ممد مغمض العينين شارد ترى بماذا يفكر ؟ لاأحد يعرف حتى المقربين منه ، شخصية غامضة عنيدة لاتنفعل ولاتتفاعل مع أعتى المواقف وأشدها ، تشابكت يديه خلف رأسه ولم يحرك ساكنا حينما نطق القاضى قرار المحكمة والعالم مشدوها يحبس أنفاسه فحكم على الرئيس السابق بالسجن المؤبد ، المحكمة التى استندت على الأدلة الثبوتية إستقر أيضا وجدانها أن( مبارك ) هو اليد الطولى التى أفسدت الزرع والنيل وحطمت أفئدة المصريين ثلاثة عقود ، حملوه إلى طره فى نفس اليوم ليتحول إلى رقم فى جدول المجرمين ، مبارك لا أحد يدرى مايدور بخلده ، كل شئ ربما مر أو يمر على خاطره لانعرفه ، إلا شئ واحد نتأكد جميعا أننا نعرفه وهو أن مشاعر الندم لاتعرف إليه طريقا ، الندم هو الخطوة الأولى نحو إستيقاظ الضمير بعد سبات عميق ، الندم عودة لتصحيح المسار وإنقاذ ماتبقى من الكتاب الملوث بالدماء ، أعلم أن مصر لن تسامح فاسقا ، لكن الله وحده الغفور الرحيم والسماء أبقى من الأرض ، الندم وقفة مع الذات يعيد فيها الإنسان تقويم نفسه مراجعتها ليبدأ فى الإعتراف بالخطأ كخطوة أولى ثم يتلوه الإعتذار ، ربما يكفّر عن بعض الذنوب التى إرتكبها بقصد أو بدون قصد خاصة إذا كان المجنى عليه هو وطن وشعب عظيم أولاه الثقة ، شعب كل ذنبه أنه الله إبتلاه فى لحظة برئيس لايمتلك قراره ، حكم البلاد وهو مغيب عن الحقائق لايقرأ ، جمع حوله ثلة من الفاسدين المارقين ، ترك الأمر بيد إمرأة جل همها أن تظل السيدة الأولى للأبد فسعت للتوريث وكان التزوير عنوان المرحلة ، مبارك الذى كان يفتخر دوما أنه قد حصل على الدكتوراه فى الصلف والعناد هو ماأوصلنا إلى حالة الفوضى والتردى التى بدت على وجوه المصريين بلا إستثناء وكأننا على شفا حفرة من الإنهيار المادى والمعنوى الآن ، فى أحلك الظروف مازال ضميره لايبكته لايزوره خلسه ليوقظه ويهمس فى أذنه إعتذر للمصريين قارب وقت الحساب ، إفصح أنك آسف على سقوط الشهداء خالد سعيد ومينا دانيال ، الشهداء فى القديسين ومحمد محمود ، ماسبيرو وبورسعيد إربت على كتف المصابين ، قل كلمة لأحمد حراره وأقرانه ومن فقدوا نور العيون إعتذر للنيل للهرم والشجر وكل البشر ، ربما بعض التعاطف يحرك القلوب الموجعة ، ربما يترحم عليك المصريون الطيبون عندما توارى الثرى ، أنت فى أواخر أيامك يلفك برد لعين جراء مااقترفت يداك وفلذات أكبادك خلف الأسوار محاصرون ، حرمت أحفادك من الكرامة والفخر وباتوا منكسى الرأس فى الشارع والفصل ، محا التاريخ صورك من الميادين ، يامن قلت أنه لاجيوب للكفن ، كانت حقبتك السوداء قدرنا ، لكن مصر قادرة أن تتخطى كل كبوة وكل عثرة فإرادة شعبها من فولاذ ، تشهد سطور التاريخ أن مصر لاتموت ، أعلم أن صحوة الموت لن تثنيك عن العناد ولو أن ضميرا بصدرك يحيا لطلبت أن تودع مصر بكلمة أخيرة تصلى أن يمحو الله زلاتك ، شارفت على الموت وأذيع النبأ فقلنا ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) لكن مازال فى العمر بقية فلتنتهز الفرصة قبل فوات الأوان ويحل بك القضاء ، لكننا واثقين أنك لن تفعل فمن لاينتفض لدماء الشهداء الأطهار تسيل فى كل الربوع والحرائق تشتعل والدمار يحل بالبلاد وهو الرئيس فيسرع بالنزول على رغبة الشعب لإنقاذ الوطن وحقن الدماء لن ننتظر منه توبة أو ندم ، فنام ماشئت ، تمارض كما شئت ، طالت أو قصرت داخل السجن او خارجه عدل السماء آت ( أخطأت ) يامن أصبحت حرفا تائها ، لم تكن لتتقبل النقد يوما الكبر فيك ولم تدرك الصوابا ففقدت الوقار والإتزان ، فلتتوارى فى خجل ولاتحار وتسأل لماذا البوم تنعق ؟ فلا الشمس تشرق فى المغيب ولا الطغاة تعتذر !