[شريف عبدالغني يكتب:«العسكر» يجهزون عريسك يا مصر!] شريف عبدالغني «ما تزّوقيني يا ماما.. قوام يا ماما.. ده عريسي هياخدني بالسلامة يا ماما». على أنغام هذه الأغنية تحول أسيادنا الذين في السلطة حماهم الله، إلى وظيفة «مُزينة عرائس». فتحوا المزاد على عروستهم ست الحسن والجمال التي يجهزونها لصاحب القسمة والنصيب، و«الغاوي ينقط بطاقيته، واللي يحب الحلاوة يرمي بياضه». العروس هي «مصر». وطالبو القرب على قفا من يشيل. لكن «المُزينين» لا يرمون «بضاعتهم» لأي عابر سبيل. إنهم يفضلون «العريس» الجاهز من مجاميعه. لا يهم السن أو الحالة الاجتماعية أو أن يكون متهماً بالفساد أو القتل أو السرقة. كل هذه شكليات بسيطة في عصر «الجنيه غلب الكارنيه». رسا العطاء على ثلاثة: عمر سليمان، وعمرو موسى، وأحمد شفيق. الأخير كان الأطول نفساً. هو رجل «الأفعال وليس الكلام» كما يروج عن نفسه. تجاهلوا أن أفعاله لا تسر عدواً ولا حبيباً، ولم يفعل شيئاً منذ عهدناه سوى الكلام و «اللت والعجن» عمّال على بطال. تغافلوا أن السادة حكام إسرائيل يتغزلون فيه، ويحلفون برحمة الغالية «جولدا مائير» أنه سيكون «كنزاً استراتيجياً» جديداً للدولة العبرية، وخير خلف لخير سلف مثله الأعلى مبارك. إذن «شفيق» عريسك يا «مصر». لا اعتراض.. ما عندناش بنت تقول «لأ». لا يهم الحب قبل الزواج، سيأتي ب «العشرة». ذهبت أمس الأول «السبت» للإدلاء بصوتي في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة، وقد تبين الخيط الأبيض من الأسود، وظهر «اللهو الخفي «الذي كان المجلس العسكري يتهمه طوال سنة ونصف بتدبير الفوضى وعدم استقرار البلاد. قبل بدء التصويت بثلاثة أيام خرجوا بإعطاء رجال «الشرطة العسكرية» و «المخابرات الحربية» حق «الضبطية القضائية» للمدنيين. هاجموا من انتقدوا الأمر، وأكدوا أنه موجه ضد «البلطجية»، لكن لما ظهرت بنود القرار والعقوبات تأكد لكل أعمى أنه مخصص للنشطاء السياسيين والمتظاهرين السلميين، وتصل بعض العقوبات إلى الأشغال الشاقة والإعدام. ثم قبل 48 ساعة من الجولة الحاسمة تم حل مجلس الشعب. المعنى واضح وهو قصقصة ريش مرشح الثورة الدكتور محمد مرسي، فلا حكومة تسنده ولا مجلس شعب يسانده. لا ننسى هنا أن رئيس وزرائهم المبجل الرجل الكبارة كمال الجنزوري هدد التيار الإسلامي الذي يشكل أغلبية البرلمان: «إذا وقفتم ضدي وطالبتم برحيلي، فإن قرار حل مجلسكم في درج المحكمة الدستورية». الرجل من طيبته ألهمته السماء وعرف بحكم حل مجلس الشعب قبل شهرين من صدوره. معجزة إلهية تضاف إلى سجله! الأخطر أن السادة العسكر استردوا السلطة التشريعية، وأصبح لهم حق تشكيل الجمعية التأسيسية التي تضع دستور الدولة، وبالتالي سيقومون بتفصيل صلاحيات الرئيس حسب الفائز. «شفيق» الذي سخروا كل إمكانات أجهزة الدولة وإعلامها لصالحه، أو «مرسي» لو أفلت من فخ مكائدهم. الصلاحيات ستختلف بين «الصديق» الذي سيعيد إنتاج نظام «مبارك» وبقاء ثقافة «الفساد» كما هي. وبين «العدو» محمد مرسي الذي يملك مشروعاً حقيقياً لنهضة الدولة ونشر العدل في ربوعها، وتطهيرها من الفاسدين، أياً كان موقعهم ومكانتهم! بشارة فوز «مرسي» جاءت من نتائج تصويت المصريين بالخارج. حصد نحو %75 من الأصوات. النتيجة منطقية ومؤشر واضح لما يجب أن يكون في الداخل. فريق حملة تشويه التيار الإسلامي بمجمله وفي القلب منه جماعة «الإخوان المسلمين» نفذ منذ قرار الجماعة بتقديم مرشح رئاسي حملة أكاذيب وتضليل للرأي العام. ومع تصدر الدكتور «مرسي» السباق في الجولة الأولى، وصلت الأكاذيب إلى مستوى «الدعاية السوداء». وجدوا أن مزاعم شراء «الإخوان» للأصوات بالزيت والسكر لم تعد تخيل على طفل صغير، بعد اكتساح مرشح الثورة نتيجة الاقتراع بالخارج في جولة الإعادة، فانطلقوا في كل اتجاه يبثون ضلالات وافتراءات تستخف بعقول المصريين.. أحمد شفيق بنفسه خرج يحذر الناس بأن «الإخوان» سيؤجرون القناة للخارج وسيعيدون عصر الهيمنة الأجنبية على مصر. هنا يحاول أن يلصق ما فيه بغيره. فتح النار على نفسه. «مصر مبارك» التي سيعيد تقديمها لم تكن يوماً حرة الإرادة والقرار. النظام كان ألعوبة في يد اللي يسوى واللي ما يسواش من دول المحيط الإقليمي والدولي. تواصلت الافتراءات: «المشانق» قادمة لكل من يعارض سلطة الجماعة. «مرسي» سينتقم ممن لم يصوت له.. النساء ستعود إلى البيوت.. الفتيات سيتوقفن عن التعليم.. السياحة سيتم إلغاؤها.. المشاريع الاقتصادية سيجري تأميمها وتوزيعها على الفقراء لكسب شعبية بين المهمشين! وصل الأمر إلى مغازلة مدمني «الحشيش».. «الإخوان» سيلغون المخدرات والإعدام ينتظر من يتعاطاها. تزامن مع ذلك أغرب دعاية حاول بها «شفيق» كسب أرضية جديدة، قال علناً إنه سيقنن أوضاع مخالفات البناء والأبراج السكنية غير المرخصة. رئيس دولة محتمل يدعو المواطنين إلى الاستهانة بالقوانين! قبل أيام كنت جالساً على مكتبي. الهاتف يرن. على الطرف الآخر صوت أنثوي شعرت بخبثه وجهله من أول نبراته. قالت إنها نائبة رئيس تحرير صحيفة «أخبار اليوم» الحكومية الكبرى، وعندها خبر خطير تطلب نشره في كل الصحف، حتى يعرف الناخبون ما يفعله «الإخوان»، وأضافت: «الإعلامية هالة سرحان قالت في برنامجها التلفزيوني إن «الإخوان» سيزورون الانتخابات بأقلام سرية يحضرونها معهم وتمسح من يشير إلى «شفيق» في ورقة الاقتراع!! بمناقشة الزميلة التي يبدو أنها من النوع ذات الجهل العصامي، عن تفاهة ما تزعم أنه معلومات خطيرة، انبرت تهاجمني بأنني وأمثالي سنخرب البلد إذا أعطينا صوتنا ل «مرسي»، وأنها ندمت على أنها تكلمت مع واحد من المخربين! عقلية الزميلة اللوذعية ذكرتني بعقلية إعلامي شبه «أمّي» يعد أحد أكبر الداعمين لمرشح «الفلول». حاول ضرب الدكتور محمد مرسي في مقتل، فادعى أن أحد أقارب المرشح الرئاسي ذهب إلى عيادته ليكشف عنده، لكن المرشح طرد قريبه ورفض الكشف عليه لأنه لم يدفع قيمة «الفيزيتة» 300 جنيه. لم يكن من أطلق الكذبة يعرف أن الدكتور مرسي أستاذ في الهندسة، وليس طبيباً. المسخرة الأكبر أن واحداً من مؤيدي «شفيق» عندما سمع الحكاية، قال: «مرسي ظهر على حقيقته.. دكتور في الهندسة وبيغش الناس وفاتح عيادة طبيب»!! هذه الزميلة وهذا الإعلامي وذاك المؤيد عكسوا تماماً طريقة تفكير مؤيدي «شفيق». الطريقة التي تتسق مع عقلية مرشحهم والخزعبلات التي يبثها والتي وصلت إلى حد «اللامعقول» باتهامه لشباب «الإخوان» بقتل المتظاهرين أثناء الثورة.. يعني كانوا يقتلون أنفسهم! هذه هي «الدماغ» التي ستحكم مصر في حالة «تزوير» الانتخابات. سيقولون إنني «فاشي»، وأن عدم فوز «مرسي» يعني التزوير. سأجيبهم: حينما تكون أجهزة الدولة ومسؤولوها وإعلامها ورجال أعمالها مسخرين لخدمة «تلميذ مبارك»، فهل نستطيع أن نصف الانتخابات ب «النزيهة»؟! البعض يتحدث عن «حكم الصندوق». وينسون ما يحدث خارج الصندوق من شراء أصوات وذمم وضمائر، ونشر الفوضى والانفلات الأمني، والأزمات المعيشية، ثم يقفون على قلب «بلطجي» واحد ويقدمون «شفيق» على أنه «المنقذ». السادة «المُزينون» لم يتعلموا من دروس الماضي، ويحاولون تزويج الدولة عنوة إلى «شفيق». نسوا أن مبارك حينما بدأ في تجهيز «المحروسة» وتوريثها إلى «جمال»، ثم أقام حفل الزفاف ووقف يتلقى التهاني من المعازيم، خرجت جموع الجماهير لتضرب كرسي في كلوب الفرح، وتهتف: «خديجة آه.. مصر لا»!! نقلا عن صحيفة العرب القطرية