سمعنا كثيرا عن ممارسات التعذيب من جنود الشرطة العسكرية تجاه الثوار والمتظاهرين , ولكن المدهش أن يكون بطل التعذيب هذه المرة هو اللواء حمدى بدين قائد الشرطة العسكرية, حيث سولت له نفسه استضعاف أحد الثوار ربما لكونه فكهانيا ريفيا متواضع الحال, فتسبب فى إصابته بتلف فى النخاع الشوكى نجم عنه عدم اتزان في أطرافه الأربعة ، ليرفض بعد ذلك المسئولون بصندوق مصابي الثورة علاجه رغم إصابته في الميدان وفي السجن الحربي.. وكل ذلك بسبب قفص برتقال..!!!! تعود أحداث القصة إلى مظاهرات 9 مارس 2011 ،كما يقول عماد عفيفي، حين تعامل معه اللواء حمدي بدين ،قائد الشرطة العسكرية، بمنتهى التعالى وتعمد إهانته أمام جموع الثوار بقلب ميدان التحرير, حيث أخرج مبلغا من المال من جيبه الخاص محاولا إعطائها للشاب مقابل تركه للميدان فى الحال، والتي اعتبرها الشاب الريفي البسيط محاولة من اللواء لإهانة الثوار جميعا. لم يتحمل عماد الإهانة فرد عليه على الفور قائلا: (أنا مش جاى الميدان طالب إحسان أنا جاى من بلدى علشان أجرة الشقة اللى زادت وسعر قفص البرتقال اللى ارتفع ).. يقول عماد ،الذى أصيب بطلق نارى فى جمعة الغضب بساقة اليسرى : لعل مظهرى المتواضع وصراخى معترضا على ارتفاع الأسعار وزيادة أجرة الشقة الضيقة التى أعيش فيها مع أمى وشقيقتى الصغرى بعد وفاة والدى هو ما شجع اللواء على محاولة إهدار كرامتى.. وكانت النتيجة قيامه بصحبة بعض جنوده بمهاجمتنا أثناء الصلاة بمسجد عمر مكرم ,وسحبنا إلى متحف التحرير لنلاقى أهوالا من التعذيب جزاء استمرارنا فى التظاهر والمطالبة بحقوقنا. ضربونا بالجزمة ويتابع بصوت مرتعش: قاموا بسبنا بالأب والأم ، وضربونا بالبيادة (حذاء الجنود), وبعد أن أرهقهم تعذيبنا حولونا إلى "س5" وهى إحدى مقرات الشرطة العسكرية بعابدين، وقتها شعرت أن دولة الظلم مازالت مستمرة بعد الثورة وأنها لن تزول أبدا ، لذلك وفور خروجي من السجن توجهت إلى الميدان مباشرة واعتصمت مع المتظاهرين هناك، ولكن هذه المرة كان اعتصامي بسبب شعورى بضياع حقى وإهدار كرامتي. ولكن وكما تمسكت بموقفي وبحقي في التظاهر ، تمسك الطرف الآخر بظلمه وجبروته وتم الهجوم علينا ثانية في الميدان من الشرطة العسكرية ، وكان ذلك في اليوم الأول من رمضان الماضى، وتم إلقاء القبض علينا أنا ومجموعة من المتظاهرين "حوالى 26 شابا"، وتم اقتيادنا إلى النيابة العسكرية ومنها إلى السجن الحربى بالهايكستب وهناك بدأ الفصل الثاني من مسلسل التعذيب ..نفس السباب.. ضرب بالعصى.. تجريد من الملابس.. صعق بالكهرباء فى جميع أجزاء الجسم، ضرب ب " الآيش".. ويكمل: من شدة التعذيب لم أستطع تحريك ساقى.. فتم اقتيادى إلى مستشفى كوبرى القبة العسكرى وتم إجراء الكشف وأوصي الطبيب بضرورة إخراجي من السجن فورا نظرا لحالتي المتدهورة كاتبا في تقريره (غير لائق وجوده بالسجن الحربي )، إلا أن الضابطين المسئولين بالسجن الحربى وهما الضابط (هيثم)والضابط (احمد حمام) قاما بشطب كلمة "غير" من التقرير لتبقى (لائق وجوده بالسجن الحربى)..!! وبعد فترة وبعد أن ساءت حالة عماد داخل السجن تم الإفراج عنه.. فذهب من فوره إلى صندوق مصابى الثورة طلبا للعلاج.. طلبوا منه تقريرا طبيا بإصابته من مستشفى كوبرى القبة العسكرى لتقديمه (للكمسيون الطبى) للصندوق. عماد لم يتوان فإصابته شديدة وحالته المادية متردية وأسرته تعتمد عليه في الانفاق ولا تستطيع تحمل نفقات علاجه .. لذلك تحامل على نفسه رغم إصابته وعلى الفور أحضر التقرير المطلوب الذى جاء فيه أنه مصاب بتلف فى النخاع الشوكى وعدم اتزان فى الأطراف الأربعة.. وكان يظن أن التقرير الموعود سيضع حدا لمعاناته دون أن يدري أنه بداية معاناة من نوع آخر.. فبعد أسبوعين اتصل به القائمون على أمر الصندوق وطالبوه بالحضور ، ليس فقط لإنهاء إجراءات طلب العلاج.. ولكن لاستلام وظيفة أيضا كانوا قد وعدوه بها بعد أن شاهدوا بأعينهم كيف أن الإصابة التي تسبب بها العسكر أفقدته عمله "فكهاني " والذي يتطلب حمله لأقفاص الفاكهة والاعتماد على يديه التي لم تعد قادرة على حمل عدة وريقات... وظيفة ما تمت فرح عماد وأسرته الصغيرة وشعر أخيرا أن الثورة بدأت تؤتي ثمارها وأن هناك من يؤازره لاسترداد بعض حقوقه .. ولكن لم تدم فرحته طويلا فالمسئولين بالصندوق لم يتخلوا بعد عن روتينهم الكريه.. واشترطوا عليه إحضار نفس التقرير الطبي السابق من مستشفى القبة العسكري لكي يستلم الوظيفة الموعودة .. صرخ عماد ليذكرهم أنه أحضره من قبل وسلمه لهم ، لكنهم أخبروه أن التقرير السابق له مسار آخر خاص بالعلاج ولابد من إحضار تقرير ثان ، وبالطبع ،وبلا داعي للإطالة ، يمكننا معا أن تخيل بقية السيناريو .. فالمستشفى رفضت إعطاءه شيئا هذه المرة تحت زعم أنها سلمته له من قبل ،وفي الجهة الأخرى يصر المسئولون في الصندوق في تعنت غريب على ضرورته رغم أنه بحوزتهم بالفعل، لتتوقف إجراءات الوظيفة والعلاج معا .. وحتى الآن ومنذ ذلك الحين وعماد بدون علاج وبدون عمل وبدون مصدر رزق.. بالرغم من أنه العائل الوحيد لأمه وأخته طالبة الثانوى..