اجتازت مصر أصعب أيامها عقب جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية.. حبست الأنفاس بسبب تصارع المرشحين المتنافسين الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين والفريق أحمد شفيق المرشح المستقل في إعلان فوزه.. دون انتظار إعلان النتيجة النهائية عن طريق لجنة الانتخابات الرئاسية المنوط بها إعلان النتيجة.. تأخر إعلان النتيجة من الخميس إلي الأحد بسبب الطعون الكثيرة التي تقدم بها كلا المرشحين.. ولم يتوقف الجو المشحون عند إعلان الإخوان المسلمين فوز مرشحهم قبل نهاية عمليات الفرز مكتملة مما أثار البلبلة وحالة الترقب حول النتيجة التي أعلنوها صراحة بأنها ستكون مزورة في حالة عدم نجاح الدكتور محمد مرسي.. وكأنهم استخدموا المظاهرات في التحرير والميادين العامة بالجمهورية كأداة ضغط علي المجلس العسكري ولجنة الانتخابات الرئاسية لإعلان فوز الدكتور مرسي.. ولكنهم طالبوا أيضاً بإعادة مجلس الشعب المنحل والمبطل بحكم المحكمة الدستورية.. وكذلك إلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي وضع سلطة التشريع في يد المجلس العسكري بعد بطلان المجلس.. كل هذه الضغوط تجمعت مع تهديدات مباشرة من قيادات الإخوان و«الحرية والعدالة» ذراعها السياسية بتحول البلاد إلي بحر من الدماء في حالة فوز الفريق أحمد شفيق.. وكان إعلان لجنة الانتخابات الرئاسية بفوز الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان بفارق 1.7٪ من الأصوات وأصبح رئيس الجمهورية المنتخب. فاز الدكتور محمد مرسي وأصبح أول رئيس جمهورية مدني منتخب في التاريخ المصري الحديث والقديم.. جاء الرئيس بإرادة شعبية ووفقاً لصندوق الانتخابات الذي نحترمه ونقدر كلمته.. كان لدينا استفتاءات وليست انتخابات، كما حدث في زمن المخلوع.. وكان لدينا تزوير لإرادة الشعب.. ولكن هذه المرة أصبحنا أمام رئيس جاء بإرادة شعبية حر من خلال الصندوق بشكل ديمقراطي محترم.. الانتخابات شابها ما شابها من بعض المخالفات والتزوير والتسويد المبكر لأوراق التصويت قبل وضعها في الصندوق والبطاقات الدوارة والطفل الدوار.. كل ذلك لم يؤثر علي النتيجة النهائية للانتخابات والدليل علي ذلك أن لجنة الانتخابات الرئاسية لم تلغ أكثر من نتيجة مائة لجنة فرعية من 3100 لجنة علي مستوي الجمهورية.. جاء مرسي بإرادة 51.3٪ من المصريين وعليه أن يعمل لخدمة من انتخبه ومن لم ينتخبه، ويصبح رئيساً لكل المصريين وعليه أن يثبت ذلك وينسي أنه كان عضواً بجماعة الإخوان ورئيساً لحزب «الحرية والعدالة» وأن يحترم الدستور والقانون وأن يحلف أمام الشعب وأمام المحكمة الدستورية التي حدد الإعلان الدستوري المكمل أن يحلف أمامها وليذهب إلي قصر الرئاسة ليبدأ عمله في خدمة مصر والمصريين وليس لتنفيذ أهداف الجماعة وحزبه الذي استقال منه. علي الرئيس المنتخب محمد مرسي احترام القانون والدستور الذي سيحلف عليه أمام الشعب ويعمل علي عدم الصدام مع المجلس العسكري من أجل مصر وشعبها المحترم الذي صبر كثيراً علي أخطاء من الإخوان و«العسكري» وكفانا ما ضاع من وقت من عمر الوطن.. قد يكون الإعلان الدستوري المكمل معيباً وغير جائز من وجهة نظر البعض ولكن في الحقيقة يجب علي الرئيس أن يحترم هذا الإعلان ولا يسعي إلي إلغائه حتي تنتهي هذه الفترة الحرجة في تاريخ الوطن.. لنترك الأمور تجري في أعنتها حتي يتم إعداد الدستور والاستفتاء عليه وحتي لا تتجمع السلطتان التنفيذية والتشريعية في يد رئيس الجمهورية.. لابد من احترام الإعلان الدستوري حتي صدور الدستور الجديد.. لا يجب علي رئيس الجمهورية الضغط من أجل عودة مجلس الشعب بأي حال من الأحوال رغم أن انتخاباته كانت من أنزه الانتخابات البرلمانية التي جرت في البلاد علي مدي ال 60 عاماً الأخيرة.. لأنه يجب احترام أحكام القضاء.. أما لاءات محمد مرسي الأخيرة حول إلغاء الإعلان الدستوري المكمل ولا للضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية، ولا لحل البرلمان فهذا الكلام ربما يليق بأحد الثوريين، أما رئيس الجمهورية فلابد أن يحترم الشرعية، وعليه أن يعمل علي تغيير أي قوانين لا يراها صحيحة من خلال القنوات والأدوات الشرعية الرسمية وليس من خلال الشوارع والميادين.. احترام القضاء واجب واحترام الأحكام القضائية ضرورة لبداية صحيحة للرئيس الجديد، أما غير ذلك فلا وطن ولا استقرار ولا أمن ولا أمان. شرعية الرئيس جاءت من خلال صندوق الانتخابات معبرة عن إرادة الشعب.. لذلك لابد أن يكون ولاؤه للشعب لا للمرشد العام للإخوان المسلمين ولا لحزب «الحرية والعدالة»، فمرسي أصبح رئيساً لمصر وليس رئيساً للحرية والعدالة وليس تابعاً لمحمد بديع المرشد العام.. لابد من إعطاء الأمان لنسيج الوطن الإخوة المسيحيين إخوه الوطن والدم في السراء والضراء، إخوة الوطن والدم في حالة الشدائد والمحن.. لابد أن تكون رؤية الرئيس محمد مرسي من خلال أفكاره بعيداً عن مكتب الإرشاد، فهذه هي أمانة الوطن وأمانة القسم الذي حلف عليه.. لابد من الرئيس مرسي أن يعمل علي تحقيق مطالب الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. لابد من تعاون المجلس العسكري والرئيس بعيداً عن الصدام، لأن الحالة في البلاد لم تعد تسمح برفاهية هذا الصدام لأننا في حاجة إلي الأمن والخروج من حالة الانهيار الاقتصادي التي تخنق جموع المصريين.. نريد من الرئيس والعسكري أن يتعاونا من أجل إنجاح التجربة الديمقراطية.. وأن يتحملوا أمانة الوطن حتي لا يسقط إلي هوة سحيقة.. لا نريد مبدأ المحاصصة أو المغالبة التي يريدها الإخوان المسلمين في المناصب الوزارية والمحافظين والمناصب العليا حتي لا يتم استنساخ الحزب الوطني المنحل من جديد.. الرئيس مرسي عليه أن يكون رئيساً لكل المصريين وليس الإخوان أو من انتخبه فقط.. عليه أن يوحد كل المصريين معه.. وسرعة تنفيذ وعوده وحل مشكلات البطالة والفقر والعشوائيات والصحة والتعليم والزراعة والصناعة والسياحة والري، ولم الشمل ضرورة وطنية ولنبدأ صفحة جديدة وعفا الله عما سلف وأنه يوم مشهود وتحيا مصر.