في إطار الجهود التي يبذلها صندوق النقد العربي لدعم متخذي القرار في الدول العربية، أطلق الصندوق إصدار أبريل من تقرير "آفاق الاقتصاد العربي"، الذي يتضمن تحديثاً لتوقعات الأداء الاقتصادي للدول العربية على عدة أصعدة تشمل النمو الاقتصادي، واتجاهات تطور الأسعار المحلية، والأوضاع النقدية، والمالية، والتوقعات فيما يتعلق بالقطاع الخارجي في الدول العربيةخلال عامي2019 و2020. أشار التقرير إلى أنه من المتوقع تباطؤ معدل نمو الاقتصاد العالمي وأنشطة التجارة الدولية خلال عامي 2019 و2020 في ضوء المخاطر المحتملة لانعكاسات التوترات التجارية بين الاقتصادات الكبرى، وظروف عدم اليقين بشأن السياسات،وتزايد مستويات المديونيات العالمية والأثر على أنشطة التجارة والاستثمار والتصنيع لاسيما خلال النصف الأول من عام 2019. أكد التقرير أن تلك التحديات تستلزم تنسيقاً عالمياً عالي المستوى على صعيد السياسات لتجاوز الآثار المحتملة لتلك المخاطر وتجنب انزلاقات حادة للنمو الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية والوصول إلى نظام عالمي متعدد الأطراف أكثر شمولية ومرونة واستجابة بما يعزز كذلك من قدرة بلدان العالم على تحقيق أهداف التنمية المستدامة خاصة فيما يتعلق بمكافحة الفقر، وتغير المُناخ، واستدامة أنظمة الاستهلاك والإنتاج. أما في أسواق النفط الدولية، فتشيرالدلائلإلىتباطؤ متوقع لمستويات الطلب على النفط خلال عامي 2019 و2020 بفعل ضعف وتيرة النشاط الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية. أما من جانب العرض، فمن المتوقع استمرار زيادة المعروض من النفط من خارج أوبك خاصة من الولاياتالمتحدةالأمريكية. بناءً عليه، من المتوقع استمرار تفوق المعروض من النفط على مستويات الطلب خلال أفق التوقع. في هذا السياق، قررت منظمة الأوبك ومنتجو النفط الأساسيين خارج المنظمة مد العمل باتفاق تعديل كميات إنتاجالنفط،بنحو 1.2 مليونبرميليوميًا فيما يُعرف باتفاق"أوبك +"اعتباراً منمطلع 2019 ولمدةستةأشهر. فيما يتعلق باتجاهات تطور النمو الاقتصاديفي الدول العربية، من المتوقع تسجيل الدول العربية نمواً بنحو3.1 في المائة عام2019 و3.4 في المائة عام 2020 بما يعكسالتوقعات بمواصلة ارتفاع معدل النمو في مجموعة الدول العربية المُصدرة للنفط إلى نحو 2.8 و3.1 في المائة في عامي 2019 و2020 على التوالي، وسط تباين متوقع لاتجاهات النشاط الاقتصادي ما بين دول المجموعة. ففي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، من المتوقع استمرار النمو مدفوعاً بشكل رئيس بتحسن النشاط في القطاعات غير النفطية مستفيدةً من عدد من العوامل تشمل الأثر الإيجابي لمضي عدد من هذه البلدان قدماً في تنفيذ الاستراتيجيات والرؤى المستقبلية الرامية إلى زيادة التنويع الاقتصادي، والإصلاحات القائمة لزيادة مستويات جاذبية بيئات الأعمال وحفز الاستثمارات المحلية والأجنبية. في حين من المتوقع تحقيق القطاعات النفطية معدلات نمو منخفضة نوعاً ما في ظل التوقعات بتباطؤ مستويات الطلب على النفط، علاوةً على تأثر أنشطة القطاع نسبياً بانخفاض كميات الإنتاج المتوقع في إطار اتفاق "أوبك+" خلال النصف الأول من عام 2019. رغم ذلك من المتوقع أن يستفيد قطاع النفط والغاز في عدد من دول المجموعة من مشروعات يجري العمل عليها لزيادة طاقات إنتاج وتكرير النفط والغاز خلال أفق التوقع. كذلك سيستفيد النمو من السياسات النقدية والمالية المواتية والداعمة للنمو الاقتصادي. كمحصلة لما سبق، من المتوقع ارتفاع معدل نمو المجموعة إلى 2.7 في المائة عام 2019 وإلى 3.0 في المائة عام 2020. أما في الدول العربية الأخرى المُصدرة للنفط، فمن المتوقع تحسن نسبي لأداء الاقتصاد الكلي في ظل التوقعات بمواصلة الأثر الإيجابي للاستقرار النسبي للأوضاع الداخلية في بعض دول المجموعة، وبدء جهود إعادة الإعمار، سوف يساعد التحسن في الأوضاع الداخلية كذلك على تركيز هذه البلدان على استعادة جانباً من مستويات الإنتاج النفطي السابق تسجيلها قبل عام 2011، واستمرار العمل على تحسين البنية الأساسية لإنتاج وتصدير النفط وزيادة الطاقات الإنتاجية. بناءً على ما سبق، من المتوقع ارتفاع معدل نمو المجموعة إلى 3.1 و3.8 في المائة خلال عامي 2019 و2020. على صعيد الدول العربية المستوردة للنفط، من المرتقب تواصل النمو مرتفع الوتيرة في هذه البلدان جراء تواصل مسيرة الإصلاح الاقتصادي،وتركيز بلدان المجموعة بشكل أكبر على إصلاحات الوصول إلى النمو الاحتوائي مرتفع الوتيرة مع ما يستلزمه ذلك من تبني سياسات لدعم قطاعات التعليم والصحة، وتوفير المزيد من فرص العمل، وزيادة الإنتاجية والتنافسية مما يساهم في جني مزيداً من ثمار الإصلاح الاقتصادي على المدى المتوسط. كمحصلة، من المتوقع استمرار وتيرة النمو المرتفعة في الدول العربية المستوردة للنفط عند مستوى 4.1 في المائة و4.3 في المائة على التوالي خلال عامي 2019 و2020. أشار التقرير إلى إن أبرز الأولويات على صعيد السياسات بالنسبة للبلدان العربية تتمثل في خلق المزيد من فرص العمل لمواجهة تحدي البطالة في ضوء ارتفاع معدل البطالة في الدول العربية إلى ما يشكل تقريباً ضعف معدل البطالة العالمي. تتمثل خصوصية تحدي البطالة في الدول العربية في تركزها في فئة الشباب، لا سيما الإناث منهم، حيث يرتفع معدل البطالة بين أوساط الشباب إلى مستوى 26 في المائة وفق بيانات البنك الدولي، وهو ما يمثل أيضاً ضعف المعدل العالمي، فيما تسجل بطالة الإناث الشابات أعلى مستوى عالمياً يبلغ 40 في المائة مقارنة بنحو 15 في المائة للمتوسط العالمي. تزيد الانعكاسات المحتملة للثورة الصناعية الرابعة وما يتبعها من تطورات تقنية، من حجم التحديات التي تواجه البلدان العربية في المستقبل، يستلزم معالجة تحدي البطالة ضرورة اتجاه الدول العربية إلى تبني منهج متكامل يرتكز على إحداث تحول شامل في هياكل الاقتصادات العربية، وزيادة مستويات ديناميكية أسواق العمل وتسهيل فرص النفاذ للتمويل، وتبني إصلاحات مؤسسية لزيادة مرونة أسواق العمل والمنتجات، ورفع جودة التعليم وتوجيه السياسات التعليمية نحو المجالات الديناميكية الأكثر طلباً في سوق العمل، إضافة إلى إنشاء مراصد للتعليم لاستشراف احتياجات أسواق العمل، والسعي نحوالمزيد من الاندماج في الاقتصاد العالمي، وإبرام اتفاقيات لتحرير التجارة وانتقالات العمالة ورؤوس الأموال. فيما يتعلق باتجاهات تطور الأسعار المحلية، من المتوقع انخفاض معدل التضخم في الدول العربية إلى 9.3 في المائة و8.1 في المائة خلال عامي 2019 و2020 على التوالي كمحصلة لانخفاض معدل التضخم في الدول العربية المصدرة للنفط إلى 6.1 في المائة و5.9 في المائة على التوالي عامي 2019 و2020. على مستوى مجموعات الدول الفرعية،من المتوقع انخفاض معدل التضخم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلىنحو 1.3 في المائة خلال عام 2019، فيما يتوقع أن يسجل معدل التضخم حوالي 1.6 في المائة خلال عام 2020. أما في الدول النفطية الأخرى، من المتوقع ارتفاع معدل التضخم إلى حوالي 6.3 بالمائة خلال عام 2019. بينما يتوقع أن يبلغ نحو 6.5 في المائة خلال عام 2020. أما في مجموعة الدول العربية المستوردة للنفط، من المتوقع تراجع معدل التضخم إلى نحو 11.8 في المائة عام 2019،و9.9 في المائةخلال عام 2020.