المكان ولكنه معروف منذ أكثر من مائة عام حيث كانت النساء تتوافد عليه ويدفعن رسوما مقابل ممارسة تلك الطقوس ، أما الآن أصبحن يأتين خلسة لممارسة تلك الطقوس لأن صاحب الأرض يطرد من يراها تمارس تلك الأفعال.. وهذا ما يبرر إنكارهم في البداية لوجوده ورفضهم إرشادي إليه. حاولت جاهدة أن أناقشهم في تلك الأقاويل المثارة عن سر المكان في العلاج ، فبدأو في سرد قصص لأقاربهم وأنفسهم عن كل من تأخر حملها وذهبت للمكان وبعدها أنجبت فورا ، فالجميع يقتنع بتأثير المكان.. وعندما أتجادل معهن كيف يكون للطين المخلوط بالبول سر في العلاج يبدين تعجبا شديدا ولا يجبن قائلات في عناد غير مبرر "هذا ما يحدث ..وهتشوفي لما تجربي بنفسك.."!!!