انطلقت اليوم، بقصر الإمارات في أبوظبي أعمال المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ويشارك فيه نخبة من كبار القيادات والشخصيات الدينية والفكرية في العالم. ويندرج المؤتمر الذي يستمر حتى الخامس من فبراير الجاري ضمن فعاليات الزيارة التاريخية لشيخ الأزهر وبابا الفاتيكان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تبدأ مساء اليوم، حيث يحظى الضيفان الكبيران باستقبال رسمي رفيع المستوى فور وصولهم إلى مطار أبوظبي. وتحظى زيارة شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان باهتمام غير مسبوق إماراتياً وعربياً ودولياً، حيث تعد الزيارة الأولى لأحد باباوات الفاتيكان إلى شبه الجزيرة العربية، كما انها تعكس مكانة الأزهر الشريف وإمامه الأكبر كأكبر مرجعية دينية في العالم الإسلامي وكونها المؤسسة الأكثر تعبيراً عن سماحة الإسلام وتعاليمه الوسطية المعتدلة. وشارك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح بدولة الإمارات العربية المتحدة، والسفير أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، ونيافة الكاردينال مار بشارة بطرس، الراعي بطريرك الكنيسة المارونية في لبنان، ونيافة الأنبا يوليوس، أسقف عام بطريركية الأقباط الأرثوذكس، والقس أولاف فيكس تافيت، الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، وسماحة السيد علي الأمين، عضو مجلس حكماء المسلمين، إلى جانب العديد من القيادات والشخصيات الدينية والفكرية من مختلف قارات العالم. ويضم المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية تشمل: منطلقات الأخوة الإنسانية والمسئولية المشتركة لتحقيق الأخوة الإنسانية والتحديات والفرص الخاصة بالإخوة الإنسانية ويتم في إطارها عقد 6 ورش في منصات التسامح والإنسانية والتعايش كل على حده. يؤكد المؤتمر على قيم الأخوة الإنسانية وفتح آفاق للحوار والنقاش حول مضمونها وقيمها الأساسية والمرتكزات التي تقوم عليها وما قد يواجهها من عقبات وتحديات وما يتطلبه ذلك من ضرورة ترسيخ قيم التسامح والحوار والتعايش، ورفض خطاب الكراهية والعنف والعزلة، وإرساء ثقافة السلم بديلاً للعنف والنزاعات العقائدية والعرقية. وأكد أحمد أبو الغيط، الامين العام للجامعة العربية، ان الأديان ليست المسئولة عن تراث العنف أو التطرف فالحقيقة التاريخية الثابتة أن جرثومة التطرف وكراهية الآخر ظلت حاضرة وظاهرة في العديد من الأيديولوجيات والانساق الفكرية والعقائد السياسية والأغلبية الكاسحة من ضحايا القرن العشرين الذين يحصون بعشرات الملايين قضوا في حروبٍ غير دينية ولا تمت للدين بصلة وأن التطرف في جوهره موقف من الحياة والآخرين وهو ليس قاصراً على المجال الديني هو موقف فكري وإنساني يفترض امتلاك عدد من البشر للحقيقة المطلقة، ومن ثم استحقاقهم للتميز على الأخري والتسيد عليهم هي جرثومة التطرف التي تجعل البشر قادرين تحت شعارات مختلفة على ارتكاب أفظع الجرائم في حق إخوانهم في الإنسانية. وقال "أبو الغيط" ان الأخوة الإنسانية والتسامح صنوان لا يفترقان.. البشر مختلفون في الأفكار والعقائد والعادات.. ومفهوم التآخي الإنساني لا يهدف إلى تنميط البشر أو حملهم على إنكار ما بينهم من اختلاف، ففي اختلافهم رحمة والأخوة بين البشر تقوم في حقيقة الأمر على فضيلة التسامح.. ولا يكون للتسامح معنى إلا لو ما رسناه مع الأفكار التي نرفضها ونختلف معها.. التسامح هو قبول بمساحة من الاختلاف بين البشر.. إنه مفهوم– في أضيق معانيه- لا يفترض محبة الآخر المختلف بل فقط احترامه بوصفه إنساناً مستحقاً لهذا الاحترام. ودعا "أبو الغيط"القيادات المستنيرة إلي لعب دور في توجيه الشعوب والمجتمعات في الاتجاه الصحيح بعيداً عن التطرف والكراهية، مشيراً إلي ثلاثة شخصيات عالمية وهم الرئيس انور السادات ، والزعيم نيلسون مانديلا.. والرجل الذي أسس لنهضة البلد الذي يستضيفنا اليوم، ووضع بذرة التسامح والانفتاح على الآخر في تربته.. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.. انها قيادات فذة أنارت لشعوبها طريقاً إلى مستقبل أكثر إنسانية وسلاماً وإخاء... وتشتد حاجة عالمنا اليوم إلى هذا الصنف من الزعماء من أصحاب الرؤية والبصيرة والنظرة الإنسانية الشاملة. وشدد سماحة السيد علي الأمين، عضو مجلس حكماء المسلمين على أن اللقاء التاريخي بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان على أرض الإمارات دولة التسامح الإنساني والتعايش السلمي يجسد القيم الروحية الداعية إلى السلم العالمي، لافتاً إلى أن شيخ الأزهر، أ.د أحمد الطيب، هو "إمام الوسطية والاعتدال". وأوضح "الأمين" خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي انطلقت أعماله اليوم الأحد في أبوظبي، إن هذا اللقاء التاريخي يعزز الروابط الإنسانية ويعمل على نبذ ثقافة العنف والكراهية، فضلاً عن كونه دلالة على سمو الإنسان وسعيه للحوار والتلاقي مع إخوانه من البشر وهو ما يشكل علامة على التحضر والرقي. ولفت الأمين إلى أن الأخوة الإنسانية هي جوهر الرسالات السماوية، فالإنسان هو المحور لكل الرسالات والرسل، ولولا وجود الإنسان لم يكن الكون بحاجة لإرسال الرسل، مشيراً إلى أن تطور العلوم يزيد الحاجة للتواصل بين الشعوب، وللحوار حول قيم العدالة والمساواة، معتبراً أن الحروب والصراعات لم تكن بسبب الأديان، وإنما تم استخدام الأديان والتلاعب باسمها لارتكاب المجازر والحروب التي يتحمل مسئوليتها الانسان الذي ابتعد بأطماعه وخطاياه عن تعاليم الله. وقال فيصل الرميثي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين: "نسعي من خلال استضافة هذه الكوكبة من المتحدثين والحضور من مختلف الأديان والأعراق إلي إعلاء قيم التسامح والمحبة بين البشر كونها السبيل لتحقيق مبدأ العيش المشترك من أجل الوصول إلي فضاءات الأخوة الانسانية" وأضاف: "يتطلع المجتمعون في المؤتمر العالمي للأخوة الانسانية إلي تحقيق أهداف واضحة تتمثل في التأكيد علي خطاب التسامح والوئام والتأسيس لمرحلة جديدة جوهرها الإخاء الانساني وقبول الآخر وتبني الاعتدال ومجابهة ثقافة الكراهية والأفكار التي تهدد السلم والأمان المنشودين".