حصاد جلسات مجلس النواب خلال انطلاق دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعي الثاني    وزير الأوقاف والمفتي يؤديان صلاة الجمعة بالمسجد الأحمدي بطنطا.. احتفالا بالعيد القومي للغربية    «العمل» تعلن 4774 فُرصة عمل تطبق الحد الأدنى للأجور في 15 محافظة    «المشاط»: 2.25 مليار دولار تمويلات مُيسرة لقطاع الطاقة المتجددة عبر منصة «نُوَفِّي»    أماكن منافذ «حياة كريمة» في الإسماعيلية.. لحوم وفراخ بأسعار مخفضة    وزير الاتصالات يلتقي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للتكنولوجيا    أماكن منافذ بيع لحوم حياة كريمة في الشرقية.. أسعار مخفضة وجودة عالية    مصر ترحب بدعم مجلس الأمن لجوتيريش وتجدد تضامنها معه    "المرصد العربي" يناقش إطلاق مؤتمر سنوي وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    باحث سياسي: الاحتلال الإسرائيلي عاجز عن دخول لبنان بريا    الكرملين: بوتين لا يعتزم إجراء أية محادثات مع رئيس وكالة الطاقة الذرية    القصف وصل لمنزله.. كواليس هروب نتنياهو إلى الملجأ خوفًا من القتل (فيديو)    تقارير: عمر مرموش يحلم باللعب ل ليفربول أو أرسنال    "تذاع بالمجان".. الاستديو التحليلي لمباراة الأهلي والزمالك في الدوري المصري للسيدات    لاعب الزمالك الجديد: مصر بلد جميل.. وزيزو أفضل لاعب في إفريقيا    لحظات صعبة لمهندس احتجز داخل مصعد عقار بالطالبية    قناة السويس تكشف حقيقة بيع مبنى القبة التاريخي    غدًا.. حفل ختام مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته ال 40    تامر حسني وابنه يظهران بالجلابية البيضاء: «كنا بنصلي الجمعة»    ب«إهداء 350 كتابًا».. جامعة القاهرة تبحث مع «النشر للشعب الصيني» مجالات الترجمة وتبادل الثقافات    "يقترب من مليون".. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" أمس    منظمة الصحة العالمية تحذر من خطر انتشار فيروس ماربورغ القاتل    نائب وزير الصحة: الدولة مهتمة بتعظيم الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    «بعد التوقف».. سلوت يثير الجدل بشأن تجديد عقد محمد صلاح    خبير: بعض اتهامات القرصنة بين أمريكا والصين غرضها «الدفاع»    انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء بشمال سيناء    عاجل.. أول رد من الأهلي على عقوبات مباراة بيراميدز.. طلب خاص لاتحاد الكرة    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    بالصور- ضبط 4.5 طن لحوم ودواجن فاسدة بالمنوفية    عادل حمودة: أحمد زكي كان يندمج في التمثيل إلى درجة المرض النفسي    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    واعظ بالأزهر: «الوسطية» منهج رباني لإصلاح أحوال الناس    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة أصحاب السيارات بالجيزة    بالأرقام.. نتائج فحص حالات لسيارات ذوي الهمم خلال السنوات الثلاث الماضية    حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن البحر الأحمر لإنقاذ حياة المرضى    ضمن «حياة كريمة».. فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    الاستعلام عن حالة فتاة سقطت من شرفة منزلها بأكتوبر.. وأسرتها: اختل توازنها    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    اللجنة الأولمبية الجزائرية: ما يحدث مع إيمان خليف حملة ممنهجة    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    «الأوقاف» تفتتح 25 مسجدًا في عدد من المحافظات اليوم    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    تحقيق عاجل في مصرع وإصابة 7 في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    الأنبا عمانوئيل يهنئ رئيس الجمهورية وقيادات الدولة بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    أسعار الأسمنت اليوم الجمعة 4-10-2024 في محافظة الدقهلية    ارتفاع أسعار البيض اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    حقيقة نفاد تذاكر حفلات الدورة 32 من مهرجان الموسيقى العربية.. رئيس الأوبرا ترد؟    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    دعاء يوم الجمعة.. تضرعوا إلى الله بالدعاء والصلاة على النبي    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعذبون فى الأرض
150 ألف فلاح مهددون بالسجن بسبب "الري" و"العدل" و"بنك التنمية"
نشر في الوفد يوم 02 - 06 - 2012

«ما أحلاها عيشة الفلاح».. أغنية قديمة شهيرة تغني بها محمد عبدالوهاب ورددها علي مدي عقود طويلة ملايين الفلاحين. ووقتها كان الفلاحون يعيشون في جنة الله علي الأرض، خضرة وهدوء وهواء نقي وراحة بال.
الآن تبدلت الأحوال وتحولت القري من جنة الي جهنم، حيث لا يوجد سوي عذاب بلا آخر وأزمات بلا حصر وآلام بلا حدود.
وهكذا تحولت حياة الفلاحين من أغنية عذبة الي موال حزين.. من محافظات مصر التقطنا 3 حكايات تكشف معاناة الفلاحين، والغريب في هذه المعاناة أن المسئولين لم يتحركوا لرفع الظلم عن فلاحي مصر، واكتفوا بالصمت والسكوت وبراءة الأطفال في عيونهم.
في الخمسينيات رفع حكام مصر شعار محاربة الجهل والفقر والمرض.. وكان الفلاح هو المقصود بهذا الشعار فوحده كان الأكثر معاناة من هذا الثالوث المروع، الآن وبعد 60 عاما من الشعار - إياه - مازال الفلاح يعاني من ثالوث مروع أيضا.. وثالوث هذه الأيام أخطر بكثير من ثالوث الخمسينيات إنه ثالوث الظلم والقهر والإهمال الذي تمارسه علي الفلاحين وزارتا الري والعدل وثالثهما بنك التنمية والائتمان الزراعي.
وحسب الأرقام الرسمية فإن 150 ألف فلاح في الغربية سقطوا وسط أنياب هذا الثالوث وصار السجن عليهم هو المكتوب.. والغريب أن بعضهم سيساق للسجن بسبب مخالفة قرار وزاري تم إلغاؤه منذ 17 عاما.
يقول محمد مسلم أمين الفلاحين بالغربية إن 50 الف مزارع مهددون بالسجن بسبب غرامات الارز التى حررتها وزارة الرى عن الموسم الزراعى الماضي بإجمالي 40 مليون جنيه تم فرضها بواقع 76 جنيها غرامة على كل قيراط تمت زراعته بالارز، وهناك عدد من أفراد الاسرة الواحدة محرر ضدهم أكثر من محضر مما أصاب معظم المزارعين بالخوف من القبض عليهم لعجزهم عن سداد الغرامات، ويشير إلى أن المزارع كان يلجأ فى هذه الازمات إلى أعضاء الحزب الوطنى للمطالبة بإلغاء المحاضر ولكنهم هذه المرة وبعد الثورة لا يجدون أحدا يقف معهم ويساندهم في إلغاء غرامات الارز وإنقاذ المزارع من مصيره المحتوم!
أما بنك التنمية والائتمان الزراعى الذى أنشئ لخدمة المزارعين ومدهم بالقروض الحسنة والميسرة تحول إلى وحش ينهش لحم الفلاح ويمص دمه بلا رحمة، والأرقام الرسمية تقول إن هناك 2224 مزارعا ومستثمرا صغيرا فى مجال الأمن الغذائى مهددين بالسجن بسبب المديونية المتراكمة عليهم لبنك التنمية بالمحافظة بإجمالى 63 مليونا 666 الفا و488 جنيها منها 803 مزارعين بإجمالى 3 ملايين و189 الفا و88 جنيها و1421 مستثمرا صغيرا فى المجال الزراعى والأمن الغذائى بإجمالى مديونية بلغت 60 مليونا و647 الفا و500 جنيه! والغريب أن المزارع البسيط الذي تطارده الغرامات والفوائد تطارده أيضا رسوم كشوف الحساب الذى يرسلها البنك على عنوانه ويحصل على 15 جنيها على كل كشف ويتم إرسال الكشف كل 3 شهور!
واتهم المزارعون بالغربية إدارة بنك التنمية بالتواطؤ بسبب منحهم قروضا لغير الفلاحين مما أدى إلى زيادة عدد المتعثرين وبالتالى انعكس ذلك على خدمات البنك للمزارعين الجادين.
ويقول محمد البلتاجى مزارع بالغربية يجب إعادة النظر فى محاضر أكثر غرابة وهى التى تقوم وزارة العدل بفرضها على المزارعين تحت مسمى مخالفة الدورة الزراعية والتى ألغيت بالفعل بقرار وزير الزراعة فى عام 1995 أي قبل 17 عاما!
ويطالب بيومى درويش وشعبان عمارة وسمير خليل وكامل الفقى بضرورة توفير مياه الرى وأن تقوم الوزارة بدورها فى تطهير الترع والمجارى المائية فى محافظة الغربية وخصوصا فى نهايات الترع التى تحولت المجارى المائية فيها إلى مقالب للقمامة ومرتع لورد النيل ويتهم المزارعون وزارة الرى بتعمد إلحاق الضرر بالمزارعين بسبب توقف عمليات التطهير مما يهدد آلاف الأفدنة من البوار كما يطالب المزارعون الجمعيات الزراعية بسرعة صرف الأسمدة الخاصة بالمحاصيل الصيفية حتى يتمكن المزارعون من خدمة زراعاتهم.
ويشير المزارعون إلى مشكلة خطيرة تتعرض لها الأراضى الزراعية بسبب الانفلات الأمنى وهى تعدى بعض أصحاب الاعمال التجارية والصناعية كالورش على مساحات كبيرة من الاراضى على الطرق السريعة والفرعية وتبوير هذه المساحات لاستغلالها كمخازن لبضاعتهم! وتتسبب هذه المخازن فى حبس آلاف الأفدنة التى توجد خلفها وتحرمها من المياه، بالاضافة إلى صعوبة الوصول للاراضى لخدمتها، ويقول محمد مسلم أمين الفلاحين إنه حرر عدة محاضر بوجود عمليات تبوير واسعة للاراضى الزراعية فى نطاق مركز طنطا والمحلة ومعظم مدن المحافظة ولم يتحرك أحد من المسئولين لمنع هذه الكارثة التى تتعرض لها الأراضى الزراعية.
إنباتها 10٪ .. و4 آلاف فدان تم تدميرها في المنيا
الإدارات الزراعية تبيع تقاوي ذرة فاسدة للفلاحين!
أبشع خطر هو الذي يأتيك من مأمنك، وهذا ما حدث مع فلاحي المنيا، الجمعيات والإدارات الزراعية بالمحافظة أعلنت عن توافر تقاوي ذرة شامية عالية الإنتاج.. لم يكذب الفلاحون خبرا واندفعوا لشراء تقاوي أصناف «فرد 8 بايونير لوت 222» و«فرد 20/30 آي تك» و«فرد 10 بحوث» وزرعوا بها أكثر من 4 آلاف فدان وانتظروا أن تنبت التقاوي وتخرج نباتات صغيرة تحمل الأمل في إنتاج وفير من الذرة الشامية.
انتظروا أسبوعا واثنين وثلاثة أسابيع، وعندها اكتشفوا الكارثة تقاوي الذرة ميتة ونسبة إنباتها لا تتعدي 10٪!
سارع الفلاحون في نزلة ثابت ومينال بمطاوي وشوشة بسمالوط وصفانية بالعدوة بالشكوي لإدارة الإرشاد الزراعي بالمنيا ولكن شيئا لم يحدث!
ويروي سيد حسن - مزارع بنزلة ثابت - حكايته مع تقاوي الذرة الميتة فيقول: «اشتريت من الإدارة الزراعية تقاوي «فرد 8 بايونير» تكفي زراعة 16 قيراطا وبعد أن زرعتها فوجئت بأن نسبة الإنبات 7٪ فقط.
ويؤكد سيد خلف - موظف بالإدارة الزراعية بمطاي - أن تقاوي الذرة صنف «20/30 اي تك» لم تتجاوز نسبة إنباتها 9٪ ويقول: شركات التقاوي بالمنيا تعمل دون رقابة نظير عمولات ربحية لتسويقها، ويتم تقديم هذه التقاوي الفاسدة للمزارعين من خلال الجمعيات الزراعية وإدارات الإرشاد.
ويشير محمد علي - مزارع بمغاغة الي أن إنتاجية فدان الذرة في الأعوام السابقة كانت تتراوح بين 18 و24 إردبا للفدان، ولكن الفدان هذا العام لم تنتج سوي 4 أرادب علي أقصي تقدير.
نهايات الترع .. حزينة!
اختفت المياه .. وغاب المسئولون .. وحضر الموت والتلوث والعذاب في البحيرة
الأفلام العربية تنتهي دائما نهاية سعيدة.. البطل يقهر أعداءه ويتزوج حبيبته، وإن كان فقيرا تهبط عليه الثروة من حيث لا يدري.. هكذا نهايات الأفلام العربية، أما نهايات الترع فعلي العكس تماما.. تقهر كل أصحاب الأراضي المحيطة بها ويصبح غنيهم فقيرا وعزيزهم ذليلا.. وفي البحيرة حكايات مأسوية لمن شاء حظهم أن تكون أراضيهم في نهايات الترع.
محمد خالد - مزارع - يمتلك 3 أفدنة بقرية العرقوب بكفر الدوار وهي أرض تكفل له أن يعيش حياة رغدة سعيدة، ولكنه أبعد ما يكون عن السعادة.. في كل عام ينفق أموالا كثيرة علي تجهيز أرضه وتسميدها وزراعتها والاعتناء بها، وبعد كل ذلك تجف زراعته من العطش ثم تموت أمام عينيه بسبب عدم وجود مياه لريها في ترعة السعرانية.
جفاف مياه ترعة السعرانية حولها - كما يقول حسين صبري - مزارع - الي مقالب للقمامة ومرتع للحشرات والحيوانات الضالة.
وفي أبوالمطامير الحال أفضل قليلا فعندما تجف نهايات الترع من المياه يتعاون الفلاحون ويستأجرون ماكينات ري تنقل مياها إضافية الي الترع الفرعية حتي يتمكنوا من ري أراضيهم، وهو ما يجعل تكلفة ري القيراط الواحد في المرة الواحدة تفوق 15 جنيها ولهذا هجر الكثيرون زراعة أراضيهم بعدما عجزوا عن ريها.
وبصوت غارق في الحزن يقول عبدالحميد خليل - مزارع - تقدمنا بالعديد من الشكاوي الي مديرية الري بدمنهور لتطهير الترع بالكراكات ورفع أطنان القمامة والطمي التي تسدها لتصل المياه الي حقولنا، وفي كل مرة نتقدم بالشكاوي يكون الرد الجاهز: سيتم التطهير في أقرب فرصة، ولكن يبدو أن هذه الفرصة لن تأتي أبدا بدليل أنهم لم يطهروا الترع منذ سنوات.
ويقول عمران عبدالسلام: يبدو أن الحكومة لا تتحرك إلا بالمظاهرات وقطع الطرق ولهذا فلم يعد أمامنا حلول إلا أن نقطع الطرق ونتظاهر حتي يتكرم المسئولون بالنظر الينا، حتي نتمكن من زراعة أرضنا ونرويها بانتظام لنجد هامش ربح نعيش منه.
من حوش عيسي أكد صالح رزق - مزارع - أن غياب المياه عن ترعة البرنسيسة نعاني بشدة وتموت زراعاتنا من غياب المياه أغلب أيام شهور الصيف.
عدم وصول المياه الي نهايات الترع ليست كارثة زراعية فقط فالأخطر أن أغلب تلك الترع هي المصدر الوحيد لمياه الشرب في كثير من القري وبالتالي فإن غياب المياه عنها هو ببساطة حكم علي أهالي تلك القري بالموت عطشا والمرعب أن بعض الترع التي تصلها كميات قليلة من المياه تحولت الي مستنقعات مليئة بجثث الحيوانات الميتة ومخلفات المنازل أي أنها باختصار صارت أكبر موزع للأمراض والأوبئة علي كل من يقترب منها أو يجبره العطش علي الشرب من مياهها.. يحدث هذا كله ومسئولو محافظة البحيرة غائبون.. صامتون.. وكأن شيئا لم يحدث وبراءة الأطفال في عيونهم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.