ونبدأ بسؤال وهو من سيتحمل أية إرباكات ، يمكن أن تخلفها الأقلية التى فرضت نفسها على الدكتور مرسى قبل ساعات من إعلان نتيجة الإنتخابات الرئاسية؟بدهياً ودون احتياج إلى تفكير فى الإجابة أقول ، سيتحمل الدكتور مرسى والإخوان المسلمون بل وأحزاب التيار الإسلامى كله ، أى نتائج سلبية ، فلقد أصبح التيار الإسلامى كله ، فى سلة واحدة فى عيون قطاع ليس بالقليل من الشعب المصرى ، فإذا أحسن فصيلٌ منه ، عمت الحسنة على التيار كله ، وإذا أخطأ فصيلٌ ، عمت السيئة التيار العريض كله ، لدى هذا القطاع من الشعب الذى لا ينتمى للتيار ولكن منح أصواته للأحزاب الإسلامية بنسب متباينة من حزب إلى آخر ، فى الإنتخابات الپرلمانية الأخيرة ، ثم سلب شفيق هذه الأصوات فى الإنتخابات الرئاسية ، حين أقنعت الدعاية السلبية الكاذبة أصحاب هذه الأصوات ، أن التيار الإسلامى لم يقدم شيئاً للشعب رغم إستحواذه على الپرلمان ، بينما حقيقة الأمر أن الأغلبية الإسلامية لم تكن تملك آداةً تنفيذية ، لتخدم بها الشعب عبر تطبيق برامجها النوعية ، كما روجت هذه الدعاية السلبية المغرضة كذلك ، أن الإسلاميين لم يعدوا دعاةً للإستقرار ودعاةً للإنتقال السريع إلى البناء. ومن هنا ، فعلى الدكتور مرسى أن يضع نصب أعينه ، التالى:
1 هذه الأقلية التى اجتمعت بك قبل ساعات قليلة من ظهور نتيجة الإنتخابات الرئاسية ، تكاد لا تعكس على أرض مصر إلا شخوصها ، بل وحتى فى التحرير.
2 من الواضح أن هذه الأقلية عبر طلباتها ، تريد أن تأخذ الدكتور مرسى ، من الاختيار المؤسسى للفريق الرئاسى وللحكومة ، إلى الاختيار العشوائى الذى سيفجر حتماً عمل المائة يوم الأولى.
3 على مدى عام ونصف ، لم تظهر أمامنا شخصية مبدعة فى أى مجال من مجالات العمل العام المُلِح ، وإلا فليُشر لى أى قارئ لمقالى هذا ، إلى شخصية حزبية أو شخصية «نخبوية» ممن سيطروا ومازالوا على مشهدنا الإعلامى بل والسياسى ، طوال هذه الفترة؟ وفى المقابل كنا نرى «معظم» هؤلاء وهم ينتقلون من برنامج الدكتورة هالة سرحان إلى البرامج الأخرى فى الفضائيات الأخرى ، لم يغيروا موضوعاتهم ، ربما فقط تغيرت درجة «الوقار» من برنامج لآخر ومن فضائية إلى أخرى ، و «مصر بكرة» ، لم تكن فى خاطر مقدمى البرامج والضيوف إلا من رحم ربى ، كالدكتور محمود عمارة ، وللأسف لم يجد من يفسح له إلا «روتانا» ولم يستمر ، كما لم يستثمر الفرصة ومن ثم لم يتعمق ، وفى جميع الأحوال يستحق الشكر ، فلقد قدم الإستثناء ، كما أنه لم يقع إلا قليلاً فى فخ الإستدراج إلى الموضوعات إياها ، التى كانت عنواناً للعام ونصف المنقضيين. من هنا ، فكيف يمكن لهذه القلة وغيرها من الأحزاب العلمانية ، أن تقدم لنا شخصيات معتبرة؟ وإلا سيصبح الأمر مجاملة على حساب مصر. نعم ، نوع فى اختياراتك ، ولا تجعل حزب الحرية والعدالة أغلبية فى الحكومة ، و........ ، ولكن إبحث عن الكفاءات ، ولا تخضع للإبتزازات ، التى ستأتى بالإربكاك ، وبذلك نوقع أنفسنا بأنفسنا فى فخ آخر كبير ، تزيد تداعياته السلبية ، فخ العام ونصف.
4 يا دكتور مرسى ، أنت أمام أزمة «اختيار» ، الخروج منها ممكن ، ولكنه يستلزم الجنوح التام إلى المؤسسية ، والاجتناب التام للمجاملة ، فالبرادعى مثلاً ، لا ينفع مطلقاً ، كما أن الملف القبطى والنأى به عن الطائفية ، يستلزم أن تتحمله أنت بنفسك ، أما تعدد نواب رئيس الجمهورية الذى تورطت فى الإلتزام به ، فاختيارك لسمير مرقص مثلاً يجب أن يكون لكفاءته العامة وهو بالفعل كذلك ، ولكن ليس للملف القبطى ، ويكفيك أبو الفتوح أو العوا كنائب أول ومرقص النائب الآخر ، وكفى ، أو على الأكثر الدكتورة هبة رؤوف كفاءة وليس كمرأة ، فملف المرأة شأنه شأن القبطى ، يحتاج إلى رؤية وقرار وممارسة ، دون أن يسند خصيصاً لقبطى والآخر لمرأة ، فرب رجل ينصف المرأة عن المرأة ، والإسلام يحفظ حقها وحق القبطى كذلك. ويبقى متسع فى الفريق الرئاسى المعاون والاستشارى ، لكافة المجالات.
5 يا دكتور مرسى ، الرجل الثانى فى كل حقيبة وزارية ، هو الشخص المحورى فى هذه المرحلة التاريخية ، لذلك شجعه على التعاون المخلص مع كل وزير جديد تأتى به ، وهذا الرجل الثانى هو من داخل كل وزارة ، وعاصر السنوات العشر الأخيرة ، وكان دوره واضحاً فى دولاب العمل اليومى ، هذا لا ينفى أبداً ولا يكفى إطلاقاً وأكرر إطلاقاً ، عن البحث عن الوزير المبدع الإستراتيچى.
إلى هنا ، فصديقة إلكترونية ، دائماً ما ترشحنى لحقيبة وزارية ، وأنا أقسم بالله العظيم ، أننى أرفض فى هذه المرحلة من عمر مصر أى حقيبة وزارية ، كما لا أتطلع إليها لها فى مرحلة أخرى من عمر مصر ، لا هى ولا حتى رئاسة الوزراء أو حتى رئاسة الجمهورية. فضلاً عن أن رئيس الوزراء والوزراء فى مصر ، عملهم تنفيذى أو يستغرقهم العمل التنفيذى ، أو مجبرون على العمل التنفيذى ، وأنا هجرت العمل التنفيذى منذ أكثر من عشر سنوات. ثم هذه المناصب مغرم ، لا أتهرب منها ، ولكنى لا أهواها ، لا اليوم ولا غداً ، ولكن أتطلع إلى اليوم الذى تصبح فيه هذه المناصب فى مصر ، إستراتيچية لا تنفيذية ، ومع ذلك لا أتطلع إليها أيضاً.