أكد عدد من الخبراء أن إجراءات تسليم السلطة للرئيس محمد مرسى لا تزيد عن كونها إجراءات شكلية رغم كل ما تم من مراسم واحتفالات. فالمجلس العسكرى قبل أن يسلم السلطة بيده اليمنى خطفها بيده اليسرى واحتفظ لنفسه بالسلطة التشريعية وقلص صلاحيات الرئيس وتقاسم جميع سلطاته معه وذلك لضمان تحديد صلاحيات العسكرى فى الدستور الجديد وتأمين الخروج الأمن للجنرالات؟ وحسب الخبراء فإن هناك صراعاً على السلطة ستتحدد محاوره خلال الفترة المقبلة بعدما يتضح للرئيس أنه غير قادر على اتخاذ قرارات بقوة القانون فى غيبة مجلس الشعب، فالرئيس ومنها مثلاً القانون الجديد لانتخابات مجلس الشعب فالرئيس ليس من حقه إصدار هذا القانون بمفرده إلا بعد موافقة المجلس العسكرى وكذلك قرارات مجلس الدفاع الوطنى فالرئيس ايضا ليس صاحب القرار لأنه يضم 11 عسكرياً و5 مدنيين والقرار فيه للأغلبية العسكرية وهو ما يشكل منطقة رمادية بين الرئيس والمشير. ويرى الخبراء أن الاعلان الدستورى المكمل مفخخ يحتمل تفسيرات عديدة لنصوصه مثل الاعلان الأول بالضبط ومثلما حدث للمادة 60 منه الخاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية والمادة 28 الخاصة بتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لذا فالصراع بين الرئيس والمشير سيكون كبيرا وسيكون بطل المرحلة القادمة لحين إعداد دستور جديد ومعرفة كل طرف فى الوطن لحقوقه وواجباته بحيث لا يقدر على أن يتخطاها. ويؤكد احمد بهاء الدين شعبان، القيادى بالجمعية الوطنية للتغيير، أن التصور السائد لدى البعض بأن المجلس العسكرى يمكن لأى سبب من الأسباب أن يخرج من المشهد ويترك الامور تصور واهم، فالعسكرى خرج من صدارة المشهد لكنه لايزال ينسج كل خيوطه والاعلان المكمل سيظل موجودا بقوة اكثر مما يتصور الجميع والسبب أن الوضع مقلوب برمته فنحن امام نظام سياسى جديد نشأ فى غياب دستور لا يعرف أحد هل هو نظام رئاسى أم برلمانى أم نظام مختلط؟ ولا يعرف أحد الحدود الفاصلة بين السلطات فيه ولا مدى كل سلطة أو طبيعة الدولة والنتيجة أن التوافق الذى تم وضع اسسه بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان المسلمين فى اول الثورة لاقتسام السلطة لا يزال قائما وهناك صراع بين الطرفين لان كل طرف يريد أن يوسع من هامش الحركة بالنسبة له وسيظل قائما بهذا الشكل الى أن تنتهى المرحلة الانتقالية. وهناك أيضاً خطوط حمراء لا يجوز للرئيس أن يتخطاها منه ما يخص شئوون القوات المسلحة والمؤسسات السيادية وميزانيتها وصلاحياتها فهذه منطقة يصعب على الرئيس الخوض فيها حسب الاتفاق بين الطرفين. كما أن الرئيس حسب بهاء الدين شعبان يده مغلولة فيما يختص بالقرارات التى تمس طبيعة الدولة ولن يمكنه أن يتخذ قرارات لتمرير فكرة الدولة الدينية أو فيما يخص الاقباط وخصوصا إزاء النظرة السلفية لهم. وكذلك القرارات العسكرية فمرسى ليس صاحب القرار فى كل هذه المناطق السيادية علاوة على القضاء ومؤسساته فليس بقادر الى أن يخرج بقراراته الى هذا الأفق. ويقول اللواء محمد الحسينى، الخبير الأمنى وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد: إن تسليم السلطة كان تسليما منقوصا للرئيس المنتخب وهذا لا يمكن لاى مراقب أن يغفله أو يتغاضى عنه لذلك ناشدت المجلس الاعلى للقوات المسلحة فى اكثر من مكان أن يثبت حسن نيته ويسلم السلطة بشكل حقيقى الى الرئيس مرسى وان تقوم مناقشة جادة بين الرئيس والمشير حول الاعلان المكمل وتراجع بعض البنود فيه حتى لا يحدث صراع بين الطرفين أو خلافات لن يكون من السهل السكوت عنها خلال الفترة المقبلة وهى فى رأيى، والحديث ل«الحسينى»، ستكون فى اكثر من شىء منه مجلس الدفاع الوطنى وهو أخطر ما فى الموضوع. ويضيف الرئيس فى الظروف الحالية لن يطلع على موازنة وزارة الدفاع أو آليات التسليح أو شكل الكوادر الخاصة بالجيش وكلها حقوق للرئيس المنتخب أياً كان اسمه. كما أن هناك صراعا على السلطة بين الطرفين سيكون ظاهراً فى القوانين التى ستصدر عنه مثل القانون الجديد لانتخابات مجلس الشعب فمن سيصدره أو سيكون مسئولا عنه؟ وتشير د. كريمة الحفناوى الامين العام للحزب الاشتراكى المصرى أن المجلس العسكرى قبل أن يسلم السلطة بيده اليمنى سحبها بيده اليسرى واخذ كذلك السلطة التشريعية. ولأنه كان يقول من البداية أنه سيترك السلطة فى 2013 فهو يصر على البقاء حتى هذه المدة والى أن يتمكن من تحديد صلاحياته فى الدستور الجديد وتأمين خروج آمن للجنرالات؟ وما حدث بعد الاعلان المكمل أن العسكرى تقاسم مع الرئيس كل سلطاته وتواصل «الحفناوى»، هناك أوراق ضغط فى يد الطرفين فاذا تعنت المجلس العسكرى فان الجماعة ستحرك الشارع فى تظاهرات ضخمة تطالب بسقوطه واذا تعنت الرئيس فى القرارات التى سيتخذونها مستقبلا فهناك قضايا معلقة مثل حل جماعة الاخوان المسلمين وحل حزب الحرية والعدالة وحل مجلس الشورى واعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور بحيث يستطيع المجلس العسكرى أن يسلب الجماعة كل مكاسبها السياسية فى لحظة واحدة والحل الوحيد أمام الرئيس مرسى الآن أن يبدأ سريعا فى تشكيل حكومة وحدة وطنية وان يتحصن بالشعب ويثبت للمصريين جميعاً أنه تخلص فعلا من خلفيته الاخوانية وان تنتهى معركة الدستور بتوافق وطنى حقيقى ساعتها فقط سيحصل كل طرف على حقوقه وسنخرج من الوضع الشائك الذى نعيش فيه الآن.